/ACRPSAlbumAssetList/Images/image99f83cae-af1e-4e2e-8a9a-bd3c146e6e2e.jpg
دراسات 17 ديسمبر ، 2014

المقدس والديمقراطية: المشروعية الدينية للملكية في أفق التحوّل الديمقراطي، حالة المغرب وتايلاند

الكلمات المفتاحية

سمير هلال

أستاذ زائر للعلوم السياسية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في جامعة محمد الخامس في الرباط – المغرب، وعضو هيئة التحرير بمركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية. حاصل على شهادة دكتوراه في العلوم السياسية من جامعة محمد الخامس. نشر العديد من المقالات والدراسات عن الديمقراطية والتحول الديمقراطي، وعمل في الصحافة وفي عدد من وسائل الإعلام المغربية.

  ملخص تنفيذي

يجد المسار الديمقراطي في مجتمعات عرفت تطوّرًا سياسيًا واجتماعيًا مخالفًا تمامًا للتجارب الغربية نفسه في مواجهة أنماط ثقافية ومؤسسات تحكمها محدّدات غير عقلانية، من قبيل الدين والإرث التاريخي وهالة الزعيم. هذه الوضعية تكرّس الاعتقاد بأنّ الدفع بالمسلسل الديمقراطي في هذه المجتمعات رهين بوضع قطيعة مع كل ما يتنافى مع هذه المبادئ كما هو متعارف عليها عالميًا، وتحكيم العقل في تدبير الشأن السياسي. فالديمقراطية التي هي الوجه السياسي للحداثة، اقتضت في البلدان الغربية إصلاحًا دينيًا جعل هذه الدول تنتقل من أنظمة تيوقراطية إلى أنظمة علمانية، تفصل بين الدين والسياسة، وتشكّل قطيعة بين السياسي والمقدّس.

في المقابل، ألا يمكن أن نعدّ المكانة التي تتمتّع بها المؤسّسة الملكية في المغرب وتايلاند بفضل المشروعية الدينية قد تشكّل حصنًا منيعًا ضدّ أي انزلاق قد يعرفه المسلسل الديمقراطي، وخاصّة أنّ المجتمعين لم يتعوّدا بعد على الاحتكام للقانون والمؤسسات لتدبير الخلافات؟

وسنسعى من خلال الإجابة عن هذه الأسئلة إلى رصد مدى تأثير المشروعية الدينية للملكية في المغرب في التنمية السياسية، واستشراف موقعها داخل المشهد السياسي في ظلّ تجربة التحوّل الديمقراطي والتطوّرات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد، وذلك بالمقارنة مع نموذج الملكية في تايلاند.

وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنّ موجة الديمقراطية التي تعيشها البلدان العربية طرحت تحدّيات أمام الأنظمة الوراثية التي تستمدّ جزءًا كبيرًا من مصادر مشروعيتها من الدين، ما أدّى إلى فتح نقاشات أكثر حدّة هذه المرّة، حول إمكان التحوّل الديمقراطي في ظلّ المشروعية الدينية لهذه الأنظمة.

وتجد الدراسة أهميتها كذلك، في الانفتاح على التجارب الآسيوية من خلال مقارنة بين المغرب، البلد العربي، وتايلاند التي يحكمها نظام ملكي، تمكّن من التأقلم مع التطوّرات والتغيّرات التي شهدتها البلاد في طريقها نحو تحقيق الديمقراطية. فتايلاند تُعدّ من الملكيات غير الأوروبية القليلة التي استطاعت، على الأقل في بعض الفترات من تاريخها السياسي، المزاوجة بين النظام الوراثي والتداول على السلطة.

وسننطلق في إجراء المقارنة بين علاقة المشروعية الدينية للملكية في المغرب وتايلاند بالتطوّر الديمقراطي في البلدين من فرضية مفادها أنّ الديمقراطية بصفتها وجهًا من وجوه الحداثة تتعارض مع المشروعية الدينية مصدرًا من المصادر التقليدية للمشروعية السياسية، وأنّ التطوّر نحو الديمقراطية رهين القطع مع جميع المصادر التقليدية التي تعتمد عليها الأنظمة لتثبيت مشروعيتها.

ومن الناحية المنهجيّة، نرى أنّ المنهج المقارن يتلاءم مع الهدف من دراستنا. وسنعتمد، في هذا الإطار، على المقارنة عبر الدولية من أجل فهم التأثير المتبادل بين المشروعية الدينية للمؤسّسة الملكية والتطوّر الديمقراطي في المغرب وتايلاند. وقد تمّ اختيار المشروعية الدينية للمؤسّسة الملكية في المغرب وتايلاند وحدتين للمقارنة. ونرى أنّ قابلية إنجاز هذه المقارنة تتحقّق من خلال هاتين الوحدتين بالنظر إلى موقع الدين في الحياة السياسية في البلدين، بصفتهما مصدرين أساسيين من مصادر المشروعية السياسية للنظام الملكي من جهة، ومحدّدين للسلوك السياسي للنخب والمواطن من جهة أخرى.