العنوان هنا
مراجعات 01 يناير ، 2017

"رسائل الأسماك" ما تقوله مذكرات الجنرال همداني: الوصاية الإيرانية على سورية

الكلمات المفتاحية

فاطمة الصمادي

د.فاطمة الصمادي باحث أول في مركز الجزيرة للدراسات مختصة بالشأن الإيراني، تحمل درجة الدكتوراه من إيران عن رسالتها حول المضامين النسوية في سينما المرأة الإيرانية. لديها عدد من الكتب والأبحاث المتعلقة بالشأن الإيراني من أبرزها: التيارات السياسية في إيران،(2012) والتقارب الإيراني الأميركي: مستقبل الدور الإيراني( 2014)

 

عنوان الكتاب في لغته: پیغام ماهی ها (رسائل الأسماك).

المؤلف: كَلعلى بابايى

الطبعة: الأولى

سنة النشر: 2015 - 2016

الناشر: "انتشارات بعثت 27 " (دار نشر تابعة للحرس الثوري الإيراني).

عدد الصفحات: 512

 

مقدمة

بات تقليدًا أن تقدم النخبة السياسية والعسكرية في إيران مذكراتها التي تؤرخ لحياتهم الشخصية وما عايشوه وشاركوا فيه سياسيًا وعسكريًا. وقد تختار بعض الشخصيات مقطعًا زمنيًا خاصًا، لتقول شهادتها حول ما شهدته من أحداث سياسية ومنعطفات. ولعل أية الله هاشمي رفسنجاني وحجة الإسلام حسن روحاني ومحمود علي جعفري من أبرز الأسماء التي تحضر على هذا الصعيد.

وتقدم المذكرات في كثير من جوانبها معلومات ووقائع تعين على فهم كثير من القضايا والمواضيع ذات العلاقة بالشأن الإيراني، من دون أن يغفل المتابع الظروف والحيثيات التي رافقت هذه المذكرات أو تلك، فهذا الكتاب على سبيل المثال يمكن اعتباره أول مرجع من الممكن أن يُطلق عليه صفة المرجع الشامل الذي يتناول الملف النووي الإيراني. ومن الممكن اعتباره من المذكرات الشفاهية للتاريخ المعاصر للثورة الإسلامية.

وعلى غرار الساسة، دخل القادة العسكريون وضباط الحرس على خط تدوين المذكرات، وتحول بعض إنتاجهم إلى أفلام سينمائية قدمها مخرجون يلتزمون الخط السياسي للجمهورية الإسلامية. فقد بدأ قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري تدوين مذكراته فاتحًا الباب أمام غيره من ضباط الحرس لتدوين مذكراتهم التي انصبت على فترة الحرب العراقية - الإيرانية ومواجهاتهم مع الجيش العراقي، التي يعطيها الإيرانيون عنوان "حرب الدفاع المقدسة". وبعد التدخل الإيراني في سورية، بدأت تُنشر كتب تتضمن شهادات توثق بصورة استعراضية للدور الإيراني هناك، لكن ما قُدم حول العميد حسين همداني ومهمته الأخيرة في سورية يحوي معلومات مهمة. وسبق أن قدم همداني مذكراته حول الحرب في كتاب الواجب يا أخي، لكن شهادته حول سورية تكتسب أهمية من كونها تقدم معلومات مغايرة وجديدة.

نشرت إيران عددًا من الكتب التي احتفت بهمداني، ومنها كتاب ساعت ۱۶ به وقت حلب (الساعة الرابعة بتوقيت حلب)، ويرسم فيه المؤلف حسن شكري، صورة شديدة المثالية لهمداني من خلال أصدقائه ومن رافقوه. لكن كتاب پیغام ماه یها (رسائل الأسماك)، الذي دوَّنه گلعلی بابایی حمل جوانب مختلفة وشديدة الأهمية، فهو يوثق رواية همداني (الذي قتل قرب حلب) التي تمثل في أحد وجوهها السياسة الإيرانية في سورية، وكيف قرأت إيران الحالة هناك، وما هي الظروف التي اتُخذ فيها قرار التدخل العسكري الإيراني، ومن هم أصحاب هذا القرار.

يقوم الكتاب الصادر عن "انتشارات بعثت 27 " (دار نشر تابعة للحرس) بصورة أساسية على مقابلات أجراها بابايي مع العميد همداني، واشتمل على موضوعات مختلفة ومتنوعة فيها جوانب سياسية وعقائدية دينية فضلًا عن معلومات عائلية. وإن كان الكتاب يصنف ككتاب احتفالي بهمداني وما قدمه، وجرى الإعلان عنه عند إحياء الذكرى الأربعين لمقتله، وأعيد الاحتفاء به بصورة كبيرة في الذكرى السنوية له والتي جرت في 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2016. يتناول الكتاب مراحل حياة همداني، ودوره في الحرب العراقية - الإيرانية، وكذلك دوره في "التصدي للفتنة"، ويقصد بها المؤلف مواجهة احتجاجات "الحركة الخضراء" التي شهدتها إيران عقب الانتخابات الرئاسية عام 2009، لكن أهم ما تضمنه الكتاب هو الشهادة المهمة التي تشرح التدخل الإيراني في سورية، وما سبقها من نقاشات وتحضيرات.


 


* نشرت هذه المراجعة في العدد 22 (أيلول/ سبتمبر 2016) من مجلة "سياسات عربية" (الصفحات 137-141) وهي مجلة محكّمة للعلوم السياسية والعلاقات الدولية والسياسات العامة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات كل شهرين.

** تجدون في موقع دورية "سياسات عربية" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.