/ACRPSAlbumAssetList/AlbumsImages/Book-Cover-On-Collective-Memory.png
مراجعات 03 سبتمبر ، 2020

مراجعة كتاب الذاكرة الجمعية لموريس هالبفاكس

زهير سوكاح

باحث مهتم بالتفاعل الحضاري بين الشرق والغرب، وبالدراسات ما بعد الاستعمارية، مع اهتمام خاص بالهجرة العربية والإعلام في الدول الناطقة بالألمانية. نُشرت له دراسات ومقالات متخصصة باللغتين العربية والألمانية. حصل سنة 2017 على شهادة الدكتوراه من جامعة هاينرش هاينه بدوسلدورف، ألمانيا، في تخصص الأدب الألماني عن أطروحة بعنوان "صورة الشرق في أدب الرحلات الألماني: مقارنة تحليلية بين نصوص رحلاتية من القرن التاسع عشر وبداية القرن الحادي والعشرين"

​عنوان الكتاب: الذاكرة الجمعية. 
المؤلف: موريس هالبفاكس. 
 ترجمة: نسرين الزهر. 
 الناشر: بيت المواطن للنشر والتوزيع. 
 مكان النشر: دمشق/ بيروت. 
 تاريخ النشر: 2016. 
 عدد الصفحات: 181 صفحة.


يعتبر عالم الاجتماع الفرنسي موريس هالبفاكس (1877-1945) المؤسس الفعلي لعلم اجتماع الذاكرة، وذلك بفضل أعماله السوسيولوجية التي ظهرت قبل نحو قرن من الزمن، والتي اهتم فيها، على غير عادة مجايليه، بموضوع الذاكرة التي كان يُنظر إليها، إلى حدود عشرينيات القرن الماضي، باعتبارها عملية داخلية ترتبط بالفرد المتذكر وتنحصر فيه، كما هو الحال عند أستاذه إميل دوركايم، إضافة إلى سيغموند فرويد، فبخلافهم، شدّد هالبفاكس في عمله الأول، الأطر الاجتماعية للذاكرة (Les Cadres sociaux de la mémoire (1925، على أن الذاكرة هي أيضًا ظاهرة مجتمعية وليست مجرد إرث بيولوجي كما كانت تعتقد الأوساط العلمية آنذاك. لذا، لم يكن مستغربًا أن يتعرض هذا التصور المُستجد لانتقادات عدة من رموز السوسيولوجيا الفرنسية، حيث نُظِر إليه باعتباره تعاملًا فضفاضًا مع ظاهرة نفسية داخلية، لا تُعد من قضايا البحث السوسيولوجي، وهذا ما دفع هالبفاكس طوال السنوات التي تلَت صدور هذا الكتاب الأولي إلى الاشتغال بعمق أكبر بنظريته حول البعد الاجتماعي للذاكرة في عمل جديد (وهو موضوع هذه المراجعة)، قبل أن يعتقل جهاز الغستابو الألماني هذا السوسيولوجي من أصول ألمانية يهودية سنة 1944، في باريس. وقد صدر هذا العمل غير المكتمل بعد خمس سنوات من وفاة هالبفاكس في معتقل بوخنفالد النازي، بعنوان الذاكرة الجمعية (1950) La mémoire collective غير أنه لم يَجذب إليه الاهتمام المأمول من جانب السوسيولوجيا الفرنسية، إلى أن أعيد اكتشافه خارج ميدان علم الاجتماع (مع بداية سبعينيات القرن الماضي تحديدًا) في خضم الاهتمام البارز آنذاك في فرنسا بقضايا التاريخ المعيش والمعاصر، ولا سيما مع جاك لوغوف، وبيير نورا، وهما من رواد الجيل الجديد لمدرسة الحوليات الفرنسية في تلك الفترة، وقد اهتمّا بعمل هالبفاكس واحتفيا به، إلى درجة أنه شكل، بالنسبة إلى نورا، الحافز التنظيري في تأسيس نظريته "أماكن الذاكرة" Les Lieux de Mémoire، كما تأثر به لوغوف في كتابه التاريخ والذاكرة Storia e memoria. واليوم تحولت الذاكرة الجمعية من مجرد عنوان كتاب إلى بارديغم جديد في العلوم الإنسانية والاجتماعية الغربية.


* هذه المراجعة منشورة في العدد 33 من مجلة "تبيّن" (صيف 2020، الصفحات 175-180)، وهي مجلة فصلية محكّمة يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات وتُعنى بشؤون الفكر والفلسفة والنقد والدراسات الثقافية.

** تجدون في موقع دورية "تبيّن" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.