تتناول هذه الورقة بالتحليل ظاهرة التسريب من حيث هي ظاهرة قديمة، وعلاقتها بمبدأ الشفافية في النظام الديمقراطي. وتقسم ظاهرة التسريب إلى تسريبات مقصودة من داخل المؤسسة، وهي تُنتج جدلية سلبية في تعامل المواطن مع السياسة، وتسريبات على شكل فضائح ناجمة عن وظيفة مؤسسة الإعلام، وعن التوازن بينها وبين المؤسسة السياسية، ثم التسريبات النقدية الناجمة عن فاعل منشقّ أو من خارج المؤسّسة، ويكون في العادة مدفوعاً بدوافع خارجة عن علاقات إعادة إنتاج المؤسّسة الإعلامية والسياسية.
هذه الورقة تجعل موقع المصدر المفتوح عند تقاطع هذا التراث مع وسائل الإعلام الجديدة على شبكة الانترنت. وتبين الورقة تأثير ذلك في مبدأيْ الشّفافية والسرّية، وفي ظاهرة التسريب نفسها. كما تفحص سلوك المؤسستين الإعلامية والسياسية، وتغيّر موقفها من الشفافية حين يمسّ قضايا تتعلق بجدلية العدوّ والصديق، وموقفها السلبي من التسريبات المنشقة والفردية أو الناجمة عن فاعلين عابرين لحدود الدولة الوطنية. كما تعالج الدراسة أيضاً الشفافية المصطنعة المفرطة القائمة على ضخّ معلومات يتساوى فيها، بالقيمة، الصحيح والكاذب، والقائمة على مفهوم نسبية الحقائق كوجه آخر لاحتكار المؤسسة الحاكمة للحقيقة. وتبين أنّ المصدر المفتوح والتقاء الحقائق المسربة مع ما توصّل إليه التحليل العقلاني نظرياً يلعبان دوراً تنويرياً في إعادة الاعتبار إلى العقل والحقائق.