العنوان هنا
مراجعات 30 مايو ، 2017

منطق الضبابية والعلوم الإنسانية والاجتماعية

عبد الحليم مهورباشة

​أستاذ محاضر في قسم علم الاجتماع، جامعة محمد لمين دباغين سطيف 2، الجزائر

الكتاب: منطق الضبابية والعلوم الإنسانية الاجتماعية

الكاتب: شهيرة شرف

الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

مكان النشر: بيروت

سنة النشر: 2016

عدد الصفحات: 279


تأتي أهمية هذا الكتاب من كونه فتح ورشتين فكريتين، تناولت أُولاهما، وبالتفصيل، المنطق الضبابي وجذوره المنطقية والفلسفية، مع توضيح لأهميته والفارق بينه وبين المنطق الثنائي أو المتعدد القيم، والاستعمالات الحديثة لهذا المنطق في العلوم التقنية. أما الورشة الثانية، فتناولت إمكان تحويل المنطق الضبابي إلى أداة منهجية لدراسة الظواهر في العلوم الإنسانية والاجتماعية، والمزايا التي يقدمها هذا المنطق في مجال معالجة البيانات والمعلومات المشتقة من تعقيدات الوقائع الإنسانية، فترى المؤلفة أن المنطق الضبابي يساهم في معالجة البيانات على نحو أفضل من المنهج الإحصائي الكمي.

من هذا المنطلق، تندرج إشكالية هذا الكتاب في الأفق البحثي الذي يرى أن حل مشكلة المنهج في العلوم الاجتماعية يتم بتأسيس طريق منهجية ثالثة، تتجاوز الثنائية المنهجية في العلوم الإنسانية والاجتماعية، أي بين دعاة المنهج الأحادي، أو من يُدعَون دعاة المنهج الكمي، ودعاة المنهج الثنائي، أو من يُدعَون دعاة المنهج الكيفي، «فلم يُفلح المنهج الكمي الإحصائي، على الرغم مما قدَّمه إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية، في التعبير عن الجوانب الكيفية والغامضة والمعقدة في ظواهرها، كما لم يستطع المنهج الكيفي الذي يكتفي بعدد محدود من الحالات المدروسة، على الرغم من تعمُّقه في تناولها، من تعميم نتائجه » (ص 17)، بينما يمكّننا المنطق الضبابي، كأداة منهجية، من الجمع بين المنهج الكمي والمنهج الكيفي شرط أن نفهم استخدامات هذا المنطق. وينسجم هذا الطرح مع ما ذهب إليه كارل بوبر حين يقول إن: «الأخطاء الحاسمة في معظم المناقشات المنهجية إنما منشؤها بعض الآراء الكثيرة الشيوع التي تخطئ فهم مناهج العلم الطبيعي، أعتقد أنها ناشئة بنوع خاص من الخطأ في تفسير الصورة المنطقية لنظرياته وطرق اختيارها، والوظيفة المنطقية للمشاهدة والتجربة». وتساهم هذه المحاولة المنطقية في تجاوز التخلف النسبي للعلوم الاجتماعية عن العلوم الطبيعية، من خلال تطوير أدواتها المنطقية وطرائقها المنهجية، «فالعلوم الإنسانية نلقاها هي الأساس - بلا جدال - تحمل في حد ذاتها ما يضاف إلى الرصيد العلمي للقرن العشرين، لكن لم يتكوّن بعدُ نسق متكامل من القوانين التفسيرية في أي مجال من مجالات العلوم الإنسانية، يماثل من حيث القوة المنطقية في فروع العلوم الطبيعية حظوة من التقدم».


* نشرت هذه الورقة في العدد 20 (ربيع 2017) من مجلة "عمران" (الصفحات 191-198) وهي مجلة فصلية محكمة متخصّصة في العلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات.

** تجدون في موقع دورية "عمران"  جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.