/ACRPSAlbumAssetList/AlbumsImages/The-Arab-Center-Paris-Explores-European-Arab-Links.png
تقارير 28 نوفمبر ، 2018

تقرير حول ندوة "العلاقات العربية - الأوروبية في الوقت الراهن"

عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في باريس ندوته الافتتاحية، بعنوان "العلاقات العربية - الأوروبية في الوقت الراهن"، في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، في قاعة المؤتمرات في متحف الفنون والحِرف. ووفقًا لأهداف المركز الذي يتطلّع إلى "تجاوز الانقطاع بين العلماء العرب والأوروبيين"، بحسب تعبير مديره في باريس سلام كواكبي، التقى عدد من الباحثين والمفكرين من ضفتي البحر الأبيض المتوسط، ساعين إلى تقديم وجهات نظر وإضاءات مكمِّلة حول إشكالية مشتركة لا تخلو من الرمزية، هي استطلاع العلاقات العربية - الأوروبية. فالخطاب حول الديناميات السياسية التي تحرّك هذه العلاقات غالبًا ما تتطفل عليه اعتبارات سياسوية، فتتحوّل العلاقة بالآخَر إلى "كبش محرقة على مذبح" النقاشات الداخلية لكل بلد. لذلك، ينبغي دراسة هذه الديناميات بطريقة عقلانية، وبعيدة عن الانفعال. من هذا المنظور، يذكِّر فرانسوا بورغا، مدير الأبحاث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، ورئيس مجلس أمناء المركز العربي في باريس، بأن التحدي الأهم في هذه المقاربة يكمن في "الربط بين الفجوات، إن لم نقل بين خطوط الصدع".

كلمة الترحيب وتقديم الندوة

استمرت العلاقات العربية - الأوروبية في التقلّب خلال العقود الخمسة الماضية على وقع إعادات التشكيل التي طرأت على الدول وعلى مختلف الإستراتيجيات السياسية التي وُضعت قيد التنفيذ. فطالما مثّل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني محورًا رئيسًا في هذه العلاقات قبل أن تطغى عليه قضايا إقليمية أخرى، تؤدي فيها الولايات المتحدة دورًا أكبر مقارنة بالدور الأوروبي. وتناول الوزير اللبناني السابق طارق متري تطور العلاقات العربية - الأوروبية، وسلط الضوء على محطات مهمة في تلك العلاقة؛ حيث اتبع الأوروبيون سياسة دعم غير مشروط لإسرائيل خلال خمسينيات القرن الماضي. وجاءت حرب 1967 كي تطلق بداية العودة إلى التوازن بتحفيز من فرنسا التي دافعت بحزم عن تطبيق قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 242، وأطلقت حوارًا للتقرّب من الدول العربية. تبنّت الدول الأوروبية تدريجيًا هذا الموقف ووصلت، بعد سلسلة من المواقف التي أدت إلى "إعلان البندقية" عام 1981، إلى التصريح بدعمٍ، لا لبس فيه، للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. دعت تلك الدول إلى وضع حد للاحتلال والاستيطان، مع الإعراب عن تفضيلها لتسوية شاملة للنزاع، في موقف متعارض مع المقاربة الأميركية القائمة على عقد سلام منفصل بين مختلف الدول العربية وإسرائيل، كما هي الحال بالنسبة إلى مصر منذ عام 1978. ومع ذلك، شهدت الثمانينيات انعطافةً في هذا الموقف حين حجب الصراع اللبناني (1975-1990)، ثم الحرب الإيرانية - العراقية (1980-1988) القضيةَ الفلسطينية، وكشفَا عن انقسامات الوطن العربي، وعن حدود النفوذ الأوروبي. ومثّلت حرب الخليج (1990-1991)، المتزامنة مع انهيار اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، فرصة للولايات المتحدة لتؤكد دورها البارز في المنطقة.

في خطوة لاحقة، ومن أجل إعادة إحياء فكرة الشراكة المتوسطية، أتى مؤتمر برشلونة في عام 1995 بوصفه محاولةً لإعادة بناء منطقة مصالح مشتركة. لكن من بين المحاور الاقتصادية والسياسية والثقافية الثلاثة، مثّل الجانب الأول المحور الفعلي للنقاشات. فألغى هذا الاختلال إمكانية إطلاق أي دينامية مفيدة، وقد بانت أهم تجلياته في الطبيعة التقنية المفرطة للمشاريع التي أطلقها الاتحاد من أجل المتوسط تحت قيادة الرئيس نيكولا ساركوزي عام 2008، مهملًا بدوره القضايا السياسية الشائكة. وربما يجد هذا المأزق تفسيرًا جزئيًا في السياسة الأوروبية غير المتماسكة؛ فقد أدى توسّع الاتحاد الأوروبي، مع انضمام أعضاء جدد من أوروبا الشرقية أكثر أطلسية في الغالب من الأعضاء المؤسسين، إلى إضعاف وحدته. ولم يسَع الاتفاق سوى البعد الأمني الذي يركّز على قضايا الإرهاب وإدارة تدفقات الهجرة، في نهج أحادي الجانب إلى حد كبير. من هذه الزاوية تحديدًا، جرت مقاربة انتفاضات عام 2011؛ بحيث خلص الأوروبيون إلى تبنّي سياسة قوامها، فيما يخص القمع، هو الانتظار والتصريح. ولذلك هم يجهدون حاليًا للعثور على محاورين بين الدول الفاشلة والأنظمة اليائسة في الوطن العربي.

تبدو العلاقات العربية - الأوروبية في هذا السياق على حال من الجمود، إن لم نقُل التعثر. ومع ذلك، فإن الجوار يمثّل واقعًا يصعب على أيٍ كان تجاهله، تحت طائلة المكوث في خيبة ناتجة من حالة من الإنكار الخطِر. لا بدّ عندها من العودة إلى الأسئلة الأساسية: ما هي التحديات التي تطرحها التحولات الديمقراطية العربية على أوروبا؟ وأي دور أداه الاتحاد الأوروبي في بعض مسارات التغيير الديمقراطي في الدول العربية؟ وما هي طبيعة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين ضفتي المتوسط اليوم؟ وأخيرًا، كيف تبدو القضية الفلسطينية اليوم في عيون الأوروبيين؟