العنوان هنا
دراسات 08 يونيو ، 2011

المهدوية في إيران المعاصرة، أحمدي نجاد والإمام الغائب

الكلمات المفتاحية

رشيد يلوح

الدكتور رشيد يلوح باحث في العلاقات العربيّة - الإيرانيّة والسياسة الدّاخليّة الإيرانيّة. عمل باحثا في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وقبلها صحافيًّا متخصِّصًا في الشؤون الإيرانيّة. له عدّة بحوث وترجمات بين اللّغتين الفارسيّة والعربيّة، ودراسات في الثّقافة والإعلام والدراسات الإيرانيّة. وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في موضوع "التّداخل الثّقافيّ العربيّ - الفارسيّ"، من جامعة محمد الخامس في الرّباط. وعلى درجة الماجستير في اللّغة والأدب الفارسيّين من جامعة "تربيت مدرس" في طهران. وكان قد حاز شهادة الليسانس (البكالوريوس) في الأدب العربيّ من جامعة ابن زهر في أغادير - المغرب. وهو عضو بالجمعية المغربية للدراسات الشرقية.

يتحدث الباحثون عن تداخل دقيق بين العامليْن العقدي والسياسي في أداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأمام مستجدّ الحراك المهدوي الأخير في إيران تقترح هذه الورقة نظرة إلى الحدث من الزاويتين المذكورتين.

وتحاول الورقة رصْد تطور الفكر السياسي الإيراني في علاقته بعقيدة الإمام المهدي، ثم دورهذه العقيدة في قيام نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لتنتقل بعد هذه المعالجة إلى تتبع تجليّات المهدوية في خطاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، وارتباط ذلك بالحراك الذي تعرفه إيران منذ انطلاق الثورات العربية الأخيرة.

وتفترض الورقة البحثية أنّ الحراك المهدوي المتفاعل في الساحة الإيرانية هذه الأيام هو امتداد لنقاش مذهبي صاحب تطور الفكر السياسي الإثني عشري، كما تفترض وجود وجهات نظر متباينة لموضوع المهدوية عند الفاعلين في نظام الجمهورية الإسلامية، وأنّ خطاب أحمدي نجاد المهدوي هو وسيلة اعتمدها لتحقيق برنامجه داخليًّا وخارجيًّا.


مقـدمة

تشهد إيران منذ بداية آذار/ مارس 2011 نقاشًا في شأن موضوع خروج الإمام المهدي[1] ومايتصل به من قضايا مذهبية وفكرية، وذلك عقب توزيع مؤسسة "مبشران ظهور" مئات الآلاف من نسخ قرص مضغوط بعنوان: "الخروجُ قريب جدا"، تتنبّأ فيه بأنّ العالم على مشارف وقت خروج الإمام الثاني عشر المهدي بن الحسن العسكري، وعلامة ذلك برأي معدِّي القرص هي بروز القادة الممهّدين لخروجه، والذين وردت أسماؤُهم وصفاتهم في روايات منسوبة للأئمة من آل البيت النبوي، ومن هؤلاء مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية سيد علي خامنئي الذي اعتبره أصحاب المادّة الإعلامية القائد السيد الخراساني، ومساعده القائد العسكري شعيب بن صالح الذي هو في اعتقادهم الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، في حين أنّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله هو السيد اليماني، واعتبروا العاهل الأردني الملك عبد الله بن الحسين هو السفياني، والعاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز هو آخر ملوك الحجاز الذي سيكون موته دليلاً على بداية علامات خروج المهدي المنتظر. أمّا النفس الزكيّة التي ورد ذكرها في روايات العقيدة المهدوية بأنها ستقتل في العراق قبل الخروج، فقد اعتبرها مفسّرو مؤسّسة "مبشران ظهور" شخصيّة المرجع العراقي باقر الحكيم الذي قُتل في انفجار عام 2003.

ليست هذه أوّل مرة يشهد فيها التاريخ الإسلامي عامّة وتاريخ المذهب الشيعي الإثني عشري[2] خاصّةً مثل هذه الإسقاطات لروايات خروج الإمام المهدي، فقد سبقتها قراءات بعضها لم يترك أثرًا، بينما كان للبعض الآخر تأثير سياسي واجتماعي كبير في التاريخ الإسلامي.


[1] الإمام المهدي محمد بن الحسن العسكري، هو الإمام الثاني عشر في سلسلة الأئمة المعصومين الذين يعتقد الشيعة الإثنى عشرية بتعيينهم من قبل الله، ويقولون بولادته في 255 هجرية بصورة سرية، واختفى في سرداب سامراء بعد وفاة والده الإمام العسكري سنة 260 للهجرة.

[2] الإثني عشرية من أكبر طوائف الشيعة، يؤمنون بأن الإمام محمد المهدي بن الحسن العسكري هو إمامهم الثاني عشر وهو غائب عن الأنظار منذ أكثر من 1100 عام حتى يأذن الله له بالظهور. خرجت هذه الفرقة من الشيعة الإمامية التي ظهرت في القرن الثاني الهجري، وتؤمن بأنّ أئمة أهل البيت معصومون ومعينون من قبل الله، وأن الخلافة بحسب النص الديني يجب أن تكون من بعد علي في ولديه الحسن والحسين، وأن تستمر في بعض ذريّة الأخير حتى الإمام الأخير الثاني عشر.