العنوان هنا
دراسات 20 نوفمبر ، 2013

الترجمة وتطوير العربية: الوجه والقفا

الكلمات المفتاحية

حسن حمزة

​أستاذ تعليم عال، فئة أولى، بجامعة لوميار - ليون2، فرنسا، ومدير مكتب المعجمية والمصطلحية والقاموسية والترجمة العربية. حائز على دكتوراه الدولة من قسم علوم اللسان بجامعة ليون 2، وعلى دكتوراه الحلقة الثالثة من قسم الدراسات الإسلامية بجامعة إكس إنْ بروفانس، وعلى دبلوم الدراسات العليا من الجامعة اللبنانية.و أشرف على عدد من فرق البحث العلمي ولا سيما في إطار المشروع الفرنسي التونسي (CMCU) عن المصطلح العلمي العربي في المصادر القديمة. ترجم ونشر عددا من الكتب منها المجمل في العربية النظامية عن المجلس القومي للترجمة في مصر (2007)، وحرب اللغات والسياسات اللغوية عن المنظمة العربية للترجمة في بيروت(2009)، والمثال والشاهد في كتب النحويين والمعجميين العرب عن دار الهلال في بيروت(2010)، والوحدة والتنوع في النظرية النحوية العربية عن مكتبة لبنان (2012).

ينطلق هذا البحث من واقعة التعدّد اللغوي التي تدفع إلى التواصل. وكلّ تواصل هو ترجمة تسعى إلى ردم الهوّة بين المتباعدين. وما إن تتواصل لغتان حتى تترك كلّ واحدة منهما بصماتها على الأخرى، اقتراضًا وتوليدًا.

غير أنه إذا ما كان للترجمة مثل هذا الوجه الإيجابي المجدِّد الذي يطوّر اللغة (العربية هنا)، فإن لها أيضًا عللها أو قفاها السلبي الذي يتجلّى في ظواهر مثل زيادة المقترضات زيادة مفرطة، وفوضى التوليد المصطلحي، والتعدّد الدلالي، والاشتراك اللفظي... إلخ. وإذا ما كانت الترجمة العربية القديمة قد اقتصرت في اقتراضها على ما يُدعى العلوم الصحيحة، كالطب والكيمياء وغيرهما، من دون أن تقترض أيّ شيء تقريبًا على صعيد العلوم الإنسانية، فإن المقترضات في كلّ مكان، وفي كلّ باب في الترجمة الحديثة.

تقف اللغة العربية اليوم أمام عدد هائل من المفاهيم والمصطلحات في شتّى العلوم والمعارف، وعليها أن تؤدّي الدور التاريخي المنوط بها، وأن تعمل، كما عملت في السابق، على إغناء معجمها ورفده بما يمكّنه من استيعاب التطوّر المعرفي الذي يجري في اللغات الأخرى. والحال، أنّه ممّا يحول دون ذلك عثرات الترجمة الحديثة وعيوبها وسوء أدائها في مستوى اللغة، وفي مستوى الخطاب. وهذا ما يورد الباحث الأمثلة عليه ويعمل على تنظيره وتحليله. ولعلّ أهمّ ما ينبّه إليه، على سبيل التدارك، هو أن ترجمة تجعل همّها استبدال مصطلح من هذه اللغة بمصطلح من تلك، ليست ترجمة بالمعنى الحقيقي للكلمة، لأنّها تهتمّ باللغة في مفرداتها ومصطلحاتها وأنظمتها، ولا تجعل الخطاب في أولوياتها، ولا تعتبر أن المهمّة الأولى نقل الرسالة التي في النصّ، لا إعداد الكلمات المتقابلة بين هذه اللغة وتلك.


*هذه الورقة منشورة في العدد السادس من دورية "تبيّن" (خريف 2013، الصفحات 7-22)، وهي مجلة فصليّة محكّمة متخصّصة في الدراسات الفكريّة والثقافيّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات.

** تجدون في موقع دورية "تبيّن" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.