انتقلت شرارة الاحتجاجات العربيّة إلى المغرب عن طريق حركة 20 فبراير. وقد كانت مرشّحةً للتطوّر، لولا المناورة الاستباقيّة التي أقدم عليها الملك من خلال تعديل الدّستور، وتنظيم تشريعاتٍ سابقةٍ لأوانها. وعلى الرّغم من أنَّ حزب العدالة والتّنمية لم يدعم الحركة، فقد كان أوّل المستفيدين منها؛ بحيث فاز في الانتخابات بنتائجَ غير مسبوقة، أهَّلته لقيادة الحكومة في أحوالٍ سياسيّة ودستوريّة متميِّزة، تحت شعار "الإصلاح في إطار الاستمرار". ولئن كان الحكم بفشل التّجربة أو نجاحها أمرا سابقًا لأوانه، نظرًا إلى أنَّ الحكومة لا تزال في بدايتها، فإنَّ المحصّلة الأوليّة تبيِّن أنَّ العدالة والتنمية لم يدفع - إلى حدود السّاعة - في اتّجاه تحقيق إصلاحاتٍ مؤسَّسية أساسية، تكون في منزلة القوّة الدّافعة للإنجاز في القطاعات المختلفة. إذ يبدو أنَّ منطق الاستمرار، قد غلب منطق الإصلاح، أو لنقل قيَّده إلى أبعد الحدود. قد تستمرّ الحكومة على الرّغم من محدوديّة الإنجاز، لكن إن بقي الأمر على ما هو عليه، فسيفقد الحزب ذو التوجّه الإسلاميّ الكثير من رصيده، شأنه في ذلك شأن تجارب حزبيّة أخرى عرفها المغرب.
* هذه الدراسة منشورة في العدد الثاني من دورية "سياسات عربيّة" (أيار / مايو 2013)، الصفحات: 73-82، وهي دورية محكّمة تعنى بالعلوم السياسيّة والعلاقات الدوليّة والسياسات العامّة، يصدرها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كل شهرين.
** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.