العنوان هنا
دراسات 23 يناير ، 2013

تقييم بيانات التركيب العمري والنّوعي لسكان إمارة أبوظبي استنادًا إلى التّعداد السكّانيّ لعام 2005

الكلمات المفتاحية

محمد أحمد الخولي

أستاذ جامعي في قسم الرياضيات والإحصاء في كلّية العلوم الإدارية، أكاديمية السادات للعلوم الإدارية. وهو حاصل على درجة الدكتوراه في الإحصاء الحيوي والسكاني من جامعة القاهرة.عمل سابقا رئيسًا لقسم التخطيط في بلدية المنطقة الغربية في إمارة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وشغل أيضًا منصب أخصائي جودة وتقييم أكاديمي في جامعة قطر، وباحث في المركز الديموغرافي في القاهرة، ومراجع جودة وتخطيط إستراتيجي للمؤسسات الجامعية في وزارة التعليم العالي لجمهورية مصر العربية.وقد شارك في عدد من الندوات وورش العمل والمؤتمرات الإقليمية والدولية في مجالات: نظم الجودة والتقييم الأكاديمي، التخطيط الإستراتيجي، إدارة الجودة الشاملة، قضايا النوع الاجتماعي، وأساليب التحليل الإحصائي والديموغرافي.

مقدمة

تُعدّ عملية تقييم بيانات التركيب العمريّ والنوعيّ وتحديد مدى جودتها من العوامل المهمة التي تساعد أيّ دولةٍ في رسم الخطط والسياسات السكانيّة المستقبليّة؛ وذلك من خلال إجراء التّقديرات والإسقاطات السكانيّة على أساسٍ سليمٍ. ومن بين الدّول المهتمّة بهذه العمليّة، دولة الإمارات العربية المتحدة. ومع تزايد اهتمام الدول بالإحصاءات الدّيموغرافيّة؛ أصبحت بيانات العمر والنوع من المتغيّرات الأساسيّة لوصف التركيبة السكانيّة، وللقيام بالتّخطيط بغية توفير كافة الخدمات الأساسيّة[1].

وتأتي الحاجة إلى ضرورة تقييم الإحصاءات الديموغرافيّة من تعرّض إحصاءات السكّان -التي يجري الحصول عليها من التّعدادات أو من التسجيل الحيوي أو من الوسائل الأخرى- لكثير من الأخطاء. وكثيرًا ما ترتبط تلك الأخطاء بالمعوّقات التي تواجه دقّة التسجيل في المنطقة محلّ الاهتمام، وبالأساليب المستخدَمَة في جمع البيانات، وكذلك بكفاءة الطّرق التي المطبَّقة. ويتوقّف تقييم حجم الأخطاء التي تتعرّض لها بيانات السكّان العمريّة والنّوعيّة، على مجالات استخدام هذه البيانات؛ خصوصًا منها تلك التي تتطلّب بياناتٍ دقيقة جدًّا، كما هي الحال عند اتّخاذ القرارات بشأن مشكلةٍ ما أو رسم خططٍ تتوقف عليها سياسات الحكومات. وإلى وقتٍ قريبٍ جدًّا، كانت الحكومات تولي اهتمامًا ضعيفًا لتقييم دقّة الإحصاءات الديموغرافيّة، في حين أنّها أصبحت الآن تدرك بصورةٍ أوسع، أنّه لا غنى عن وجود برامج ملائمة لفحص دقة الإحصاءات الأساسيّة للسكان؛ بغية الاعتماد على موثوقيّتها في التنبؤ والتخطيط، خصوصًا عند إجراء تقديرات السكان[2].

ومن هذا المنطلق، كان توفّر بياناتٍ شاملة ودقيقة عن التركيب العمريّ والنوعيّ في إمارة أبوظبي بدولة الإمارات، في جميع أماكن إقامة السكّان؛ ضرورةً ملحّةً تسهم في عمليات التّخطيط، وتقدير احتياجات السكّان ومتطلباتهم من السلع والخدمات وكافة مقومات الحياة الأساسية والكماليّة أيضًا، يحقِّق الاستغلال الأمثل لموارد الدولة بصورةٍ صحيحةٍ. فالتوزيع العمريّ والنوعيّ للسكان له أهميّته لدى مخطِّطي البرامج السكانيّة والتنمويّة داخل الدولة في دراسة تغيُّرات السكان وخصائصهم، سواء منها التّعليميّة أو الصحيّة أو الزّواجية أو الاجتماعيّة. كما لهذا التوزيع أهمّيته في دراسة تغيرات الخصوبة عند المرأة في سنوات الإنجاب، وحساب معدلات الخصوبة والوفيات، وبعض المؤشِّرات السكّانيّة؛ وفي دراسة حجم قوة العمل والإنتاج داخل المجتمع. وإضافةً إلى ذلك، يُعدُّ التوزيع العمريّ والنّوعيّ للسكان ركيزةً أساسيّةً عند رسم خطط التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، بهدف الاستفادة الكاملة من الموارد المتاحة في ضوء الإمكانيات البشريّة المتوفرة[3].

لذا تسعى الدراسة إلى تحليل بيانات التركيب العمريّ والنوعيّ لسكان إمارة أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة وتقييمها، استنادًا إلى نتائج تعداد السكّان لعام 2005. كما تحاول هذه الدّراسة تقييم جودة البيانات الحاليّة؛ ومدى إمكانية الاسترشاد بها مستقبلًا عند وضع الخطط والإستراتيجيات التي تستهدف معالجة نواحي القصور في عمليات الحصر والتسجيل الحيوي لسكان إمارة أبوظبي عند إجراء التعدادات السكانية القادمة. ويُعدّ التعداد العام لسكان إمارة أبوظبي عام 2005، من أهمّ المصادر التي اعتمد عليها الباحث لجمع البيانات والتحليل الديموغرافيّ وتقييم جودة بيانات التركيب العمريّ والنوعيّ، لكونه آخر التعدادات المنشورة نتائجها خلال فترة إجراء الدراسة.

تتطلب تلبية احتياجات السكان ومطالبهم في جميع المجالات داخل إمارة أبوظبي الاعتماد على بياناتٍ دقيقة في ما يخصّ أعداد السكّان بحسب العمر والنوع. وذلك حتى يكون وضع السّياسات والتخطيط واتّخاذ القرارات اللّازمة في المستقبل صحيحًا وواقعيًّا.

وتتوقف دقة عمليّة جمع بيانات التّعداد العام للسكّان في إمارة أبوظبي على دقة تسجيل العدّادين، وعلى مدى وعي العنصر البشريّ المُدلي بالبيانات، إضافة إلى تأثرها بعاداتٍ وتقاليد بعض المناطق النائية في إمارة أبوظبي التي ترفض الإفصاح عن أيّ بياناتٍ تخصّ الإناث. وتشوب البيانات الخاصة بالعمر والنوع العديد من الأخطاء في بعض الأحيان نتيجة عدة عوامل اجتماعيّة وثقافيّة مثل الأميّة، وانخفاض المستوى التعليمي في تلك المناطق؛  وهو ما يؤثِّر في رصد وتسجيل البيانات والمؤشرات السكانيّة بصورةٍ صحيحةٍ. ونتيجة لذلك، تصبح التّقديرات المستقبليّة للسكّان غير دقيقة؛ إذ أنّها تعتمد بصورةٍ أساسيةّ على دقة بيانات التوزيع العمريّ والنوعيّ للسكان وجودتها، ممّا يؤثِّر في  نجاح سياسات التخطيط المعتمدة على تلك البيانات.

وتتفاوت هذه الأخطاء من منطقةٍ إلى أخرى داخل إمارة أبوظبي؛ بحسب وعي السكّان بأهميّة النظم الإحصائيّة، وأساليب جمع البيانات، ومدى تبنِّي سياساتٍ وطرق لنشر الوعي بين المواطنين والأفراد المقيمين داخل الإمارة بأهميّة الدقّة في الإدلاء بالبيانات الصحيحة التي تساهم في التخطيط لتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم. ويمكن تصنيف الأخطاء التي يتعرّض لها التّعداد العامّ للسكان في أيِّ دولةٍ إلى نوعين كالآتي:

أخطاء الشمول  Coverage Errors: وهي ترجع إلى قصورٍ في العدّ أو تكرارٍ فيه، أو إلى عيوبٍ في المراحل الإداريّة. خاصة للفئات الخاصة مثل البدو والمقيمين في الجزر والمناطق النائية لإمارة أبوظبي، مما يؤثر على عملية الشمول النسبي لعملية العد من مختلف فئات العمر.

أخطاء المحتوى أو المضمون Content Errors: وهي ترجع إلى أخطاء الإجابة ببيانات غير صحيحة، مثل الإبلاغ الخاطئ عن العمر، أو تجاهل الإدلاء ببيانات صحيحة، أو إغفال العدد الحقيقي للإناث داخل الأسرة، أو عدم وعي المواطنين بالأسئلة نتيجة خطأ العدادين القائمين بجمع البيانات في توجيه الأسئلة بدقة وسهولة، أو قلة تدريبهم. علاوة على ذلك قد يكون هناك أخطاء في عمليات تفريغ البيانات وتصنيفها وتقسيماتها المختلفة.

 


[1]  اللجنة الوطنية للسكان، وزارة الاقتصاد الوطني، سلطنة عمان، تقييم جودة بيانات العمر، 2010.

[2] United Nation. "Methods of Appraisal of Quality of Basic Data for Population Estimates", MANUAL II, Population Studies, Department of Economic and Social Affairs, Population Branch, New York, No.23,  1995.

[3]  الشلقاني، مصطفى. طرق التحليل الديموجرافي، ط2 (الكويت: جامعة الكويت، 1994).