العنوان هنا
دراسات 29 يوليو ، 2018

جدلية التعالي والمحايثة في الفلسفة الحديثة:

نقد اسبينوزا للأصول الأرسطية والأسس الديكارتية للتعالي الإلهي

الحسان سليماني

أستاذ مبرز في الفلسفة وطالب باحث في الفلسفة الحديثة بمركز الدكتوراه "الفلسفة والشأن العام" التابع لجامعة الحسن الثاني - الدار البيضاء، المغرب.

تناقش هذه الدراسة القضية الإشكالية :"جدلية التعالي والمحايثة في الفلسفة الحديثة"، انطلاقا من مقارَبةٍ مقارنةٍ للتصور اللاهوتي المسيحي للإله وخلفيته الأرسطية، والفلسفة الديكارتية ومرجعيتها العلمية، والنسق السبينوزي وأساسه الإيتيقي. وتروم الدراسة إبراز الرهانات الموجهة إلى كل تصور، والمتمثلة في الذود عن الدين بالنسبة للاهوت المسيحي، وإبعاد الإله عن الطبيعة لجعلها قابلة للتفسير العلمي بالنسبة إلى ديكارت، وتعقيل الإله منطقيًا بالنسبة إلى سبينوزا .

وُلدت فكرة الإله تاريخيًا في العالم القديم، مُشكّلة بذلك الإطار الذهني للثقافة الإنسانية؛ إذ لا تكاد تخلو ثقافة من تصورات لكائن متفرد حائز الكمال، ولا يقتصر الأمر على الأديان التوحيدية، بل يتعداه إلى الأشكال الروحية السابقة للتوحيد التي صاغت تصوّرها لمبدأ مثالي مفسر لمستغلقات الوجود.

تميزت الثقافات التوحيدية القديمة بإنتاج شروط إمكان صوغ ما صار عليه عالم اليوم، وتتمثل هذه الشروط في فكرة التوحيد مع الأديان الإبراهيمية، والنظام الديمقراطي مع المدينة اليونانية، والرأسمالية مع التجارة الميركانتيلية. إن المبدأ الموجّه لهذه الشروط هو فرض نموذج وحيد مهيمن في الدين والسياسة والاقتصاد، واعتبار باقي النماذج انحرافًا من الواجب تقويمه. يرتكز هذا النموذج على تصور مبدأ متعالٍ مفارق وبعيد عن العالم.

تحصر الدراسة حيّز اشتغالها في مجالين: الفلسفة واللاهوت، وتحاول تقديم مقارنة تحليلية لقضية التعالي والمحايثة من خلال نماذج ثلاثة: اللاهوت المسيحي، وفلسفة ديكارت، وإيتيقا سبينوزا. كما تنتظم محاورها وفق الأسئلة الآتية: كيف عالجت الفلسفة قضية الإله المتعالي؟ بأي معنى دافع اللاهوت المسيحي عن فكرة التعالي، ووفق أي رهانات؟ ما الذي دفع ديكارت إلى الاحتفاظ بمسلّمة التعالي الإلهي؟ وما الذي جعل سبينوزا يرفضها ويُقرّ بالمحايثة؟


* هذه الورقة منشورة في العدد 25 من مجلة "تبيّن" (صيف 2018، الصفحات 7-30)، وهي مجلة فصلية محكّمة يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات وتُعنى بشؤون الفكر والفلسفة والنقد والدراسات الثقافية.

** تجدون في موقع دورية "تبيّن" جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.