مقدمة
حملت نتائج انتخابات الإدارات المحلية (البلدية) في تركيا، التي أجريت في 31 آذار/ مارس 2019، مفاجآت عدة أضافت إليها أبعادًا سياسية حُمّلت إياها خلال الحملة الانتخابية وزادت من أهميتها.
أجريت هذه الانتخابات، الأولى بعد سريان تطبيق النظام الرئاسي العام الفائت، في ظلال أزمة اقتصادية ما زالت تركيا تحاول علاج تبعاتها، وتحت سقف تحالفات انتخابية ضمنية غير مقرة رسميًا بين مختلف الأحزاب، وبعد حملة انتخابية ساخنة حمّلتها أبعادًا أكبر من حجمها؛ حيث عدَّتها المعارضة بداية نهاية حكم حزب العدالة والتنمية بطرحها شعار "بعد آذار يأتي الربيع"، في حين اعتبرها الأخير معركة وجودية لبلده من خلال شعار "بقاء تركيا".
ما كشفته النتائج الأولية، في انتظار إعلان اللجنة العليا للانتخابات عن النتائج الرسمية النهائية خلال أيام، من تراجع عدد البلديات التي فاز بها حزب العدالة والتنمية وخسارته بلديتي أنقرة وإسطنبول، أحدث جدلًا كبيرًا داخل تركيا، واستدعى مواقف عدة من خارجها ضاعفت من الحمولة السياسية للانتخابات.
تقدم هذه الورقة تحليلًا تفصيليًا للنتائج الأولية للانتخابات البلدية التركية، وتدرس أسبابها ودلالاتها، وتبحث في الانعكاسات المترتبة عليها، خصوصًا فيما يتعلق بالأحزاب السياسية الرئيسة ومنظومة التحالفات القائمة وحظوظ المعارضة في إثبات حضورها ومنافستها لحزب العدالة والتنمية في أحد أكثر القطاعات التي تميز بها وهي البلديات، وتأثيرات كل ذلك في مستقبل الطرفين في ظل تململ تيارات معارضة داخلها.