العنوان هنا
أوراق استراتيجية 20 سبتمبر ، 2022

الحرب الإسرائيلية على حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين: خلفيات معركة "وحدة الساحات" وآثارها الاستراتيجية

مجد أبو عامر

باحث ومقرر وحدة الدراسات الاستراتيجية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وسكرتير تحرير دورية "عمران للعلوم الاجتماعية". حاصل على الماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من معهد الدوحة للدراسات العليا، والبكالوريوس في القانون من جامعة فلسطين. تركّز اهتماماته البحثيّة على قضايا الانتقال الديمقراطي، والحركات الاجتماعية، والدولة العربية، والدراسات الفلسطينية.

وديع العرابيد

باحث مساعد في مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. 

مقدمة

بعد أربعة أيام من فرض حالة التأهب في مناطق مستوطنات "غلاف غزة"، بذريعة إحباط هجوم واسع النطاق يستهدف المدنيين بحسب رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لبيد، وبهدف "إعادة الأمن للمدنيين في دولة إسرائيل" وفق بيان جيش الاحتلال الإسرائيلي، شنّت إسرائيل في 5 آب/ أغسطس 2022 حربًا على قطاع غزّة سمَّتها "عملية بزوغ الفجر"، وذلك عقب توترات شهدتها الضفة الغربية على خلفية اعتقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، بسّام السعدي، من مخيم جنين شمال الضفة في 1 آب/ أغسطس 2022، وتهديد الحركة بالردّ على ذلك.

في معركة "سيف القدس" (10-21 أيار/ مايو 2021)، حدّدت قوى المقاومة الفلسطينية، خاصة كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ساعة الصفر من خلال إطلاق رشقات صاروخية تجاه الأراضي المُحتلة نتيجة عدم وقف الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته المستمرة في القدس ورفضه الخروج من المسجد الأقصى وحيّ الشيخ جرّاح، الأمر الذي فُسّر على أنّه تغيّر في قواعد الاشتباك بين قوى المقاومة وجيش الاحتلال؛ إذ باتت المقاومة تردّ على أيّ اعتداء إسرائيلي، لا على قطاع غزّة فحسب، بل على مدينة القدس أيضًا. إلا أن جولة التصعيد الأخيرة كشفت عدم راهنية هذا التغيّر؛ إذ لم يكن في مقدور المقاومة الفلسطينية تحديد ساعة الصفر، حيث أخذت إسرائيل الخطوة الأولى في شنّ حربها على حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة باغتيال قائد المنطقة الشمالية في جناحها العسكري سرايا القدس، تيسير الجعبري، مستدرجةً الحركة إلى مواجهة 56 ساعة من القصف الإسرائيلي منفردةً، بعد أن حيّدت حماس نفسها عن المعركة (علانية على الأقل)، كما فعلت عدّة مرات منذ انخراطها في اللعبة السياسية عام 2006، وتحوّلها من حركة مقاومة إلى حركة تجمع بين الحُكم والمقاومة، بالتزامن مع التحييد الإسرائيلي لها بأنّ المعركة ليست ضدّها ولا تستهدف قادتها ومواقعها، إضافة إلى أسباب أخرى منها تجنيب قطاع غزة حربًا شاملة قد تقود إلى كارثة على أهالي القطاع، خاصّةً أنّه ما زال يواجه تداعيات حرب عام 2021، وعدم عرقلة عملية إعادة إعمار القطاع، وإعادة استجماع قدراتها العسكرية بعد معركة سيف القدس؛ كاسرةً بذلك حلقة "وحدة الساحات"، التسمية الفلسطينية للمعركة الأخيرة، التي تُعدُّ أهم منجزات معركة سيف القدس، داخل الغرفة المُشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع؛ الجبهة المركزية لحركات المقاومة الفلسطينية المُسلّحة.

بناء عليه، ما خلفيات معركة وحدة الساحات في ضوء المواجهات في الضفة الغربية والحالة التنظيمية الآخذة في التشكّل فيها؟ وكيف يُمكن تقييم الأداء العسكري لسرايا القدس فيها؟ وإلى أيّ مدى يُمكن اعتبار أحداث المواجهة الأخيرة امتدادًا للهبّة الشعبية الفلسطينية (نيسان/ أبريل 2021)، ومعركة وحدة الساحات امتدادًا لمعركة سيف القدس؟ وما التداعيات الاستراتيجية للمعركة على الحالة النضالية الفلسطينية وحركة الجهاد الإسلامي من جهة، وعلى الساحة السياسية الإسرائيلية من جهة أخرى؟