بدون عنوان

عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات السيمنار الأسبوعي في يوم الأربعاء الموافق 1 شباط/ فبراير 2017، تحت عنوان "الجيش حافز أم عائق للتحول الديمقراطي: حالة الجزائر أنموذجًا"، وقدمه الدكتور العياشي عنصر، الذي انطلق في أطروحته من أنّ الجيش في كلّ دول العالم هو أحد المقومات الرئيسة في قيام الدولة واستقرارها، والحفاظ عليها، في مواجهة الضغوط والمخاطر المحلية والخارجية على حدٍ سواء؛ وهو الذي يمثّل، إلى جانب عناصر القوى المادية الأخرى، إحدى أدوات فرض سلطة الدولة، وإقامة مؤسساتها بشكلٍ طبيعي تبعًا للقوانين واللوائح العامة التي ترسم سياسة الدولة، وتحدّد مواقفها سواء تعلق الأمر بمسائل السياسة الداخلية أم الخارجية. ويرى الباحث أنّ للجيش والمؤسسة العسكرية دورًا فاعلًا في بناء الديمقراطية والحفاظ عليها. ويحدث ذلك في حال خضع الجيش إلى قواعد عمل مؤسّسية واضحة ودقيقة، ترسم له مجالات تدخله وآليات عمله ضمن الإطار العام للنظام السياسي القائم الذي يحظى بالتوافق والاتفاق من طرف جميع القوى الاجتماعية الفاعلة. ولكن يحدث أيضًا، وفقًا للباحث، أن يخرج الجيش عن النطاق الذي ترسمه له القواعد الدستورية المتوافق عليها، والتي تشكل الإطار العام المحدد لطبيعة النظام السياسي والموجه لسياساته وأسلوب عمله. وإذا حدث ذلك، يصبح الجيش مركز ثقل وتحديد طبيعة النظام، وقوةً أساسية متدخلة في صناعة القرارات الحاسمة المتعلقة بإدارة أجهزة الدولة ومؤسساتها؛ ما يعني التأثير في حياة ملايين الناس، وربما قضايا أخرى إستراتيجية تحدد حاضر المجتمع ومستقبله، وتحدد طبيعة الدولة ومآلها.

وقد طرح الدكتور العياشي مجموعةً من التساؤلات بشأن النظر إلى دور الجيش والمؤسسة العسكرية في بناء الدولة، وهل يعدّ الجيش عاملًا محفزًا ومساعدًا على قيام الدولة الوطنية الحديثة، أم هو عامل معوق لهذه العملية؟ ومتى يمكن اعتبار مشاركة الجيش في الشأن العام إيجابية وضرورية، وتحت أي ظروف؟ وقد حاول الباحث بناءً على هذه التساؤلات تحليل مكانة الجيش ودوره في الحياة السياسية في الجزائر، وتحليل الظروف التاريخية والشروط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يمكن أن تجعل من الجيش قوة اجتماعية رئيسة، ومؤسسة محورية فاعلة في حياة المجتمع، وتوضيح تأثيرات حضور الجيش المكثف في الحياة السياسية.

وفي الختام، قدّم الأستاذ الحواس تقية، الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، تعقيبًا شاملًا على أطروحة الدكتور العياشي، أعقبه نقاشٌ عام شارك فيه جمهور الحاضرين.