العنوان هنا
تحليل سياسات 28 نوفمبر ، 2013

مصر بعد "رابعة العدويّة": احتجاجات مستمرّة ومرحلة انتقاليّة إلى أجلٍ غير مُسمّى

الكلمات المفتاحية

هاني عواد

باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومدير تحرير دورية عمران. عمل سابقًا مساعدًا أكاديميًّا في جامعة بيرزيت، التي نال منها شهادة الماجستير في الدراسات العربيّة المعاصرة. حاصل على شهادة الدكتوراه في التنمية الدولية من جامعة أكسفورد في بريطانيا. تتركز اهتماماته البحثية على الحركات الاحتجاجية، والسوسيولوجيا التاريخية، وسوسيولوجيا المكان، وسياسات الريف، والسوسيولوجيا الحضرية والنظرية السياسية. صدر له كتاب عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر بعنوان "تحولات مفهوم القومية العربية: من المادي إلى المتخيل".

مقدمة

بإعلان وزير الدفاع المصريّ عبد الفتّاح السيسي في 3 تموز/ يوليو 2013 عزل أوّل رئيس مصريّ منتخب، دخلت مصر مرحلةً جديدة تتسّم بقدرٍ كبيرٍ من عدم الوضوح. وفي حين رجّحت التخمينات الأولى بعد الانقلاب العسكريّ عودة النظام القديم بأركانه وممارساته السابقة، فإنّ الصورة الحالية تكشف أنّه لا أحد من القوى السياسيّة المصريّة يملك تصوّرًا واضحًا عن شكل النظام السياسيّ الجديد، كما أنّ خريطة التحالفات التي من المفترض أن تحكم المسار السياسيّ لم تتضّح معالمها بعد. والواضح - حتى الآن - هو تثبيت إمساك العسكر والأمن بمفاصل الدولة، وأنّ ثمة محاولات سياسيّة وأمنيّة لتصفية منجزات ثورة 25 يناير، بالإضافة إلى وجود النزعات السلطوّية والشعبويّة السائدة.

يبدو في الإعلام حاليًا أنَّ ثمة معسكرين سياسيين كبيرين؛ الأوّل يضمّ القوى الإسلاميّة التي جرت محاصرتها بعد انقلاب 3 تموز/ يوليو، والتي تناضل بشكلٍ شبه يوميّ تحت شعارات رفض الانقلاب العسكريّ وإعادة الاعتبار للأوضاع التي كانت قائمة قبل الانقلاب. يقابله معسكر آخر أقصى الإسلاميين وعطّل المسار الديمقراطي ودخل في مرحلةٍ من الانتظار لما هو آتٍ، معوّلًا على الجيش؛ وهو السلطة الحقيقية التي تدير البلاد. وغيّب هذا الاستقطاب ما كان يُسمّى سابقًا بـ "التيّار الثالث"[1].

ومع ذلك، يبقى التوصيف السابق مغرقًا بالعموميّة، وبخاصة في ما يتعلق بطبيعة نظام الحكم اليوم، فمجمل السلوكيّات والتصريحات الصادرة عن القوى السياسيّة التي أيّدت الانقلاب العسكريّ تكشف بأنّ الجيش وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر على استيلائه على السلطة السياسية لم يبادر بعد إلى التقرّب من قوى سياسيّة بعينها، وهو سلوك لا يُفهم منه سوى الحرص على اتخاذ مسافة من القوى السياسيّة التي طالبته بأن يكون طرفًا في العمليّة السياسيّة. وعلى الرغم من أنّ هذه القوى شجّعت الجيش على تصفية خصومها السياسيين، فإنَّ الجيش لا يشركها في عمليّة صنع القرار، واكتفى عمليًا باستخدامها، أو استخدام تحريضها المتواصل على حكم الرئيس محمد مرسي، لخلق الأجواء المواتية للانقلاب.

تحاول هذه الورقة متابعة الوضع المصري وفهمه وتحليله؛ إذ تتابع في قسمها الأوّل تطوّرات المشهد الميدانيّ بعد فضّ اعتصاميّ رابعة العدويّة وميدان النهضة، وتحلل في قسمها الثاني تطوّرات المشهد السياسيّ، لتخلص إلى محاولة توضيح بعض ملامح النظام المصريّ الجديد وتحالفاته الآنيّة.



[1] حول القوى التي كان يُعوّل عليها بأنّها تمثل تيّارًا ثالثًا؛ انظر: وحدة تحليل السياسات، "الأزمة المصريّة: مخاض الديمقراطيّة العسير"، تحليل سياسات، الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 12 كانون الأوّل/ ديسمبر 2012:

http://172.17.30.6:3030/sites/doiportal/ar/politicalstudies/pages/the_egyptian_crisis_the_strenuous_path_to_democracy.aspx