العنوان هنا
دراسات 12 يونيو ، 2022

تركيا وإشكالية الحياد في حرب أوكرانيا

الكلمات المفتاحية

عماد قدورة

مدير قسم التحرير في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. حاصل على الدكتوراه في العلاقات الدولية ودراسات الشرق الأوسط، وعلى الماجستير في الدراسات الاستراتيجية والدفاعية. تتركز اهتماماته البحثية حول الجيوبولتكس، والعلاقات الدولية، والدراسات التركية. نُشرت له كتب ودراسات عديدة، آخرها كتاب: السياسة الخارجية التركية: الاتجاهات، التحالفات المرنة، سياسة القوة" (المركز العربي للأبحاث، 2021)؛ وكتاب:

The Rise of the GCC and Turkey: Convergent and Divergent Regional Agendas (New Castle: Cambridge Scholars Publishing, 2021).


ملخص

تُعدّ سياسة تركيا في حرب أوكرانيا منذ بدئها محلّ تساؤلٍ وجدلٍ لدى أطراف عديدة، نظرًا إلى استمرار علاقاتها القوية مع روسيا، وعدم انضمامها حتى الآن للعقوبات الأوروبية والأميركية عليها. وفي المقابل، تدين أنقرة غزو أوكرانيا ولا تعترف بالأمر الواقع المترتب عليه، وتُقدّم نفسها وسيطًا بين الدولتين. ويزيد الأمر جدلًا، أن المواقف الرسمية الغربية لم تُشدّد حتى الآن على إلزام تركيا بالانضمام لمقاطعة روسيا ومعاقبتها. ورغم صمت تركيا والدول الغربية، حتى الآن، عن توجيه انتقادات رسمية متبادلة بشأن علاقات أنقرة بموسكو ما بعد الحرب، فإن الإعلام الغربي لم يكف عن توجيه اللوم لتركيا واتهامها بأنها تنتهج "الحياد" بدلًا من أن تتبنى سياسة حلف شمال الأطلسي "الناتو" بوصفها عضوًا فيه. في المقابل، لم يتوانَ الإعلام التركي عن الدفاع عن موقف حكومته، والذي يصفه أيضًا بأنه "محايد".

في الواقع، لم يكن الحياد مطلبًا لحوار تركيا مع حلفائها الغربيين، أو شركائها الروس، ولم تعلن أنها محايدة ولم تروّج لهذه السياسة رسميًا. لكنها تسعى من الناحية العملية إلى سياسة الحياد قدر الإمكان كي تتجنب خسارة الشريك الروسي، فلجأت إلى أداة الوساطة بوصف أنقرة مقبولة من طرفي الصراع الروسي والأوكراني. لكن الإشكالية تكمن في الوضع التالي: في حال امتدت الحرب إلى إحدى دول الناتو، أو استخدمت موسكو أسلحة استراتيجية وغير تقليدية ضد أوكرانيا، وبدأت المواجهة على نطاق أوسع، فما السياسة التي ستنتهجها تركيا؟ هل تنجح بإبقاء نفسها محايدة عمليًا عبر الوساطة؟ وهل سيقبل الغرب بهذا الموقف فقط؟ أم سيطلب منها الانضمام بشكل شامل إلى سياساته؟ ليست هذه الأزمة الوحيدة، ولا الأولى، التي تشهد مثل هذا الجدل والنقد المتبادل التركي الغربي؛ فموقف تركيا الحذر طوال الحرب العالمية الثانية حتى شباط/ فبراير 1945 (أي حتى قبل انتهاء الحرب بشهور)، وموقفها من تجاوز العقوبات الغربية على روسيا بعد ضم الأخيرة لشبه جزيرة القرم في آذار/ مارس 2014، هما محطتان أخريان أثارتا التساؤل والجدل حول موقف "الحياد" غير المعلن. فهل موقف تركيا "محايد" فعليًا في حرب أوكرانيا 2022؟

تفسّر الدراسة الموقف التركي من حرب أوكرانيا منذ شباط/ فبراير 2022 وتطوره المحتمل، وتناقش أولًا ماهية الحياد في العصر الحديث، وأشهر أمثلته، وشروطه قانونيًا وسياسيًا؛ لتحديد إن كان هذا الوصف ينطبق على تركيا. وتستقصي، ثانيًا، كيف اتخذت تركيا موقفًا قريبًا من الحياد، إلى حدٍ ما، في الحرب العالمية الثانية 1939-1945، وكيف أن موقفها في أزمة شبه جزيرة القرم عام 2014 وتجاوزها العقوبات كان مشابهًا تقريبًا لموقفها في حرب أوكرانيا 2022. وتُحلّل، ثالثًا، واقع السلوك التركي في حرب أوكرانيا، هل هو "محايد" أم "مشارك" ومنخرط فيها؟ وتناقش مواقف الدول الغربية وأوكرانيا فعليًا من سياسة تركيا أثناء هذه الحرب، وما إن كانت هذه السياسة تعبّر عن مصالح حلفاء أنقرة أيضًا. وتفسّر، رابعًا، لماذا يفضل الأتراك الحياد؟ وأسباب الموقف التركي الحذر في حرب أوكرانيا. وتُختَتَم الدراسة باستنتاجات وبمناقشة إن كان الحياد يلائم وضع تركيا.