العنوان هنا
مراجعات 24 يونيو ، 2021

ديموغرافيا المغرب في أفق عام 2050

قراءة تحليلية في تقرير "إسقاطات السكان والأسر 2014 - 2050"

رشيد بن بيه

​أستاذ مساعد في علم الاجتماع بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية، أكادير، المغرب.

مقدمة

تُنجِز المندوبية السامية للتخطيط في المغرب، دوريًا، دراسات ديموغرافية استشرافية، تكتسي أهميةً باعتبارها تكشف عن التحديات والفرص المستقبلية الاقتصادية والاجتماعية، بل السياسية أيضًا التي يُسبّبها التطور السكاني، كما توفّر لصنّاع القرار ومتتبعي السياسات والاستراتيجيات العمومية مُعطيات ثمينة تُمكّنهم من تقويم هذه الاستراتيجيات والمطالبة بتعديلها، ولا سيّما أنّ خطط الدولة في القطاعات كلها تُنفّذ على أمد زمني بعيد، يُعادل تقريبًا الأمد الذي تُغطّيه الاستشرافات الديموغرافية.

أصدرت المندوبية السامية للتخطيط، في هذا الصّدد، دراسة مهمة في عام 2017، بعنوان إسقاطات السكان والأسر 2014 - 2050 ، تكتسي أهميةً بالغة، باعتبارها آخر دراسة استشرافية يُنجِزُها المغرب من جهة، وستساعد من جهة أخرى، في توقّع، على نحو موضوعي، الحلول للمشكلات المستقبلية.

نسعى من خلال القراءة التحليلية لهذه الدراسة إلى الكشف عن مدى اهتمام الاستشراف الديموغرافي في المغرب بمستقبل المشكلات السكانية الجديدة المطروحة، بدلًا من الاقتصار على مشكلات الديموغرافيا الوصفية الإحصائية التقليدية. ولن يكون مرامُنا تلخيص مضامين هذه الدراسة، كما وردت مرتبةً في ثناياها، بقدر ما سيكون التركيز على القراءة التحليلية لاتجاهات التطور الديموغرافي الإجمالية والموضوعاتية، التي تركّز على جوانب مهمة، حصرناها في ثلاثة موضوعات: التطور الإجمالي للسكان المغاربة في أفق عام 2050، وتطوّر بعض الفئات الاجتماعية، خصوصًا الفئات المُعَالة (أقلّ من 15 عامًا، و65 عامًا وما فوق)، والفئات في مرحلة البحث عن العمل (الفئة العمرية 18 - 24 عامًا)، وذلك لأنها تُفسّر ديناميات الاحتجاج الاجتماعي. وسنهتم عقب ذلك بموضوع "الهبة الديموغرافية" التي يمرّ بها المغرب، ويصمت عنها التقرير موضوع هذه القراءة، ثمّ نُحلّل انعكاسات اتجاهات التطور الديموغرافي في المغرب، الاقتصادية والاجتماعية. وبتعبيرٍ آخر، سنحاول قراءة المُعطيات الديموغرافية الاستشرافية في ضوء بعض الأبحاث النظرية التي تربط نوعية التطور الديموغرافي بتحوّلات اقتصادية واجتماعية وسياسية محدّدة، ثم سنسعى، أخيرًا، إلى تحديد الجوانب التي يجب أن تواكبها الدراسات الديموغرافية الاستشرافية، من أجل تجاوز نمطية مؤشراتها الديموغرافية التقليدية، كما نفترض ذلك، والدفع بالدراسات الديموغرافية في المغرب إلى الانفتاح على مشكلات مستجدّة، تساهم في مقاربتها أصناف الديموغرافيا كلها.



* هذه الدراسة منشورة في الكتاب السنوي الثاني 2017 من دورية "استشراف" (الصفحات 39- 58)، وهي مجلة محكّمة للدراسات المستقبلية والاستشرافية، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات مرة كل سنة.
** تجدون في موقع دورية "استشراف" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.