الدراسات الأفرو-عربية
مقالات 04 يونيو ، 2025

اتجاهات جديدة في الدراسات الأفرو-عربية: نظرة من منطقة الخليج

أمل غزال

أستاذة التاريخ وعميدة كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية بمعهد الدوحة للدراسات العليا.

ما يجمع الوصفَين "الأفرو" (أو الأفريقي) و"العربي" ويفرّق بينهما، ليس مجرد شَرْطة نضعها بين الكلمتين، فالتاريخ والجغرافيا والإثنية والدين والتجارة والعبودية والاستعمار، فضلًا عن دراسات المناطق في الأوساط الأكاديمية، قد شدّت "الأفرو" نحو "العربي" أحيانًا، وباعدت بينهما في أحيان أخرى. فبينما يشير وصف "الأفرو" عادة إلى أصول متجذّرة في القارة الأفريقية، يرتبط وصف "العربي" بلغة وجغرافيا تفتقران إلى التحديد الدقيق. ومع ذلك، يتقاطع كلا الوصفين خارج تلك الحدود، على نحو لا يخلو من الجدل حول ما يمكنهما تمثيله أو شموله أو استبعاده. وعلى الرغم من هذا الجدل، تعكس العلاقة بينهما تداخلًا وتفاعلًا عميقَين. وقد غلب على هذه التقاطعات عدد من العوامل، من أبرزها سياسات الهوية التي تفصل "الأفرو" عن "العربي" أو العكس، في محاولة لإبراز تفرّد كل منهما، أو احتكار تمثيل معيّن للهوية من دون الآخر.

وإذا كانت السياسات القومية والإقليمية في البلدان العربية والأفريقية قد أدت دورًا رئيسًا في تشكيل العلاقة بين "الأفرو" و"العربي"، خصوصًا منذ نهاية الحقبة الاستعمارية وبداية الاستقلال، فإنني لا أركز هنا على السياسة، بل أركز على دور الأوساط الأكاديمية في تعميق هذا الانقسام. فقد ساهم نموذج "دراسات المناطق" في ترسيخ الفصل بين "الأفرو" و"العربي" وعزلهما ضمن مسارات معرفية. وسأنظر بعد ذلك في الاتجاهات الأكاديمية الحديثة التي تحاول إعادة بناء/ استعادة هذه العلاقة، مستعينةً بمنهجيات ومصادر جديدة.

أركّز على مبادرتين راهنتين في منطقة الخليج، حيث تمهّد الأوساط الأكاديمية ومراكز الأبحاث طرقًا جديدة للاعتراف بهذه العلاقة. وسألفت الأنظار إلى مهمة "معهد إفريقيا" في جامعة الدراسات العالمية في الشارقة، فضلًا عن مبادرات وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، وبرنامج التاريخ في معهد الدوحة للدراسات العليا.