العنوان هنا
تحليل سياسات 04 سبتمبر ، 2013

الأزمة السورية: قراءة في مواقف الدول العربية المجاورة

الكلمات المفتاحية

نيروز ساتيك | خالد وليد محمود

​يشغل نيروز ساتيك وظيفة مساعد باحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ويهتمّ في دراساته بدور الوطن العربيّ في العلاقات الدوليّة مع التّركيز على سورية. عمل سابقًا في مركز الشّرق للدّراسات الدولية في دمشق. حصل نيروز على شهادة الليسانس (البكالوريوس) في العلوم السياسيّة من جامعة دمشق، وهو يعدّ لشهادة الماجستير في العلاقات الدوليّة في الجامعة نفسها.
يشغل خالد وليد محمود وظيفة باحث مساعد في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وكان قد عمل محرّرًا ومشرفًا في قسم الأخبار في "ياهو – مكتوب". تُركِّز أبحاثه على دراسة النّشاط السياسي عبر الإعلام الرقميّ والمواقع الاجتماعية، وقد عمل خالد محمود أيضًا باحثًا في عدّة مشاريع أكاديميّة، مثل برنامج "سيفيتاس" لقياس الرّأي العامّ لدى فلسطينيّي المهجر؛ كما اشتغل باحثًا مع البروفيسور ناثان براون، في دراسة المشاركة السياسيّة لحركة الإخوان المسلمين في الأردن. ونُشرت له عدّة مقالات في دوريّات محكّمة وفي الصّحف الإلكترونية والمطبوعة. وله عدّة مؤلفات، منها: شبكات التّواصل الاجتماعي وديناميكية التّغيير في العالم العربيّ (2011)، آفاق الأمن الإسرائيلي: الواقع والمستقبل (2007)، مراكز البحوث في الوطن العربي (2013)، قلاع اللغة العربية ورياح الثورة الإعلامية (2013). وهو حاصل على البكالوريوس في العلوم السّياسية ودرجة الماجستير في العلاقات الدّولية من الجامعة الأردنيّة.

مقدمة

يحظى المشرق العربي بمكانة جيوسياسية مهمّة في الخريطة السياسية العالمية يزيد من أهميتها ما يتمتع به من تنوُّع في الهوية الإثنية والدينية ومن تعقيد في البنية الاجتماعية السياسية، الأمر الذي يجعل منه ساحةً ملائمةً لتفاعل مصالح إقليمية ودولية عديدة متصارعة على أرضه. وهذا الواقع انعكس انعكاسًا كلِّيًّا على الأوضاع السياسية فيه قديمًا وحديثًا بحيث إنّ أيّ تغيرات سياسية في المشرق العربي لا تتوقف عادةً ضمن حدود الدولة الواحدة، بل تكون شديدة التأثير اجتماعيًّا وسياسيًّا في محيطها الجغرافي برمَّته. ولا تخرج الثورة السورية عن هذا الإطار؛ إذ تأثرت دول الجوار العربي بالمتغيرات السياسية والأمنية الجارية في سورية، كما أثرّت فيها من أجل دفع أنظمتها إلى اتباع سياسات تنسجم والمحددات الداخلية والخارجية في صناعة قرارها تجاه الثورة السورية*.


الموقف اللبناني من الثورة السورية

بعد الاحتلال الأميركي للعراق سنة 2003، واغتيال الرئيس رفيق الحريري سنة 2005، عاشت سورية عزلةً دوليةً وعربيةً، فاقم منها عدد من المتغيرات الإقليمية أبرزها تولِّي السيد أحمدي نجاد الحكم في إيران سنة 2005 والعدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز/ يوليو 2006، والحلف الذي تلا ذلك بين إيران وسورية وحزب الله اللبناني. وقد ظهرت هذه العزلة خصوصًا في المواقف الأميركية والأوروبية والسعودية السلبية من سورية وسياساتها في لبنان. وعلى إثر نتائج العدوان الإسرائيلي والخلافات الداخلية بين الفرقاء اللبنانيين المتعلقة بمسألة سلاح المقاومة وشبكة الاتصالات، عمل حزب الله على محاصرة عدّة مواقع لخصومه السياسيين وفرض سياسة الأمر الواقع بالقوة العسكرية. وأدَّى ذلك إلى تدخُّل تركي- قطري- إيراني نجم عنه اتفاق الدوحة الذي سمح بإجراء الانتخابات الرئاسية بالتوافق على الرئيس ميشال سليمان وبإجراء انتخابات برلمانية، في حزيران/ يونيو 2009، فازت فيها قوى 14 آذار. وفي تشكيل حكومة "الوحدة الوطنية" في 9 تشرين الثّاني/ نوفمبر (2009)**، برئاسة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري ومشاركة فريقي 8 و14 آذار معًا[1]. وأدَّى هذا التطور إلى إحياء الروح في نوع من التنسيق والتفاهم السعودي- السوري (شاع في لبنان تسميته بصفقة س- س) ترتَّب عليه شبه تطبيع للعلاقات بين تيار المستقبل وليد جنبلاط والنظام السوري، وتمثّل ذلك خصوصًا بزيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري دمشق في 19 كانون الأول/ ديسمبر 2009، وقد أردفها الحريري بتقديم اعتذارات ضمنية في أيلول/ سبتمبر 2010، عن "أخطاء سابقة"، وبتبرئة سورية من عملية اغتيال الحريري الأب[2]. كما تمثّل بزيارات الوزير جنبلاط المتتالية لدمشق التي استمرت حتى آب/ أغسطس 2011.

ومثّل إسقاط حكومة سعد الحريري في 12 كانون الثاني/ يناير 2011، خروجًا عن التفاهم السوريّ السعوديّ، والتوازنات التي أرساها مع اللاعبين الآخرين قطر وتركيا وإيران، وذلك من جهة تشكيل حكومة توافقية قابلة للاستمرار. وقد لجأ فريق 8 آذار، آنذاك إلى سحب وزرائه من الحكومة، وكان ذلك خطوةً استباقيةً قبل صدور قرار المحكمة الدولية الظنّي الذي يتّهم أعضاءً من حزب الله بالوقوف وراء عملية اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري[3]، وذلك قبل اندلاع الثورة السورية في 15 آذار/ مارس 2011. وقد كلّف رئيس الجمهورية ميشال سليمان المرشّح نجيب ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة، بعد أن انحاز النائب وليد جنبلاط وكتلته، في تسميته لخلافة الحريري، إلى فريق 8 آذار، وقد تكونت الحكومة في 13 حزيران/ يونيو 2011، ولم يشترك فيها فريق 14 آذار[4].

 


*  تناقش هذه الورقة المواقف اللبنانية والعراقية والأردنية تجاه الثورة السورية قبل استخدام السلاح الكيماوي وتداعياته، ووجب شكر كلٍّ من الباحثين رغيد الصلح ويحيى الكبيسي لمساعدتهما في إعدادها.

**سبق خروج سورية من عزلتها الدولية ما ترسخ في الاجتماع الرباعي في أوائل أيلول/ سبتمبر 2008 الذي جمع الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان:

"مؤتمر صحفي في ختام قمة رباعية جمعت الرئيسين الأسد وساركوزي وأمير قطر ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان"، سانا، 04/ 09/ 2008، انظر على الرابط:

http://sana.sy/ara/3/2008/09/04/pr-191739.htm

[1] مجلة الجيش اللبنانية، مراسيم تشكيل الحكومة الجديدة، العدد 293 (تشرين الثاني/ نوفمبر 2009)، على الرابط:

 http://www.lebarmy.gov.lb/ar/news/?23645

[2] زار الملك السعودي دمشق في (29-30) تموز/ يوليو 2010، ومن ثمة رافق الرئيس الأسد في طائرة إلى بيروت، وعقدوا قمّةً ثلاثيةً مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان، انظر: "الرئيس الأسد وخادم الحرمين الشريفين والرئيس سليمان في قمة بيروت: مواجهة ما يحاك للمنطقة من دسائس ومؤامرات لإرباكها بالفتن الطائفية والمذهبية"، صحيفة الثورة السورية، 31/ 7/ 2010، على الرابط:

http://thawra.alwehda.gov.sy/_archive.asp?FileName=27920162420100731012918

وصرَّح الحريري في 6 أيلول/ سبتمبر 2010، في مقابلة مع الشرق الأوسط بأنّ اللبنانيين "ارتكبوا أخطاء في مكان ما" مع سورية، وأنّ "الاتهام السياسي" لها باغتيال والده رفيق الحريري "انتهى"، انظر: "سعد الحريري: اتهامنا السياسي لسورية باغتيال والدي انتهى"، وأكَّد ارتكاب اللبنانيين "أخطاء في مكان ما معها"، العربية نت  6/ 9/ 2010، على الرابط:

http://www.alarabiya.net/articles/2010/09/06/118606.html

[3] وحدة تحليل السياسات في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، "التكليف الحكومي الجديد والفرص 'التوافقية‘"، ورقة تقدير موقف، موقع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 28/ 4/ 2013، على الرابط:

http://172.17.30.6:3030/sites/doiportal/ar/politicalstudies/pages/the_formation_of_a_new_government_and_state-wide_consensus_in_lebanon.aspx

[4] إعلان تشكيل حكومة جديدة برئاسة نجيب ميقاتي بعد خمسة أشهر من الانتظار، فرانس 24 (13/ 6/ 2011)، على الرابط:

http://goo.gl/vTy4L6