العنوان هنا
مراجعات 09 يناير ، 2018

هل جرت أسلمة التطرف؟ مراجعة كتاب "الجهاد والموت"

هيثم مزاحم​

أستاذ جامعي وباحث لبناني مختص في شؤون الشرق الأوسط والإسلاميات. نشر كتبًا عدة أبرزها: حزب العمل الإسرائيلي(1968-1999)، تطور المرجعية الشيعية: من الغيبة إلى ولاية الفقيه، وكيف تحدث الثورات؟ وقد ساهم في 12 كتابًا آخر عن الحركات الإسلامية والجهادية.

عنوان الكتاب في لغته: Le Djihad et la mort

 

عنوان الكتاب: الجهاد والموت.

 

المؤلف: أوليفييه روا .

 

المترجم: صالح الأشمر.

 

سنة النشر: 2017 .

 

الناشر: دار الساقي، بيروت.

 

عدد الصفحات: 160 صفحة.

 

يلاحظ الباحث الفرنسي المعروف والمختص بالشؤون الإسلامية أوليفييه روا، في كتابه المُعنْوَن "الجهاد والموت"، الصادر في أصله الفرنسي سنة 2016، وبترجمته العربية سنة 2017، ارتباط الإرهاب والجهادية بالسعي المتعمد للموت، وهذه المسألة هي محور الكتاب، ومنها استمدّ عنوانه. فمن عملية الجزائري خالد كلكال من "الجماعة الإسلامية المسلحة"، منفذ تفجيرات مترو باريس في 29 أيلول/ سبتمبر 1995 إلى تفجيرات مسرح باتكالان في باريس في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، نجد أن هؤلاء الإرهابيين أقدموا على تفجير أنفسهم أو الاشتباك مع الشرطة حتى الموت، من دون أن يحاولوا الهرب، بل إنّ موتهم لم يكن ضروريًا دائمًا لإنجاز عملياتهم.

يقول روا إن العنف الإرهابي و"الجهادي"، الآخذ في الانتشار منذ عقدين من الزمن، ينطوي على حداثة متأصلة، على الرغم من أن الإرهاب والجهاد ليسا بظاهرتين جديدتين، إذ ظهرت أنواع "الإرهاب العالمي" الذي "ينشر الرعب باختياره لأهداف ذات رمزية رفيعة، أو على العكس باستهداف مدنيين "أبرياء" من دون أن يعبأ بالحدود، منذ سبعينيات القرن الماضي، حين نشأ تحالف بين عصابة "بادر" الألمانية وأقصى اليسار الفلسطيني والجيش الأحمر الياباني.

لتأكيد مقاربته عن سعي "الجهاديين" للموت، يستشهد روا بكلام أحد "الجهاديين" الفرنسيين دافيد فالا الذي اعتنق الإسلام وكان قريبًا من خالد كلكال وزوّده بسلاحه؛ إذ يقول: "كانت القاعدة هي ألا يؤخذ حيًا. فعندما رأى كلكال رجال الدرك علم أنه سيموت، وأراد أن يموت". وردد أحدهم قولًا منسوبًا إلى مؤسس تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن: "نحن نحب الموت، أنتم تحبون الحياة".

إذًا، لم يعد موت الإرهابي مع "الجهاديين" احتمالًا، بل أصبح في صلب مشروعه، وخصوصًا مع المنضمين إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" الذين يعدّون الهجوم الانتحاري الغاية المثلى لالتزامهم.

هذا الاختيار المنهجي للموت من الجيل الجديد للجهاديين أمر مستجد؛ إذ كان منفذو الهجمات في الفترة 1970-1980، سواء كانوا من الشرق الأوسط أم من غيره، يساريين أم إسلاميين، يرتبون عملية فرارهم بعناية، لأن الفقه الإسلامي، وإن كان يقر بفضل الشهيد الذي يقتل في الجهاد، فإنه يحرّم الانتحار. من هنا يطرح الباحث روا أسئلة عن سبب اختيار هؤلاء "الجهاديين" الجدد الموت المنهجي، إضافةً إلى تفسير ذلك بشأن التطرف الإسلامي المعاصر.


* نشرت هذه المراجعة في العدد 29 (تشرين الثاني/ نوفمبر 2017) من مجلة "سياسات عربية" (الصفحات 105-109) وهي مجلة محكّمة للعلوم السياسية والعلاقات الدولية والسياسات العامة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات كل شهرين.

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.