العنوان هنا
دراسات 23 يونيو ، 2012

المشهد السّياسي التونسيّ من الإدماج الحسّي الانتخابيّ إلى إكراهات التّجربة السلطويّة العمليّة2/2

سهيل الحبيّب

حاصل على الدكتوراه في اللغة والآداب العربية، اختصاص حضارة (فكر عربي حديث ومعاصر)، من كلية الآداب بمنوبة (2003). باحث بخطة أستاذ محاضر بمركز الدراسات الإسلامية ـ جامعة الزيتونة تونس. له العديد من المؤلفات، أبرزها: وصل التراث بالمعاصر: قراءة نقدية في طرح الماركسيين العرب (1998)؛ وخطاب النقد الثقافي في الفكر العربي المعاصر: معالم في مشروع آخر(2008)؛ وفي تشكيل الخطاب الإصلاحي العربي: تطبيقات على الفكر الإصلاحي التونسي (2009)؛ فضلًا عن المشاركة في كتب جماعية وأعمال ندوات، ومجموعة من الدراسات والمقالات في مجلات عربية مختلفة.


 ملخّص

تمثّل هذه الورقة جزءًا ثانيًا مكمّلًا للورقة التي ضمّناها قراءةً في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، التي جرت في تونس يوم 23 تشرين الأوّل / أكتوبر 2011[1]. وقد حاولنا في تلك القراءة أن ندلّل على وجاهة طرحٍ، مفاده أنّ ما سمّيناه "الإدماج الحسّي المباشر" في الخطاب السّياسيّ، كما في الخطاب الأيديولوجي؛ كان عاملًا حاسمًا في هذه الانتخابات، من حيث نسبة الإقبال التي شهدتها، ومن حيث النتائج التي أفرزتها. وكان مناط الرّهان في هذه القراءة -كما أكّدنا في خاتمة الورقة- هو قدراتها التّحليليّة والاستشرافيّة لإشكالات الواقع التونسي في مرحلة ما بعد انتخابات 23 تشرين الأوّل / أكتوبر 2011، وذلك من منطلق مواصلة الدّفاع عن الطرح الذي تبنّيناه منذ الأسابيع الأولى التي تلت هروب بن علي من تونس مساء 14 يناير 2011[2]. وينبني هذا الطّرح على القول إنّ الأنموذج التغييري الذي تُجسّده الثورة التونسيّة، يطرح إشكالات عديدة حينما نجعل الانتقال الديمقراطي أفقًا موضوعيًّا له. وإنّ هذه الإشكالات لا يمكن حلّها إلّا عبر تفعيل الرّؤية الإصلاحيّة القائلة بالتّغيير المجتمعي الشّامل -وأساسه التّغيير الثقافيّ- الذي يستغرق مدّةً من الزّمن؛ وذلك خلافًا لما فُكّر فيه وفُعّل في خضمّ الحراك التونسيّ ما بعد 14 يناير / كانون الثاني 2011، من رؤيةٍ تقول بالتّغيير الثوري (القاطع والفوري)، الذي أساسه حلّ المسألة الدستوريّة والمسألة السلطويّة[3].

 


[1]  سهيل الحبيّب، "دور الإدماج الحسّي سياسيًّا وأيديولوجيا في الانتخابات التونسية"، موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 12/02/2011: http://www.dohainstitute.org/Home/Details?entityID=5d045bf3-2df9-46cf-90a0-d92cbb5dd3e4&resourceId=340ccddb-4ec8-49bd-ab2b-b639d3f6c942.

[2] سهيل الحبيّب، "الانتقال الديمقراطي في التفكير العربي المعاصر أمام إشكالات أنموذج ثورة 14 يناير"، ورقة مقدّمة إلى مؤتمر: الثورات والإصلاح والتحوّل الديمقراطي في الوطن العربي: من خلال الثورة التونسيّة، الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 19- 20 نيسان / أبريل2011. وهي منشورة في: مجموعة مؤلفين، ثورة تونس: الأسباب والسياقات والتحدّيات (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012).

[3]  استبطن السياق التونسيّ في فترة ما بعد الثورة ضربًا من المقابلة بين "الثورة" و"الإصلاح"، انطلاقا من استبطان المفهوم الماركسيّ اللينينيّ للثورة؛ وذلك بفعل التأثير القويّ الذي مارسته قوى اليسار الراديكالي بعيد 14 كانون الثاني / يناير 2011. إذ لا مبرّر للمقابلة بين مفهومي الإصلاح والثورة -كما يبيّن عزمي بشارة- إلا داخل الخصومة "التاريخية" بين اللّينينيّين "الثوريّين" وخصومهم "الإصلاحيّين / التحريفيين". انظر: عزمي بشارة، "في الثورة والقابليّة للثورة"، موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السّياسات، 22/8/2011: <http://www.dohainstitute.org/file/pdfViewer/599c0c0a-751c-4e1f-ae1f-63718451290c.PDF>، ص 25.