مقدمة: عام من الحرب
خلال عام كامل منذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أصدرت وحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات سلسلة "تحليلات استراتيجية" لتحليل الأبعاد الاستراتيجية والعملياتية والتكتيكية التي برزت منذ ذلك الحين، بهدف إنتاج فهم تحليلي أفضل لهذه الأبعاد، وتسجيل الملاحظات والدروس المستفادة بعيدًا عن الدعاية "البروباغندا".
ومنذ ذلك التاريخ، انخرطت القوات الإسرائيلية في عمليات قتالية مباشرة وغير مباشرة في قطاع غزة، والضفة الغربية، ولبنان، واليمن، والعراق، وإيران. وبناء عليه، كيف يمكننا تقييم أدائها القتالي؟ وما مواطن قوتها وضعفها؟ وما النجاحات والإخفاقات التي واجهتها خلال السنة الماضية؟ يهدف هذا التحليل الاستراتيجي إلى مقاربة هذه الأسئلة عبر التركيز على المستوى العملياتي للحرب (بدلًا من المستوى الاستراتيجي).
ولأن العمليات لا تزال جارية في غزة ولبنان ومناطق أخرى، ينبغي التنويه لثلاث ملاحظات بخصوص هذه الورقة. أولًا، ليست الورقة تأريخًا عسكريًا للعمليات القتالية في عامي 2023 و2024، لذا لا تتّبع سبرًا كرونولوجيًا، بل تستعرض عمليات مختارة لتسليط الضوء على مواطن القوة أو الضعف. ثانيًا، وحدة التحليل هنا هي الجيش الإسرائيلي (وليست المقاومة، سواء في غزة أو لبنان). ومع ذلك، تسرد الورقة بعض التكتيكات التي استخدمتها الوحدات القتالية التابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ولحزب الله؛ بهدف تحديد كيفية تكيّف القوات الإسرائيلية وردّها على تلك التكتيكات. ثالثًا، في حين تقدّم الورقة تعليقًا سريعًا على العمليات المعلوماتية (الإسرائيلية)، تحاول تجنّب مخرجاتها كافة، بما في ذلك الدعاية والمبالغات. وإن كان تقييم هذه العمليات المعلوماتية وتأثير الدعاية العسكرية في الجمهور العربي وغير العربي يتطلب مزيدًا من البحث والتحليل والملاحظات لاستخراج الدروس المستفادة. وهذه بدايةٌ آمل أن تفتح الباب أمام مساهمات مستقبلية.