العنوان هنا
دراسات 22 مايو ، 2013

عن المثقّف والثّورة

الكلمات المفتاحية

عزمي بشارة

المدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ورئيس مجلس أمناء معهد الدوحة للدراسات العليا. مُفَكِّر وباحث عربي. نُشر له العديد من الكتب والدراسات والبحوث بلغات مختلفة في الفكر السياسي، والنظرية الاجتماعية، والفلسفة. ومن أبرز مؤلفاته باللغة العربية: المجتمع المدني: دراسة نقدية (1996)؛ من يهودية الدولة حتى شارون (2004)؛ في المسألة العربية: مقدمة لبيان ديمقراطي عربي (2007)؛ أن تكون عربيًّا في أيامنا (2009)؛ في الثورة والقابلية للثورة (2012)؛ الدين والعلمانية في سياق تاريخي (جزآن في ثلاثة مجلدات 2013، 2015)؛ الجيش والسياسة: إشكاليات نظرية ونماذج عربية (2017)؛ تنظيم الدولة المكنى 'داعش': إطار عام ومساهمة نقدية في فهم الظاهرة (2018)؛ في الإجابة عن سؤال ما الشعبوية؟ (2019)؛ الانتقال الديمقراطي وإشكالياته: دراسة نظرية وتطبيقية مقارنة (2020)، ومنها كتبٌ أصبحت مرجعيةً في مجالها. وصدر له مؤخرًا كتاب بعنوان مسألة الدولة: أطروحة في الفلسفة والنظرية والسياقات (2023).

نُشر له العديد من المؤلفات باللغة الإنكليزية، آخرها كتاب Palestine: Matters of Truth and Justice (2022) عن دار Hurst للنشر؛ وكتاب On Salafism: Concepts and Contexts (2022) عن دار نشر جامعة ستانفورد؛ وكتاب Sectarianism without Sects (2021) عن دار نشر جامعة أوكسفورد. كما نُشرت له ثلاثية الثورات العربية باللغة الإنكليزية عن دار نشر I.B. Tauris، والتي تُعدّ مُساهمة تحليليّة نظريّة إضافة إلى كونها تأريخًا وتوثيقًا للثورات العربية التي اندلعت عام 2011 في ثلاث دول عربية: تونس، ومصر، وسورية، وهي: Understanding Revolutions: Opening Acts in Tunisia (2021)؛ Egypt: Revolution, Failed Transition and Counter-Revolution (2022)؛ Syria 2011-2013: Revolution and Tyranny before the Mayhem (2023).

لا تتوخّى هذه المقالة أن تكون بحثًا سوسيولوجيًّا أو تاريخيًّا شاملًا في موضوع المثقّفين والثورات، بل هي مقالة فكريّة مفهوميّة الطبع تنتج المعرفة عبر النقد كما عبر التمييز والتفريق في المصطلحات، لغويًّا ومفهوميًّا وتاريخيًّا: "المثقّف"، "الانتلجنسي"، "المثقّف العضوي"، وأخيرًا "المثقّف العمومي" الذي يتمّ التركيز على ثقافته العامّة التي تتجاوز الاختصاص مع كونه مثقّفًا عموميًّا في الوقت ذاته، أي متفاعلًا مباشرةً مع المجال العمومي وقضايا المجتمع والدولة.

بيد أنّ رحلة التمييز والتفريق لا تتوقّف هنا، بل تتواصل لترسم الحدود بين المثقّف والعامل في مجالٍ معرفي يستثمر فيه نشاطه الذهني أساسًا، والأكاديمي المنهمك في اختصاصه وحده، والفاعل الاجتماعي الذي يُعْنى بشؤونٍ عديدة دون فقه مجال واحد في العمق، وصولًا إلى التمييز بين المثقّف وبقيّة أفراد المجتمع.

هكذا، تتوصّل المقالة، عبر ضروب التمييز ونقد بعض الرؤى، إلى ما تعدّه العلّة وراء اكتساب صفة المثقّف، وهي القدرة على اتّخاذ المواقف استنادًا إلى قاعدة معرفيّة تمكّن من التوصّل إلى أحكامٍ قيميّة أو معياريّة. وبذلك تُعاد الأهمّية إلى الأدوات النظريّة، وإلى النظريّة التي هي، في معناها الهيغلي وبحكم تعريفها، نفي الواقع وإشارةٌ إلى إمكاناته الكامنة.

ويُجلى الربط بين المثقّف والثورة، مزيدًا من الجلاء عبر الإشارة العيانيّة إلى افتقاد المقالة في الثورات العربيّة كلًّا من المثقّف الثوري الذي يحافظ على مسافةٍ نقديّة ليس من النظام فحسب بل من الثورة أيضًا، والمثقّف المحافظ القادر على أن يشرح ضرورة الحفاظ على النظام وإمكانات التغيير القائمة فيه والحكمة التي تنطوي عليها الدولة وتقاليدها. وذلك قبل التمعّن في ضروب المثقّفين بحسب مواقفهم من الثورة، وفي مهمّة المثقّف الثوري التي لا تنتهي مع تفجّر الثورة بل تصبح أعقدَ وأهمّ بالغةً ذروتها في صوغ البدائل من الوضع القائم بعد الثورة.