/ACRPSAlbumAssetList/2022-Daily-Images/sudan-RSF-from-militias-to-regime-forces-2003-2018.jpg
تحليلات استراتيجية 17 أغسطس ، 2022

قوات الدعم السريع السودانية: من ميليشيات إلى قوة نظامية (2003-2018)

البدوي عبدالقادر البدوي

باحث مهتم بدراسة القضايا الأمنية. حاصل على الماجستير في الدراسات الأمنية النقدية من معهد الدوحة للدراسات العليا.

مقدمة

تعمل الدول على بناء منظوماتها العسكرية للدفاع والحفاظ على مصالحها الوطنية، وتحقيق أهدافها الاستراتيجية، وحماية حدودها وأمنها الخارجي. وتعدّ القوات المسلحة بمختلف صنوفها القوة الرئيسة للدولة للتصدي لكل ما يُهدّد سلامة أمنها؛ فهي توليها اهتمامًا خاصًا، من حيث التدريب والتنظيم والتسليح والهيكل العام، لضمان قدرتها على القيام بواجباتها التي ربما تشمل تدخّلها في عمليات الأمن الداخلي للحفاظ على الاستقرار الداخلي للدولة، فضلًا عن المساعدة في درء الكوارث الطبيعية. وتختلف الجيوش من حيث قوتها وعقيدتها القتالية وجاهزيتها، إلا أنها تتفق في انضباطها وانصياعها للأوامر العسكرية، مقارنةً بالقوات غير النظامية.

تنامت ظاهرة تفويض الحكومات استخدام العنف إلى مجموعات غير رسمية، وذلك عند فشلها في احتواء فوضى الحروب الأهلية أو التمردات والاحتجاجات الداخلية؛ ما جعل هذه الحكومات تلجأ، عبر استغلال التباينات الإثنية والعرقية أو الجغرافية وحتى السياسية، إلى تشكيل ميليشيات موالية لها، خارج إطار الهيكل التنظيمي الرسمي لمؤسسات الدولة الأمنية بغرض الهروب من المساءلة عن العنف، ومعرفة أفراد الميليشيات بالجغرافيا المحلية، فضلًا عن التكاليف التشغيلية المنخفضة لهذه الميليشيات مقارنةً بالجيوش النظامية. وفي هذا السياق، يُعدّ السودان إحدى الدول التي مثّلت بيئة ملائمة لوجود الميليشيات؛ لما فيه من صراعات داخلية في إقليم دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، ومن أهمها ميليشيات الجنجويد التي برزت بوصفها قوة شبه حكومية تعمل على مكافحة التمرد في إقليم دارفور، والتي تحوّلت لاحقًا إلى قوة عسكرية نظامية تحت اسم قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو الشهير بـ "حميدتي".

تبحث هذه الدراسة في ظاهرة تحوّل الميليشيات العسكرية إلى قوات نظامية تحت سمع الحكومة والمجتمع الدولي وبصرهما، وتفحص العوامل الداخلية والخارجية التي تساعد في هذا التحول، وتتناول حالة قوات الدعم السريع السودانية. وتجيب الدراسة عن سؤال رئيس: ما العوامل التي أدت الى صعود ميليشيات الجنجويد لتصبح قوة نظامية (قوات الدعم السريع)؟ وذلك من خلال تناول ظاهرة لجوء الحكومات إلى تفويض جماعات مسلحة تستخدم القوة، بدلًا منها و/ أو معها، وعرض أهم العوامل والأحداث التي ساعدت في نشأة ميليشيات الجنجويد ومشاركاتها في العمليات القتالية، ما أكسبها شهرة على مستوى الإقليم وكسب ثقة الحكومة، وذلك من خلال تتبّع أبرز الوقائع المتعلّقة باستجابة الميليشيات إلى التغيرات الخاصة بالصراعات، والعوامل التي نتج من تفاعلها تحوّلها إلى قوة نظامية ومنحها صلاحيات لا تُمنح إلا للجيش.

من الناحية الزمنية، تُغطي الدراسة الفترة 2003-2018، حيث شهد عام 2003 تفجُّر الصراعات بين الحكومة السودانية وحركات التمرد في دارفور. وقد كان للميليشيات الموالية للحكومة دور مؤثر في العمليات القتالية التي جرت في المنطقة، بحكم علاقاتها العدائية مع القبائل المتمردة؛ ما أدى إلى انتهاكات لحقوق الإنسان. وفي عام 2013، نشطت تلك الميليشيات بوصفها قوة نظامية منفصلة عن الجيش السوداني، حتى تحوّلت إلى قوة نظامية، قادرة على التفاعل مع بعض الأحداث التي كان لها أثر في تعزيز وجودها محليًّا وصعودها إقليميًا؛ ما جعلها قوة مؤثرة ساهمت في إطاحة الرئيس عمر البشير في نيسان/ أبريل 2019.