العنوان هنا
دراسات 28 أغسطس ، 2018

بين الدين والنوع الاجتماعي والاستعمار: قياديات وناشطات في الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر

تُحلّل هذه الدراسة الخطاب والنشاط الاجتماعيَّين والسياسيَّين للقياديات والفاعلات في الحركة الإسامية داخل الخط الأخضر، مدّعية أنهن مجنّداتٌ بالأساس لمشروعهن الإسلامي الديني والاجتماعي بناءً على التأويل السُنّي (الأرثوذكسي) له، ولا سيما في قضايا النوع الاجتماعي. وتُظهر نتائج الدراسة أن نسبة تمثيلهن في أطر صنع القرار الحزبي الرسمية للحركة الإسلامية بجناحيها الشمالي والجنوبي، تكاد تكون معدومة. كما يكاد يخلو حراكهن من أي نضال نحو تغيير ذلك التمثيل أو التغيير في مفاهيم الحركة وممارساتها من منظور المساواة الجندرية. أشار بعضهن إلى التزامهنّ بوصفهنّ مسلمات نحو الرواية والذاكرة الفلسطينية والنضال السياسي، بينما اختُزِل السياق السياسي لدى غالبيتهن، فغابت أشكَلة النظام السياسي القائم. وترى الباحثة أنه لا يمكن فهم تلك الظواهر من دون قراءة السياق الاستعماري الذي يعيشه الفلسطينيون داخل الخط الأخضر.

يتطلب تناول النشاط النسائي في العالمَين العربي والإسلامي، ولا سيما من زاوية علاقته بقيم العدالة الجندرية والدين، الاشتباك مع سؤال الاستعمار والدولة ما بعد الاستعمارية، إذ استَعمل الخطاب الاستعماري، ولما يزلْ، خطاب حقوق المرأة والدفاع عنها في بعض الأحيان، باعتباره أداةً للهجوم على ثقافات الشعوب المستعمَرة ودياناتهم، ما جعل الخطابيْن الوطني والإسلامي يتبنّيان مفاهيم "القداسة" والأصالة في مقاربتهما بعض قضايا النوع الاجتماعي. وفي حالة الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، تُمثّل الدولة الاستعمارية السياق الذي تنشط فيه النساء، وهن كذلك فاعلات سواء من خلال ممارساتهن التي قد تؤثِّر في تشكُّل الذات الناشطة أم من خلال المقاومة الفلسطينية لتلك الممارسات. ففي حين أدت الممارسات الصهيونية في عام 1948 إلى تهجير الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني وهدم مئات القرى الفلسطينية وتهويد المدن الفلسطينية وسلب الأرض والموارد، عملت أيضًا على هدم البنى الثقافية والسياسية والاجتماعية التي كانت قائمة حتى أيار/ مايو 948 . أما الفلسطينيون الذين بقوا داخل الخط الأخضر، أو الذين نجحوا في العودة "تسللًا" إلى وطنهم، وأصبحوا رسميًا مواطنين داخل دولة إسرائيل، فعانوا منذ قيام هذه الدولة سياسات استعمارية عنصرية وأنواعًا مختلفة من التمييز والملاحقات السياسية، بدءًا بإعلان الحكم العسكري عليهم حتى عام 1966، الذي حرمهم من أبسط حقوق المواطنة، مثل منع التنقل والحراك السياسي من أجل مصادرة الجزء الأكبر من أراضيهم ومواردهم، لتمارس بعدها سياسات عنصرية تعدّت الاستيلاء على الأرض والموارد، إلى العزل والقطيعة والحرمان من الحقوق الأساسية، مثل السكن والموازنة والتخطيط وإدارة شؤونهم الثقافية، والتعبير عن آرائهم وتنظيم أحزاب وحركات ومؤسسات قومية؛ وذلك من خلال منع ومراقبة وملاحقة لأي محاولة لإحياء أو إنشاء أي مشروع سياسي أو ثقافي. وما زال العمل السياسي ملاحقًا إلى اليوم.


* هذه الدراسة منشورة في العدد 25 (صيف 2018) من مجلة "عمران" (الصفحات 29-56) وهي مجلة فصلية محكمة متخصّصة في العلوم الاجتماعيّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات.

** تجدون في موقع دورية "عمران"  جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.