تقترح هذه الدّراسة مقاربةً تحليليّة للأزمة البيئيَّة الرّاهنة؛ بتناول ظواهرها ومؤشّراتها الجديدة؛ والرُّؤيَة العلميَّة الحديثة المُفَسِّرَة لها، ومُجمل مَوَاقِف الدّول والإعلام إزاءها. ومعلوم أنّ مظاهر هذه الأزمة، تشكّل حاليًّا واقعًا بيئِيًّا جديدًا، تُرَى آثارُه وتداعياته الكارثيّة الملموسة، وهي تمتدّ لتصيب جلّ مناطق العالم، مُهدِّدة بتغيير معالمه وعناصره والحياة فيه. وهذا ما يجعل الأزمة البيئيّة تستأثر منذ سنوات باهتمام العلماء والسياسيّين، ومنظّمات المجتمع المدنيّ، ووسائل الإعلام المختلفة. ويتصدّر قائمة مظاهر الأزمة البيئيّة التلوّث المتعدّد الأشكال للبيئة؛ وحدوث تغيُّرات مناخيّة غير مسبوقة تعزى إلى ظاهرة "الاحْتِباس الحراري Global Warming".
الظّاهر أنّ هذا الاختلال في توازن نظام مناخ كوكب الأرض ليس طبيعيًّا ولا عاديًّا في غالب الأحيان، وأنّ أسبابه لا ترجع إلى ظواهر الطّبيعة أو قواها، بقدر ما ترجع إلى أنشطة البشر أنفسهم، وإلى اعتماد الحضارة الصناعيّة الحديثة أساسًا على استهلاك مصادر الطّاقة العضويّة كالفحم والنّفط والغاز. وفي هذا السّياق، نتعرّف على الفلسفتين البيئيّتين البارزتين للمهتمّين بهذه الأزمة: "فلسفة بيئِيَّة ذات توجُّه إنسانيّ Humanist Ecology"، و"فلسفة بيئيّة جذريّة وعميقة Deep Ecology".