مديرة وحدة ترجمان في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ومحاضرة وباحثة في الاقتصاد. حاصلة على الدكتوراه في اقتصاد التعليم والتنمية من جامعةParis-Dauphine في فرنسا، والماجستير في العلوم الدبلوماسية والمفاوضات الاستراتيجية من جامعة Paris-Sud في فرنسا، وماجستير في الاقتصاد والتمويل الدوليين من الجامعة اللبنانية. تتركز أبحاثها حاليًا على التنمية والاقتصاد السياسي في لبنان.
تسارعت الأحداث قبل أن تبدأ إسرائيل عملياتها العدائية على لبنان، منذ نهاية أيلول/ سبتمبر 2024، بعد مرور عامٍ على ما أسماه حزب الله "جبهة الإسناد" لغزة، وتراكمت على آثار أزمةٍ من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية المعاصرة التي لم تنتهِ منذ انفجارها في الربع الأخير من عام 2019. ويبدو من الصعب التفريق على نحو واضح بين ما هو نتاجٌ للحرب الأخيرة وما هو نتاجٌ للأزمة الاقتصادية، لكن لا يخفى أن الدمار الواسع، المتمثّل في موجات النزوح، والوفيات والإصابات، وخسارة الأراضي الزراعية والممتلكات، سوف يجعل العودة إلى الوضع القائم قبل الحرب (على سوئه) غير ممكنٍ في المدى القريب والمتوسط. صحيحٌ أن الحرب بدأت في نهاية موسم الاصطياف، لكنها أتت في بداية موسم القطاف، وتجهيز الأراضي الزراعية، وبداية العام الدراسي؛ ما أثقل عاتق اللبنانيين الذين استنزفت الحرب مدخراتهم، وأدّت إلى انخفاض قدراتهم الشرائية.
قد يفكّر المرء في مقارنة الوضع الحالي بآثار الحرب الإسرائيلية عام 2006، لكن حجم الدمار أكبر، والظروف الاقتصادية التي انطلقت في أثنائها الحرب كانت أصعب، والمناخ السياسي الوطني كان أكثر اضطرابًا، والظروف الأمنية والجيوسياسية كانت في أسوأ حالتها منذ عقود، إضافةً إلى أنّ الدمار الذي تمّ رصده بعد نهاية حرب عام 2006 كان كلّه محصورًا جغرافيًا، وقد انتهى في 33 يومًا، وهو ما يطرح أسئلة جدّية عن قدرة لبنان على النهوض مجدّدًا، وإعادة إعمار ما أصابه من دمار، وقدرته على إعادة "ضبط إيقاع اقتصاده" وتمكينه من الانطلاق والنمو مجددًا. هذه الأسئلة وغيرها قد لا تلقى إجابة واضحة حتى عند المعنيّين أنفسهم، الذين أصبحوا يدركون تمامًا أنّ التجارب السابقة، وعدم قدرتهم على الخروج بحلول عملية وواقعية للأزمات السابقة، الأقل فتكًا من الحالية، تثير شكوكًا وقلقًا بشأن الاقتصاد اللبناني وآفاقه المستقبلية.