مقدمة
مع استعار الحرب السورية وانهيار مؤسسات الدولة، حرم ملايين المواطنين من السلطات المحلية والخدمات الاجتماعية والأجهزة الحكومية التي تحفظ النظام وتلبي الحاجات الأساسية للناس. فوق ذلك، تتعرض المجتمعات المحلية في سورية لضغط متزايد نتيجة الأعداد غير المسبوقة للنازحين، مترافقة مع نقص من الغذاء والكهرباء وأساسيات حياتية أخرى. فقد أفرز الصراع العسكري واقعًا محليًا تآكلت به السلطة المركزية. وفي المقابل، تنامت بنًى وأنماط حكم محلي تشكّلت وفق سياقات مركبة، متباينة في هياكلها التنظيمية ومرجعيّاتها القانونية والسياسية، فضلًا عن تباين الموارد التي تدعمها أو تديرها.
تحاول هذه الورقة إضاءة بعدٍ غير مطروق للصراع في سورية، مستعرضةً أهم البنى والأنماط الإدارية المحلية التي تشكّلت في مناطق تفلتت من قبضة النظام، واستطاعت إلى حد ما القيام بوظائفها التنظيمية والإدارية. كما أنها تقدّم قراءةً عامةً في الأسباب الموضوعية لظهور هذه الأنماط، مقيّمةً واقع كل منها ومدى اتساق أدوات الحكم فيها مع المتطلبات المجتمعية، لتقف هذه في خاتمتها على الأثر المتوقع في صيغ الحكم السياسية في سورية في المرحلة المقبلة.