العنوان هنا
دراسات 04 ديسمبر ، 2011

هجرة العمالة من المغرب إلى أوروبا (هولندا نموذجا)

الكلمات المفتاحية

هاشم نعمة فياض

أستاذ جامعيّ وباحث، حاصل على البكالوريوس في علم الجغرافية من كلية الآداب جامعة البصرة عام 1974. نال شهادة الدكتوراه- التّخصّص الدّقيق الجغرافية السكّانية والدراسات السكّانية من أكاديميّة العلوم الهنغارية عام 1989. عمل في التدريس والبحث العلميّ في معاهد المعلّمين والجامعات ومراكز البحث العلميّ في العراق والمغرب وليبيا وهولندا. نشر العديد من الكتب والدراسات والبحوث والمقالات ومراجعات الكتب وله ترجمات من اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربيّة. شارك في العديد من المؤتمرات المتخصّصة والنّدوات في عدد من الدّول. عضو الهيئة الاستشاريّة لمجلّة (مقاربات) الأكاديميّة التي تصدر في المغرب.

مقدّمة

فرضت ظاهرة الهجرة الدوليّة وعلاقتها بالتّنمية نفسها على المستوى الأكاديميّ ومستوى معاهد الأبحاث والمنظّمات المتخصّصة، وذلك، بسبب اتّساع هذه الظاهرة، وزيادة تأثيراتها الاقتصاديّة والاجتماعيّة والسياسيّة المتشابكة، والمؤثّرة في المستوى المحلّي والإقليميّ والعالميّ. إنّ تأثيرات الهجرة في الأشخاص والمجتمعات والدّول عميقة ومتعدّدة الأشكال، وأغلب هذه التّأثيرات مرتبط بعمليّة التّنمية، إمّا بشكلٍ مباشر أو بشكلٍ غير مباشر. ومن هنا، تأتي أهمّية البحث المعمّق لتحليل آليّات عمل العلاقة بين الهجرة والتّنمية.

لقد شكّل النّقاش رفيع المستوى حول الهجرة الدوليّة والتّنمية على صعيد الأمم المتّحدة، تأكيدًا تاريخيًّا على العلاقة الواضحة بينهما. كذلك، فإنّ الفرص المختلفة والتحدّيات المتعلّقة بهذا الموضوع، وخاصّةً السياسيّة منها، قد تؤسّس لمشاركة فعّالة لتحقيق قدر أكبر من المنفعة للهجرة، بغية تطوير كلٍّ من بلدان الأصل والاستقبال وحماية حقوق المهاجرين. ومن هنا، يتحتّم إيلاء هذا الموضوع ما يستحقّه من اهتمام، واقتناص هذه الفرصة من قبل الدّول النّامية وبالأخصّ العربيّة منها ليكون مردود الهجرة أكبر من خسائرها.

ومن ناحية بلدان المغرب العربيّ، تكتسي دراسة هجرة العمالة أهمّية كبيرة ومتزايدة نظرًا لتاريخها الطّويل وحجمها الكبير، ولدورها المتزايد من النّاحية الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافية وحتّى السياسيّة في بلدان الأصل والاستقبال.

ولكن، يلاحظ أنّ هذا الموضوع لم يلق الاهتمام البحثيّ الكافي في البلدان العربيّة، التي تشترك في هذه الظّاهرة، ومنها بلدان المغرب العربيّ. وهذا يعود لعدّة أسباب، منها ضعف مؤسّسات البحث العلميّ عمومًا، والمعنيّة بالهجرة خصوصًا، وقلّة توثيق معطياتها وقلّة الشّفافيّة في بحثها. ونظرًا لقلّة أو ندرة الدّراسات والبحوث الأكاديميّة المعمّقة التي تعالج الموضوع - وعلى مستوى هولندا تحديدًا - ارتأينا أنّه من المفيد البحث في هذا الموضوع. وقد اتّبعنا منهج التّحليل الإحصائيّ المقارن؛ من أجل الوصول إلى نتائج ذات قيمة علميّة، يمكن الرّكون إليها في الدّراسات والأبحاث الأكاديميّة.

أهداف الدّراسة

تهدف الدّراسة إلى تحليل سياسات هجرة المغاربة إلى أوروبا، وتحليل ومقارنة حجم وطبيعة جاليتهم مع الجاليات المهاجرة الكبيرة والصّغيرة، متّخذةً من هولندا نموذجًا، نظرًا لتزايد ثقل المهاجرين القادمين من البلدان العربيّة فيها من الناحية الديمغرافيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة؛ وخصوصًا المهاجرين المغاربة منهم، حيث يركّز البحث على دراسة تطوّر حركتهم الاجتماعية عبر الزمن ونمط توزيعهم الجغرافيّ وبنيتهم العمريّة والنوعيّة، وتطوّر مستوى الخصوبة ومعدّل الوفيات، والبنية العائليّة والتّعليم والبنية المهنيّة، والاندماج في المجتمع الهولنديّ، والتّحويلات الماليّة التي يقومون بها. وسيتمّ التّركيز على العلاقة المتبادلة بين الهجرة والتّنمية الاجتماعيّة- الاقتصاديّة، وبالأخصّ انعكاساتها على بلدان الأصل.