مقدمة
كشفت أزمة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" هشاشة أغلب الاقتصادات عبر العالم، وحدود قدراتها على تحمّل أزمات غير تقليدية. وتختلف هذه الأزمة عن الأزمات السابقة التي كانت مناطقية، بينما جاءت جائحة كورونا معولمة على نحوٍ مفرط، وتباينت تقديرات الخسائر المترتبة عليها حتى توقعت بعض الدراسات أن تصل إلى 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وظهرت تداعيات الجائحة والإجراءات التي تطلبتها عملية مواجهتها في أغلب الاقتصادات، وانهارت أسواق المال، وارتفعت معدلات البطالة، وحققت معدلات نمو اقتصادي سالبة. ويتوقع أن تتفاقم تلك الآثار السلبية بالنسبة إلى الاقتصادات النامية، خاصة ذات الدخل المنخفض، بسبب هشاشتها وعدم امتلاكها موارد مالية ومادية كافية لمواجهة تداعيات الأزمة واعتماد خطط إنقاذ مناسبة. وفي داخل تلك البلدان، يُتوقع أن يكون الأثر أشدّ بالنسبة إلى الفئات الأكثر هشاشة والفقيرة، نتيجة توقف الأعمال الصغيرة والنشاطات التي يعتمد عليها الفقراء.
في أثناء ذلك، أدى انتشار الجائحة والإجراءات التي اتخذتها دول العالم إلى حدوث نتائج اقتصادية مهمة أثرت في النشاطات الاقتصادية، وكان الأثر في قطاع النفط الأكثر فداحة، إذ انخفضت أسعار النفط إلى أقل من ثلث ما كانت عليه قبل الأزمة، وأدى ذلك إلى انخفاض حاد في العائدات النفطية العراقية، وفي الحصيلة، فقد خسر العراق نحو نصف عائداته؛ بسبب تدهور أسعار النفط. وأصبحت الحكومة أمام اختبار صعب في قدرتها على تأمين متطلبات الإنفاق الاعتيادية، ولا سيما ما يتعلق منها بالرواتب والأجور لنحو ثلاثة ملايين موظف حكومي، ومليون شخص يعمل بأجر في القطاع الحكومي، فضلًا عن صعوبات مماثلة في تأمين الاستحقاقات التقاعدية لنحو مليوني شخص آخرين، وهددت البرامج الاجتماعية وقدرتها على الحفاظ على توفير الأمان لمئات آلاف الأسر التي يعمل أربابها في نشاطات القطاع غير الرسمي.