العنوان هنا
مراجعات 19 مايو ، 2019

مراجعة كتاب سؤال القيمة: مقاربة لرصد إشكالية القيمة في فلسفة لافيل لهشام بن جدو

نورة بوحناش

أستاذة فلسفة الأخلاق والقيم في جامعة قسنطينة- الجزائر.


عنوان الكتاب: سؤال القيمة: مقاربة لرصد إشكالية القيمة في فلسفة لافيل.

العنوان الأصلي:  The Question of value:An Approach to Study the Value Problematic in Lavelle Philosophy.

المؤلّف: هشام بن جدو.

الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة.

 تاريخالنشر: 2018.

عددالصفحات: 339 صفحة.

في مقابل العلموية المتطرفة، والوضعية المشيِّئة للعالم ببعديه المادي والأخلاقي الروحاني، انفجر، منذ أربعينيات القرن العشرين، حقل الأكسيولوجيا مَظهرًا مثيرًا من مظاهر التفكير الفلسفي المعاصر. ثم جدد ذاته في بداية هذا القرن، معبّرًا عن وقفة فلسفية تنظر في أبعاد الوجود البشري، بعدما سجلت البُعديات صيرورة حضارية تثير الأزمة، وتدعو إلى أسس جديدة لأخلاق إنسان ما بعد الواجب. وبعد أن صار الإنسان حدثًا صناعيًّا، يطالب بإعادة صياغة ذاته في المنظور القريب، على أنه إنسان آخر فوق الإنسان ذي النمط الطبيعي التقليدي، إنسان يفوق الإنسان الحاضر، يشرئب إلى التجاوز نحو أفق المغايرة.

إذًا، يؤلّف سؤال القيمة أكثر البوادر التفاتة إلى طبيعة الإنسان، بما هو حيوان مقوم؛ لذلك لا بد من السؤال عن جدوى رصد إشكالية القيمة في فلسفة لويس لافيل: هل من جدوى لمثل هذه المقاربة، بعد ما سجل الماوراء نفسه ضمن قراءات أخرى مباينة لتلك التي أحاطت بسؤال القيمة في الأكسيولوجيا الفرنسية، ذات المنزع الروحاني؟ وما التأويل الذي تقدّمه هذه الأكسيولوجيا، لحل أزمة القيمة، بعد التفكك الدؤوب لأنظمة القيمة، بفعل النقد المابعدي الراهن؟ إنه بحث حاضر عن جدوى هذا الرصد، يثير الاستفهام، إذا كنا بصدد تجديد فلسفة لافيل، والسؤال عنها، في زمان موت المعيار في زمان الفردانية المطلقة.

تراجعت فلسفة القيمة، إلى حد بعيد، مقابل النمو الكبير للفلسفات التحليلية، ولا سيما بعد الحرب العالمية الثانية، غير أنّ الوضع البشري راهَن، ويراهن، دائمًا على أن الإنسان حيوان قيمة، وكل استشرافاته للوجود يقتضي انصهارًا مركزيًا للأنطولوجيا بالأكسيولوجيا، وأن تقدير الوجود يبدأ بمساءلة قيمه، وأن الوجود لا يوجد إلا بوجود القيمة. وبناء عليه، فإن سؤال القيمة يُعدّ سؤالًا محوريًا في زمان سلطة الإنسان المركزية على الطبيعة؛ ليس لأنه استطاع السيطرة على الظواهر، وإعادة تصنيعها، بل لأن الظاهرة، في حد ذاتها، ليست عالمًا وصفيًا صرفًا، إنما هي جزء ظاهر لأبعاد مخفية، تستدعي المساءلة القيمية، وهذا ما يثير القلق، ويفرض التفكير في القيم.


* هذه المراجعة منشورة في العدد 28 من مجلة "تبيّن" (ربيع 2019، الصفحات 117-123)، وهي مجلة فصلية محكّمة يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات وتُعنى بشؤون الفكر والفلسفة والنقد والدراسات الثقافية.

** تجدون في موقع دورية "تبيّن" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.