صورة من إحدى جلسات مؤتمر "إيران: عامٌ على رئاسة رئيسي"عقدت وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مؤتمرها الثاني بعنوان "إيران: عامٌ على رئاسة رئيسي" يومي 22 و23 آب/ أغسطس 2022. وتضمّن المؤتمر محاضرات ألقاها باحثون بارزون من إيران ودول عربية وأخرى غربية. وتزامن تنظيم المؤتمر مع الذكرى السنوية الأولى لتنصيب إبراهيم رئيسي في صيف 2021. وركّز المؤتمر على تحليل السنة الأولى من عهد رئيسي من خلال دراسة الاستمرارية والتغييرات التي طرأت على السياسة والسياسات. 

اليوم الأول

افتتح المؤتمر الدكتور مهران كامرافا، مدير وحدة الدراسات الإيرانية في المركز العربي وأستاذ الشؤون الحكومية في جامعة جورجتاون في قطر. وأشار إلى أنّ المؤتمر يتناول السنة الأولى من عهد رئيسي، مسلّطًا الضوء بصورة خاصّة على سياسة إيران الخارجية والسياسات الداخلية والاقتصاد والسياسات العامة. أما المحاضرة الرئيسة في المؤتمر فألقاها الدكتور سيّد حسين موسويان، المتحدّث السابق باسم المفاوض الإيراني في الملف النووي الإيراني، وهو يشغل حاليًا منصب باحث متخصّص في أمن الشرق الأوسط والسياسات النووية في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة برينستون. استعرض موسويان السياسات التي اعتمدها رئيسي على الصعيدين الإقليمي والنووي، إضافة إلى التغييرات العامة التي طرأت على سياسات إيران الأمنية والخارجية وتمحورها تجاه سياسات الشرق.

تناولت الجلسة الأولى من المؤتمر، وعنوانها "انتخاب إبراهيم رئيسي"، والتي أدارها الدكتور كامرافا، الانتخابات الرئاسية في إيران لعام 2021 من خلال تحليل التغييرات التي شهدتها الجمهورية الإسلامية، وتسييس المسألة الإثنية خلال الانتخابات ومستقبل التيّار الإصلاحي في مرحلة ما بعد الانتخابات. وقد بحث أمير مهدوي، طالب دكتوراه في السياسات المقارنة في جامعة كونيتيكت، في العناصر السياقية التي أدّت إلى أن تكون عملية انتخاب الرئيس رئيسي خروجًا عن السلطوية الانتخابية وانتقالًا إلى نظام أوتوقراطي مهيمن. وتناول أيضًا خصائص الوضع السياسي ما بعد عام 2021 فيما يتعلّق بالأشكال الثلاثة للأوتوقراطية المُهيمنة (الشخصاني، والحزب الواحد، والعسكري)، والتي قد تشكّل مستقبل الجمهورية الإسلامية. أما حميد أحمدي، الأستاذ في جامعة طهران، فرأى أنّ تنامي تسييس المسألة الإثنية في إيران متأصّل في علاقات النخبة بالدولة بعد نشوء الدولة الحديثة في إيران. في حين تطرّق إيلخوم ميرزويف، وهو باحث في معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، إلى عمليّة تهميش التيّار الإصلاحي وسلّط الضوء على الاستراتيجيات المتضاربة ضمن هذا التيار.

أما الجلسة الثانية للمؤتمر وعنوانها "إيران ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية"، فأدارها الدكتور مروان قبلان مدير وحدة الدراسات السياسية في المركز العربي. وقد ركّزت هذه الجلسة على علاقات إيران بدول الخليج المجاورة. وأشار عبد الرسول ديوسالار، الأستاذ الزائر في جامعة القلب المقدّس الكاثوليكية في ميلانو، إلى أنه في الوقت الذي كانت تنظر إيران سابقًا إلى القوّة العسكرية للمملكة العربية السعودية بوصفها امتدادًا للقوة الإقليمية للولايات المتحدة، بدأت النخب الإيرانية ترى في الرياض تهديدًا عسكريًا مستقلًا. وتناول إذا ما كانت المحادثات السعودية – الإيرانية في عهد رئيسي وعلاقاته العميقة بالنخب الأمنية قد تغيّر هذا الاتجاهَ الناشئ. في حين حلّل كلّ من محجوب الزويري، مدير مركز دراسات الخليج وأستاذ التاريخ المعاصر وسياسات الشرق الأوسط بجامعة قطر، ولين الرباط، وهي مساعدة باحث في مركز دراسات الخليج في جامعة قطر، كيفيّة تمكّن رئيسي من الإبحار في سياساته الخارجية وتجاوز العديد من الأزمات المنتشرة خلال الأشهر القليلة الأولى من رئاسته، مع التركيز بخاصة على العلاقات السعودية – الإيرانية وسط محادثات السلام الجارية في العراق.

أمّا الجلسة الثالثة من المؤتمر، فكانت بعنوان "علاقات إيران بأفريقيا وجنوب آسيا"، فأدارها الدكتور محمد حمشي، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا. وبحثت في العلاقات بين إيران وأفريقيا من جهة، وبين إيران وجنوب آسيا من جهةٍ أخرى. وقد تناول إريك لوب، أستاذ السياسة والعلاقات الدولية في جامعة فلوريدا الدولية، سياسة رئيسي الخارجية في أفريقيا مقارنةً بسياسات أسلافه. واختتم الجلسة عمير أنس، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أنقرة يلدرم بيازيد، الذي استعرض سياسة رئيسي في جنوب آسيا، موضّحًا المعضلات الأمنية والاقتصادية ومشكلة الهوية التي تواجهها الجمهورية الإسلامية في المنطقة.

اليوم الثاني

بدأ اليوم الثاني بالجلسة الرابعة وعنوانها "السياسات المحلية والسياسات السيبرانية". خلال هذه الجلسة، رأى برنار أوركاد، وهو باحث أقدم فخري في المركز الوطني للبحث العلمي في باريس، أنّ إدارة الرئيس الأسبق حسن روحاني أولت اهتمامًا خاصًا لثلاث أولويات في مجال السياسات؛ وهي المفاوضات النووية، والاقتصاد، والعلاقات بالدول المجاورة، بخاصةٍ السعودية. بحسب الباحث، تكمن التحدّيات الرئيسة التي تواجه الإدارة الجديدة في المطالب الاجتماعية والاضطرابات المحتملة التي قد تثيرها الطبقة الوسطى الجديدة المتعلّمة التي لم تصوّت له. أمّا حسن مظفر الرزو، وهو مدير مركز الموصل للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، فقد حدّد البنية المؤسسية للاستراتيجية السيبرانية الإيرانية، مسلّطًا الضوء على أهمّ خصائصها وعلى معالم التغيرات التي حصلت منذ انتخاب رئيسي.

وفي جلسةٍ خامسة بعنوان "إيران والولايات المتحدة وإسرائيل"، عرض الدكتور محمود محارب، الباحث المشارك في المركز العربي، سياسة إسرائيل تجاه مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني، ورفضها أيّ حلّ سياسي لا يؤدي إلى وضع حدّ نهائي للبرنامج النووي الإيراني. وتناول الباحث الجهود التي تبذلها إسرائيل بهدف إنشاء حلف عسكري إسرائيلي – عربي – أميركي، وتصوّرها للهجوم العسكري على المنشآت النووية الإيرانية، ورؤيتها لما قد يحدث في حال وصلت إيران إلى العتبة النووية. في السياق نفسه، شرح جودت بهجت، أستاذ شؤون الأمن القومي في جامعة الدفاع الوطني في الولايات المتحدة، القوى الرئيسة التي تشكّل العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنه على الرغم من العداء الشديد بينهما، يبقى هناك مجال للتقارب. وأضاف مختتمًا محاضرته أنّ خفض التوتّر بين البلدين أمرٌ مهمٌ بهدف تعزيز الاستقرار والأمن الاقليميّين.

وركّزت الجلسة السادسة على "العقوبات والاقتصاد الإيراني". وبحث إسفنديار باتمانغليج، مؤسس المركز البحثي Bourse & Bazaar Foundation، الاستخدامَ المتنامي لطريقة التحكّم التركيبية Synthetic Control Method لتحليل آثار العقوبات في الاقتصاد الإيراني. وقدّم نيكولاي كوزانوف، الأستاذ الباحث المشارك في مركز دراسات الخليج في جامعة قطر، لمحةً عن الاستراتيجيات الاقتصادية التي تبنّاها مجلس الوزراء خلال السنة الأولى من عهد رئيسي. ورأى نقاط اختلاف ونقاط تقارب بين السياسات الاقتصادية التي وضعها رئيسي وتلك التي وضعها سلفه، وقوّم الباحث تأثيرها المحتمل في التنمية الاقتصادية في إيران.

وتناولت الجلسة السابعة التي جاءت بعنوان "إيران والقوقاز"، السياسة الخارجية لإيران تجاه منطقة جنوب القوقاز. وأكّد كلّ من جواد حيران نيا، مدير العلاقات الدولية في مجموعة دراسات الخليج في مركز البحث العلمي والدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط في إيران، ومحمود منشبوري، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة سان فرانسيسكو الحكومية، أنّ نفوذ إيران ومصالحها في جنوب القوقاز محدودان. ويعود ذلك جزئيًا إلى علاقات طهران المتوتّرة بواشنطن، ولكنه ناجمٌ أيضًا، إلى حدٍّ بعيدٍ، عن اتفاقها الاستراتيجي مع روسيا ومدّته 20 عامًا. أمّا روفشان محمدلي من ليتوانيا، فقد اختتم المؤتمر شارحًا محاولة إدارة رئيسي تجاوز التحدّيات الجديدة في منطقة جنوب القوقاز ومدى نجاحها في هذا السياق. وتطرّق أيضًا إلى سياسات إيران تجاه المنطقة بعد حرب ناغورنو كاراباخ ورؤيتها لنشاطات إسرائيل وتركيا في المنطقة.