العنوان هنا
تقييم حالة 15 مارس ، 2012

انتخابات المجلس الوطنيّ التّأسيسيّ التونسيّ: الإطار، المسار، والنّتائج

الكلمات المفتاحية

عبد اللطيف الحناشي

أستاذ التاريخ المعاصر والآنيّ في كلية الآداب جامعة منوبة- تونس، وهو باحث وكاتب متخصص في القضايا العربية. أصدر كتابين، المراقبة والمعاقبة بالبلاد التونسيّة: الإبعاد السياسي نموذجا وتطور الخطاب السياسي في تونس إزاء القضية الفلسطينية، إلى جانب مجموعة من الأبحاث حول السياسة العقابية والقضية الفلسطينية وقضايا المغرب العربي في دوريات عربية وأجنبية.

مقدمة

تعدّ الانتخابات بمختلف أنواعها أحد أهمّ مؤشّرات المشاركة السياسية، على الرّغم من اختلاف دلالاتها ونتائجها. وتمثّل انتخابات "المجلس التّأسيسيّ" في أيّ بلدٍ قيمة مضافة واستثنائية باعتبار وظيفتها التّأسيسيّة، حيث يتولّى المجلس صياغة دستور البلاد ليكون أساس القواعد القانونيّة التي تفتح المجال لإنشاء دولة القانون.

واستجابةً للمطالب الشعبيّة، أعلن رئيس الجمهورية التونسيّة المؤقّت يوم 3 آذار / مارس 2011 تعليق العمل بدستور عام 1959 وحلّ مجلسي النوّاب والمستشارين المنبثقَين من الدستور المعلّق، والانطلاق في إجراءات انتخاب مجلس وطني تأسيسيّ. وكان ذلك يعني إرجاع السّيادة والسلطة التّأسيسيّة إلىالشّعب التونسيّ، الذي يعدّ مصدر الشرعيّة. وقد تجلّت ضرورة انتخاب المجلس التّأسيسيّ باعتباره السبيل الطبيعي والديمقراطي الملائم ليستعيد الشعب كرامته وحقّه في تقرير مصيره ومستقبله، بعد أن استوفى الدّستور الأوّل للجمهوريّة التونسيّة (حزيران / يونيو 1959) وظيفته التاريخية عقب انتهاك بنوده ومبادئه منذ أن تمّ اختيار الرئيس الحبيب بورقيبة رئيسًا مدى الحياة في  آذار / مارس1975، واستمرّت الانتهاكات مع الجنرال بن علي، بعد أن سيطر على السّلطة يوم 7 تشرين الثاني / نوفمبر 1987،وذلك بهدف إضفاء مشروعيّةٍ دستوريّة زائفة على نظامه وتكريس نظامٍ فرديٍّ استبداديّ[1].

وقد جرت انتخابات المجلس التّأسيسيّ يوم 23 تشرين الأوّل / أكتوبر 2011 في مناخٍ إيجابيّ فاجأ المراقبين داخل تونس وخارجها، خاصّةً بعد إعلان النّتائج التي رَسمت خريطة سياسيّة جديدة للقوى الحزبيّة في تونس.

ونهدف من خلال هذه الدّراسة إلى معالجة وتحليل بعض الإشكاليّات الرئيسة والثانويّة ذات العلاقة بالانتخابات ونتائجها، وأبرزها:

  • خصوصيّة آليّات العمليّة الانتخابيّة في مجتمعٍ يعيش مرحلة الانتقال الديمقراطيّ بعد عقودٍ من الاستبداد. وما يفرزه ذلك من شدٍّ وجذبٍ بين القوى السياسيّة المختلفة المشاركة في العمليّة.
  • عرض نتائج الانتخابات وتحليلها، ودراسة أسباب وعوامل فوز أحزاب وخسارة أخرى، وأداء المستقلّين في هذه الانتخابات.

[1]  محمد بوزقرور، الأنظمة السياسية والدساتير التونسية، (المنستير- تونس: مطبعة فرشيوي، 2011)، ص150. مع العلم أنّ التعديلات التي أُدخلت على دستور سنة 1959 كانت 12 تعديلًا، ستّة منها في عهد بورقيبة وستّة في عهد بن علي.