مدى وجاهة الحرب الجمركية الأميركية ومآلاتها
أوراق اقتصادية 17 أبريل ، 2025

مدى وجاهة الحرب الجمركية الأميركية ومآلاتها

وحدة الدراسات الاقتصادية

تختصّ وحدة الدراسات الاقتصادية في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدراسات والتحليلات الاقتصادية، وتتناول ديناميات اقتصادات البلدان العربية، وتقدّم المقترحات السياساتية التي تساهم في دعم جهود التنمية الشاملة والمستدامة.

تعكف الوحدة على إجراء دراسات متخصصة قائمة على بحثٍ وتحليلٍ لأوضاع اقتصادات البلدان العربية، وإمكاناتها والفرص الكامنة والتحديات التي تواجهها، وكيفية اشتباكها مع الظروف والمعطيات المستجدة إقليميًا وعالميًا، وتحليل السياسات الاقتصادية التي تنتهجها البلدان العربية، وتقديم قراءات معمقة بشأنها.

مقدمة

دافع الممثل التجاري الأميركي جيمسون جرير Jamieson Greer بحماسة عن التعريفات الجمركية الصارمة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب خلال جلسة استماع في الكونغرس في 8 نيسان/ أبريل 2025، لكن ترامب نشر على منصته الاجتماعية "تروث سوشيال" Truth Social أنّ الإدارة ستؤجل زيادة التعريفات الجمركية الإضافية على جميع دول العالم مدة 90 يومًا بعد ساعات فقط من بدء العمل بها يوم الأربعاء، 9 نيسان/ أبريل، مستثنيًا الصين[1]. يسلط هذا التناقض الصارخ الضوء على طبيعة صنع القرار المتقلبة وغير المتوقعة في السياسة التجارية الأميركية الحالية والاقتصادية والسياسية بصورة عامة، على نحو يترك الشركات والحلفاء والأسواق في سباق محموم لمجاراة التغييرات والتصرف وفقًا لها.

لا يمكن الجزم بالأسباب الحقيقية التي دفعت ترامب إلى التراجع المفاجئ عن قراره، فهو لم يُبد اهتمامًا يُذكر بتحذيرات الخبراء والاقتصاديين المخضرمين الذين نبّهوا مرارًا إلى مخاطر سياسته الجمركية المتشددة. بل إنه لم يكترث حتى لنصيحة مستشاره المقرب إيلون ماسك، الذي يصفه بالعبقري، والذي هاجم تلك السياسة علنًا، ووصف بيتر نافارو Peter Navarro ضمنًا في تغريدةٍ على منصة إكس، المستشار التجاري للرئيس، بأنه "أغبى من كيس حجارة"[2]. وتجاهل ترامب الانهيارات المتسارعة في الأسواق العالمية، التي قادها التدهور الحادّ في البورصات الأميركية. وبدلًا من التعليق على الأزمة المتفاقمة، اكتفى بنصح الأميركيين، عبر منصته، بالتحلي بـ "القوة والصبر والشجاعة"، مؤكدًا أنّ كل ما يحدث سيقود في النهاية إلى عظمة الولايات المتحدة الأميركية[3].

يبدو أنّ ما أزعج ترامب حقًا، أو على الأقل أزعج مستشاريه، هو التحرك غير الطبيعي في سوق السندات، حيث ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات رغم انهيار الأسهم، خلافًا للمنطق الاقتصادي المعتاد الذي يدفع المستثمرين عادةً إلى اللجوء إلى السندات باعتبارها ملاذًا آمنًا عندما تتراجع الأسواق[4]. ولعل هذا التطور كان بمنزلة القشة التي قصمت ظهر البعير، أو ربما كان ذلك الحد الأقصى لما يمكن أن تتحمّله قاعدته الحزبية من سياسات مثيرة للجدل. فسوق السندات بمنزلة الرئتين وهي القاعدة الحاضنة للاقتصاد الأميركي الذي تعاني ميزانيته العامة عجزًا مزمنًا يجري تمويله بسهولة من خلال هذه السوق.


[1] Bryan Mena, “Trump’s Top Trade Official wasn’t Informed of Tariff Delay Until After Announcement,” CNN Business, 9/4/2025, accessed on 11/4/2025, at: https://acr.ps/1L9zQZ0

[2] “Musk Says He Hopes for 'Zero Tariffs' between US and Europe,” Reuters, 6/4/2025, accessed on 15/4/2025, at: https://acr.ps/1L9zR4O

[3] “Trump Tells Americans to be Patient as Global Markets Keep Dropping Over Tariffs,” PBS News, 7/4/2025, accessed on 11/4/2025, at: https://acr.ps/1L9zR2t

[4] Peter Nicholas, Garrett Haake & Carol E. Lee, “How Trump Changed his Mind on Tariffs,” NBC News, 10/4/2025, accessed on 15/4/2025, at: https://acr.ps/1L9zQL1