في إطار تعاملها مع العلاقة الوثيقة بين الكتابة التاريخية وعملية التذكر، بوصفها وسيطًا لإنتاج السرديات التاريخية، تنطلق هذه الدراسة من فرضية أساسية تشدد على أنه بعد مراجعات عبد الرحمن بن خلدون للكتابة التاريخية العربية والتمييز النقدي، الذي دأب عليه الفلاسفة المسلمون الأقدمون بين المعرفة العقلية والمعرفة الشرعية، لم يجر منذ تلك الأعمال أي تأسيس لنقد إبستيمولوجي جدي وجديد يُسائل المحتوى الأيديولوجي والطبيعة المنهجية للسرديات الكبرى التي أنتجتها الذاكرة التاريخية للمنطقة العربية الإسلامية. ورغم الأشواط الفكرية غير الهينة، التي عرفها البحث التاريخي العربي خلال العقود الخمسة الأخيرة بالاستفادة من الزخم الفكري الغربي، فإن تجديده الشامل لا يزال في حاجة إلى إطلاق ورشة بحثٍ كبرى تعالج الممارسة التاريخية في المنطقة من جهة كونها نتاج ممارسة ذاكرية لم تُدرس طبائعها على الوجه المأمول.
* هذه الدراسة منشورة في العدد 33 من مجلة "تبيّن" (صيف 2020، الصفحات 13-29)، وهي مجلة فصلية محكّمة يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات وتُعنى بشؤون الفكر والفلسفة والنقد والدراسات الثقافية.
** تجدون في موقع دورية "تبيّن" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.