العنوان هنا
مراجعات 30 أكتوبر ، 2019

مسار التجديد في الكتابة التاريخية عند إبراهيم القادري بوتشيش:

قراءة في كتاب "المهمشون في تاريخ الغرب الإسلامي"

خالد بلعربي

أستاذ التعليم العالي في قسم التاريخ جامعة سيدي بلعباس، الجزائر


المؤلف: إبراهيم القادري بوتشيش.

عنوان الكتاب: المهمشون في تاريخ الغرب الإسلامي: إشكاليات نظرية وتطبيقية في التاريخ المنظور إليه من أسفل.

العنوان الأصلي: الأصلي.

الناشر: رؤية للنشر والتوزيع.

سنة النشر: 2014

عدد الصفحات: 310 صفحات



مقدمة

لمع اسم الباحث إبراهيم القادري بوتشيش في سماء البحث العلمي الأكاديمي المتعلق بتاريخ العرص الوسيط؛ إذ تمكن من شق طريق في مجال بحثي كان بكرًا في ساحة البحث التاريخي العربي، واستطاع بجده واجتهاده وتكوينه المتميز على يد أستاذه محمود إسماعيل تسليط الضوء على مناطق معتمة من تاريخ الغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط، مستعينا بخلفية منهجية ونظريات أوروبية فيما اصطلح عليه بـ"التاريخ الجديد"، وهو تاريخ من الأسفل يركز على دراسة تاريخ الناس ومعتقداتهم وسلوكهم وحياتهم اليومية.

وإذ يخط بوتشيش طريقه في هذا المجال، فإنه قد استطاع المساهمة في بناء حقل بحثي جديد يتعلق بتاريخ الذهنيات، وهو الحقل الذي بقي مغيّبًا في الإنتاج التاريخي العربي؛ فمؤلفاته وأبحاثه ومشاركاته العلمية ومحاضراته في الجامعات المغربية والعربية دليل على هذه المساهمة الواضحة.

كان تاريخ الذهنيات شغله الشاغل، فقد بذل جهده وعلمه ووقته كله في دراسته والتنقيب عنه، وكانت عُدّته في ذلك التفتح على مصادر بحثية جديدة، تصنف في عداد المهمل من كتب الجغرافيا والرحلات والنوازل، وكتب الأحكام والعقود والتراجم والمناقب والسير والسحر والشعوذة والعلوم الخفية، وكتب الحسية، لیلمّ شتات معلوماتها ويضفي عليها لمساته المنهجية المتميزة وتحليلاته العلمية المنفتحة على شتى المناهج، ويخرج علينا بصفحات جديدة في تاريخ ذهنيات الغرب الإسلامي.

من بين المصنفات المهمة التي أنتجها بوتشيش في سياق توجهه البحثي، كتابه المهمشون في تاريخ الغرب الإسلامي: إشكاليات نظرية وتطبيقية في التاريخ المنظور إليه من الأسفل. وهذا الكتاب، كما هو مبين في عنوانه، يسلط الضوء على الحركات السياسية والمذهبية المناوئة للسلطة في تاريخ الغرب الإسلامي بمراحله المختلفة، وهو كتاب على قدر كبير من الأهمية؛ إذ يطلعنا من خلال قراءة جديدة، بآليات منهجية جديدة أيضا، على فحوى هذه الحركات بعيدًا عن ظلم وتحيّز كتابات البلاط التي شوهتها، ووصفت قادرها بأشنع الأوصاف بفعل انتمائها إلى صف السلطان، وهو ما يحتّم على هذه الكتابات أن ترى في هذه الحركات خروجا على السلطان. ویتبيّن، بجلاء، للمطلع على هذا الكتاب، صدق القراءات التي جاء بها المؤلف. فقد أنصف هذه الحركات ووضعها في إطارها وسياقها التاريخي العام، ونوّع في مصادر قراءاته حتى يخرج باستنتاجات من شأنها أن تبقى الباب مفتوحا أمام دراسات مستقبلية تواصل تسليط الضوء على هذه الحركات، وتفتح باب النقاش حول ما يعتقده بعض الدارسين بشأن قدسية كتب التاريخ السياسي.


*هذه المراجعة منشورة في العدد العاشر من مجلة "أسطور" (تموز/ يوليو 2019)، وهي مجلة محكّمة للدراسات التاريخية المتخصصة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات كل ستة أشهر.

** تجدون في موقع دورية "أسطور" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.