العنوان هنا
دراسات 03 يناير ، 2012

مناقشة نقديّة لأبحاث محمد جمال باروت عن الثّورة السّوريّة

الكلمات المفتاحية

نشر "المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السّياسات" على موقعه الإلكترونيّ سلسلة مقالات بعنوان: "العَقد الأخير في تاريخ سوريّة: جدليّة الجمود والإصلاح"، بقلم الباحث محمد جمال باروت، تتناول الثّورة السورية من حيث خلفيّاتها، ومسارها الحاليّ، مع تناول موجز ومكثّف لآفاقها المستقبليّة. وهكذا يتعاقب في هذه الأبحاث ويتقاطع تأريخ الماضي (العَقد الأخير في تاريخ سوريّة)، وتأريخ الحاضر (للأشهر الخمسة الأولى من الثّورة السوريّة الحاليّة)، واستشراف المستقبل من زاوية ما يجب أن يكون، وما يجب أن لا يكون.

ويبدو أنَّ الباحث كان ينوي كتابة أربع مقالات عن "الخلفيّة الاقتصاديّة-الاجتماعيّة- الثّقافيّة- السّياسيّة، لجدليّة الجمود والإصلاح في العقد الأخير من تاريخ سورية". وهذا ما يشير إليه ترقيم الدّراستين الأولى والثّانية (1/4، 2/4)؛ لكنَّ استمرار الحركة الاحتجاجيّة وتصاعدها، كان - على الأرجح - سببًا من الأسباب الّتي جعلته يكتب دراسة خامسة مؤلّفة من خمسة أجزاء/مقالات، وبدا واضحًا في آخر هذه المقالات أنَّ الباحث قد توقّف مؤقّتًا -على الأرجح - عن التّأريخ، لينتقل إلى استشراف المستقبل، وهكذا انتهت هذه السّلسلة من المقالات-الدّراسات، وأصبح من الممكن؛ إضافةً إلى كونه من المفيد -من وجهة نظري -؛ تناولها بالدّراسة والتّحليل والنّقد، بوصفها كتابًا ناجزًا نسبيًّا.

من النّاحية الشّكليّة، يمكن القول بدايةً، إنَّ العنوان الحاليّ للأبحاث "العقد الأخير في تاريخ سوريّة: جدليّة الجمود والإصلاح" لا يعبِّر إلّا عن مضمون الدّراسات الأربع الأولى فقط. فانطلاقًا من الدّراسة الخامسة، يبدأ الباحث بتأريخ أبرز وقائع الثّورة السّوريّة ودراستها، من شهر شُباط / فبراير حتّى نهاية شهر تمّوز / يوليو. وقد ظهرت أولى الدّراسات في شهر نيسان / أبريل، وصدر آخرها في شهر تشرين الأوّل / أكتوبر. وربّما كان من الضّروري مراجعة هذه الأبحاث - قبل النّشر الورقيّ المتوقّع لها -لتلافي بعض أخطاء اللّغة والتّنضيد والتّواريخ - وهي أخطاءٌ بسيطةٌ وناتجةٌ عن السّهو والاستعجال، على الأرجح - ولحذف بعض المعلومات أو الملاحظات المكرّرة من دون داعٍ أو ضرورة.

لقد ظهرت مقالات كثيرة تتناول الثّورات والحركات الاحتجاجيّة في البلاد العربيّة عمومًا، والثّورة السوريّة من ضمنها. ومع ذلك يمكن النّظر إلى هذه الأبحاث عن الثّورة السّوريّة، على أنّها أوّل دراسةٍ تحليليّةٍ وتأريخيّة واستشرافيّة مطوَّلة ومفصَّلة ومعمَّقة لهذه الثّورة المستمرّة حتّى الآن (تشرين الثّاني / نوفمبر 2011). ولهذا السّبب، ولكون هذه الأبحاث تتناول أمرًا مصيريًّا بالنّسبة إلى السوريّين كافّة، سأحاول تقديم مناقشة نقديّة لبعض أهمّ الأفكار والوقائع الّتي عرضتها هذه الأبحاث؛ وأقصد بالّنقد: العمل على إظهار مدى مشروعيّة هذه الأفكار، من جهة أولى، وحدود هذه المشروعيّة، من جهة ثانية. والنّقد -بكلامٍ تبسيطيّ- يظهر الإيجابيّات والسّلبيّات، في الوقت نفسه. ويمكن تبسيط آليّة عمل النّقد في صيغة: "... هذا حقٌّ، لكن....". وتنبثق مشروعيّة أيّ فكرة من معقوليّتها وواقعيّتها، أو بلغة المنطق، من صحّتها، أي اتّساقها الذاتيّ واتّساقها مع الأفكار الأخرى، وصدقها، أي اتّساقها مع الواقع. ويمكن تبيُّن هذه المعقوليّة بالبحث في أسسها النظريّة، وفي الوقائع أو القرائن المؤيّدة لها، وبمناقشة مدى اتّساق عمليّة استنباط النّتائج انطلاقًا من هذه الأسس والوقائع والقرائن.

لكنَّ الحديث عن مشروعيّة ما تطرحه الأبحاث من أفكار، يجب أن يقترن بالحديث عن محدوديّة هذه المشروعيّة. فمع أنّ هذه الأبحاث تتّسم بالعمق والشّمول، إلّا أنّها تبقى، مثل كلِّ الدّراسات والأبحاث، جزئيّةً ونسبيّةً، بدرجة أو بأخرى، تتجاور فيها وتتوازى عمليّات الظّهور والغياب أو الإظهار والتّغييب، انطلاقًا من الإطار النّظريّ الّذي تحاول الأبحاث تّأسيسه والبناء عليه. ولا يعني القول بجزئيّة الأبحاث الانتقاص منها أو التّقليل من شأنها، وإنّما يقصد به أنَّها غير شاملة، بمعنى أنَّها تتناول جزءًا من الواقع المدروس، ولا تستطيع تناول هذا الواقع بكليَّته. ونسبيّة الأبحاث تعني أنّها مرتهنةٌ بجزئيّتها، من جهة، وبعلاقتها بالمنهج الذي تتبنّاه، وبالإطار المعرفيّ الذي تطرح فيه أفكارها، من جهةٍ أخرى. ويختصر مصطلح "وجهة نظر (point of view or viewpoint)" أو مصطلح "منظورperspective) )" ما نقصده بجزئيّة الأبحاث وبالمعرفة الإنسانيّة عمومًا. فهذان المصطلحان يوضّحان »لماذا نرى شيئًا على هذا النّحو وليس على نحوِ آخر«. وباختصار، تعبِّر جزئيّة الأبحاث ونسبيّتها عن ضرورة منهجيّة وإبستيمولوجية وأنطولوجية، في الوقت نفسه، وهذه الضّرورة محايثة للأبحاث، وللمعرفة الإنسانيّة بصفة عامّة، بما في ذلك المعرفة "العلميّة". وهكذا ستحاول المناقشة إظهار ما الذي يقوله البحث أو يريد قوله، وما الذي لا يقوله أو لا يريد قوله، مع إظهار معاني هذا الحضور والغياب أو دلالاتهما وأهميّتهما في إستراتيجيّة الخطاب، وفي الواقع الذي يتناوله هذا الخطاب، على وجه الخصوص.

تنقسم دراسة الباحث محمد جمال باروت إلى ثلاثة أقسام رئيسة. يعرض القسم الأوّل ويناقش تحليل خلفيّة الثورة السوريّة، بدراسة العقد الأخير من تاريخ سورية. ويتناول القسم الثّاني تأريخ الأشهر الخمسة الأولى من الثّورة السّوريّة وتحليلها. ويُكرَّس القسم الأخير لمناقشة الرّؤية الاستشرافيّة، المعروضة في الأبحاث، لآفاق سورية، انطلاقًا من وضع الثورة-الأزمة الذي تعيشه. وقبل البدء في هذه الأقسام، أودّ الإشارة إلى أنَّ هدف هذه الدّراسة لا يكمن في تقديم تلخيص يكون البديل المكثّف لهذه الأبحاث عن الثورة السوريّة؛ على العكس من ذلك تمامًا، تهدف هذه الدّراسة إلى حثِّ قارئها على العودة إلى قراءة هذه الأبحاث، بتأكيد أهميّتها وقيمتها الكبيرة.

- للاطلاع على المناقشة النقدية كاملة انقر هنا

- للاطلاع على دراسة الباحث محمد جمال باروت:

الحلقة 5/1

الحلقة 5/2

الحلقة 5/3

الحلقة 5/4

الحلقة 5/5 الجزء 5/1

الحلقة 5/5 الجزء 5/2 

الحلقة 5/5 الجزء 5/3

الحلقة 5/5 الجزء 5/4

الحلقة 5/5 الجزء 5/5