عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدورة الثامنة لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، في الفترة 27–28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، وخصصت هذه الدورة لموضوع "استجابة دول الخليج العربية لجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19): السياسات والتداعيات"، بوصفه موضوعًا رئيسًا أوَّلَ، في محور القضايا الداخلية. فيما ناقش المنتدى في محوره القار حول العلاقات الدولية موضوع "المصالحة الخليجية: آفاقها وانعكاساتها على علاقات دول الخليج الإقليمية والدولية".

وناقشت الأوراق البحثية المقدمة في محور "استجابة دول الخليج العربية لجائحة كوفيد-19"موضوعات وقضايا متصلة بتأثير تفشي الجائحة، وتأثير انهيار أسعار النفط في دول الخليج العربية، واستجابة حكوماتها في قطاعات الصحة والتعليم والاقتصاد، وأبرز الدروس المستفادة. أما المشاركون في مسار "المصالحة الخليجية"، فقد ركّزت أوراقهم البحثية على خلفيات المصالحة، وانعكاساتها على علاقات دول مجلس التعاون الخارجية ومواقفها من أزمات المنطقة.

في محور "استجابة دول الخليج العربية لجائحة كوفيد-19"

ناقشت الجلسة الأولى سياسات دول الخليج العربية في التعامل مع تفشي كوفيد-19، وقدّم فيها نايف نزال الشمري، أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، ورقة عن التأثيرات السلبية لتفشي الجائحة في اقتصادات دول مجلس التعاون في ضوء الضربة المزدوجة التي تعرضت لها؛ نتيجة لتفشي الجائحة، بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط العالمية إلى معدل غير معهود منذ بدء الاعتماد على النفط في الاقتصاد العالمي. أما أحمد عارف، وهو باحث في السياسات العامة بمعهد الدوحة الدولي للأسرة، فقد رصد اختلاف استجابة السياسات في بقعتين من العالم العربي، هما المشرق العربي والخليج العربي. وناقش طارق بن حسن، أستاذ السياسات والتخطيط والتطوير في جامعة قطر، الكيفية التي أجبرت فيها الجائحة وانخفاض أسعار النفط الحكومات في منطقة الخليج على تكثيف جهود التنويع الاقتصادي للتحول نحو اقتصاد المعرفة. 

تناولت الجلسة الثانية في المحور ذاته استجابة الكويت لجائحة كوفيد–19، قدّم فيها فهد يوسف الفضالة، وهو مستشار بالمعهد العربي للتخطيط في الكويت، ورقة قال فيها إن الكويت نفذت سياسة عامة مرنة لاحتواء الجائحة، اتخذت فيها العديد من الإجراءات التنفيذية الفعالة للتخفيف من حدة تداعيات الجائحة. أما ملك الرشيد، أستاذة العمل الاجتماعي في جامعة الكويت، فقد أكّدت أن الحكومة الكويتية واجهت تحديات عدة إبان مكافحتها تفشي كوفيد-19، من بينها مشكلات التعامل مع العمالة الوافدة.

شهد ختام اليوم الأول محاضرةً عامة، ألقاها ب. غاي بيترز بعنوان "استجابة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لجائحة كوفيد-19: الإجراءات والدروس المستفادة". ناقش فيها كيفية استجابة دول مجلس التعاون للجائحة، مع الإشارة إلى أوجه الشبه والاختلاف بين هذه الدول. وقارن أيضًا استجابة هذه البلدان باستجابة دول أخرى في العالم، سواء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو في أجزاء أخرى من العالم. وأشار الباحث إلى أنه على الرغم من أن بلدان الخليج تمكنت من تحقيق مستويات عالية من توزيع اللقاحات والاستثمار فيها، فإن أسئلة عدة تبقى مطروحة عن جوانب أخرى لإدارة تفشي الجائحة من المهم تحسينها، في حال وجود موجات جديدة من الوباء أو تفشي أوبئة أخرى، ولا سيما التنويع الاقتصادي والتخطيط للبرامج الصحية العامة.

ناقشت الجلسة الأولى في اليوم الثاني من المؤتمر ضمن محور استجابة دول الخليج العربية لجائحة كوفيد-19 استجابة سلطنة عُمان وتداعيات الجائحة عليها. وقد تناول أشرف مشرف، رئيس كرسي بحثي لغرفة تجارة وصناعة عُمان للدراسات الاقتصادية بجامعة السلطان قابوس، أهم السياسات التي اتخذتها حكومة سلطنة عمان لمواجهة كوفيد-19، ثم قدّم تحليلًا لأهم الإجراءات الاحترازية ومدى فاعليتها في المساعدة على الحد من انتشار الفيروس وتقليل الخسائر الاقتصادية والمالية، والاجتماعية والبشرية. أما مبارك بن خميس الحمداني، وهو باحث اجتماعي بمجلس الشورى العُماني، فقد ركز على تكيّف الفاعلين في عُمان مع التداعيات المختلفة التي أفرزتها الجائحة.

تناولت الجلسة الثانية في اليوم الثاني استجابة كل من العراق واليمن للجائحة، وقدّم حسن لطيف كاظم ورقة متعلقة باستجابة العراق لجائحة كوفيد-19. وحلل صلاح المقطري، أستاذ الاقتصاد والتمويل، ورئيس قسم الاقتصاد والمالية في جامعة صنعاء، في ورقته على استجابة اليمن لكوفيد–19.

في الجلسة الأخيرة من المحور نفسه، ركزت عهود البلوشي، التي تشغل وظيفة رئيس قسم البحوث والدراسات بمركز الدراسات العُمانية في جامعة السلطان قابوس، على القطاع التعليمي في دول الخليج العربية في ظل الجائحة، من خلال مقارنة استجابة هذه الدول فيما بينها، فضلًا عن مناقشة أبرز التحديات التي واجهتها في هذا القطاع خلال الأزمة، وكذلك دراسة الفرص التي خلقتها لتطوير التعليم والاستفادة من التقنيات الحديثة في إعادة هيكلة التعليم وأدواته. وتناولت خولة المرتضوي، التي تشغل وظيفة رئيس قسم الإعلام والنشر في جامعة قطر، دور قطاع التعليم في قطر في الاستجابة لكوفيد-19 مع التركيز على جامعة قطر.

في محور "المصالحة الخليجيية"

ناقشت الجلسة الأولى في محور العلاقات الدولية، خلفيات المصالحة الخليجية والتحديات المحتملة، وقدّم فيها ماجد التركي، رئيس مركز الإعلام والدراسات العربية الروسية في الرياض، ورقة عن اتجاهات المصالحة الخليجية ومساراتها، واللقاءات الإقليمية التي تشكلت في فترة الأزمة الخليجية، والتحديات السياسية والأمنية والعسكرية المحتملة. في السياق ذاته، قدّم عبد الله الشايجي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الكويت، ورقة عن أسباب عدم اكتمال المصالحة الخليجية وتداعياتها على بلدان الخليج العربية، مؤكدًا أن المصالحة الخليجية لا تزال تواجه تحديات عدة يمكن أن تلقي بتداعياتها على العمل الخليجي المشترك والأمن الخليجي. وقدّم ماجد الأنصاري، رئيس أكاديمية قطر الدولية للدراسات الأمنية، ورقة عن التحديات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط ودورها في رفع المخاوف السياسية والأمنية إلى مستوى جديد في العلاقة بين دول مجلس التعاون. وفي الورقة الأخيرة، قدّم عبد الله الغيلاني، الباحث العُماني في الشؤون الاستراتيجية، قراءة في تداعيات الأزمة الخليجية لا على مستوى الشروخ الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية فحسب، بل على المستوى الأمني الإقليمي لدول الخليج العربية.

في الجلسة الثانية من المحور نفسه، قدّم محمد الرميحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة الكويت، ورقة عن تغير تموضع منطقة الخليج العربية في السياسة الدولية. وناقش ظافر العجمي، المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج، المحاولات الدبلوماسية التي شهدتها منطقة الخليج لحل أزماتها، مشيرًا إلى أن دبلوماسية "حب الخشوم"، بوصفها دبلوماسية تقليدية متعارف عليها في منطقة الخليج، وإن ساهمت في إيجاد حلول مؤقتة لأزمات منطقة الخليج العربية، فإنها تحمل بين طياتها إهمالًا لإيجاد حلول جذرية ودائمة للأزمات. وفي الورقة الأخيرة، أكّد خالد الجابر، مدير مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في واشنطن، على أن الموقف الأميركي، الذي كان عاملًا رئيسًا في اندلاع الأزمة الخليجية وانتهائها، فرَضَ مجموعة من التساؤلات عن مدى الاعتماد على الولايات المتحدة الأميركية في توفير الحماية الدفاعية لدول الخليج العربية.

في الجلسة الثالثة من المحور نفسه، ركز محمد المسفر، الأستاذ في جامعة قطر، على تداعيات المصالحة الخليجية في العلاقة مع إيران في ظل وجود إدارة إيرانية جديدة برئاسة إبراهيم رئيسي. وأشار إلى أن إيران التي تواجه أزمتين في علاقاتها الخارجية: تتعلق الأولى بالتوترات والأزمات في العلاقات مع دول الجوار الإقليمي، وتتصل الثانية بعلاقاتها الدولية مع الولايات المتحدة، قد تميل إلى تحسين علاقاتها على المستوى الإقليمي بوصفه نقطة انطلاق للسياسة الخارجية. وفي السياق نفسه، ركز محجوب الزويري، مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر، في ورقته على تقييم الموقف الإيراني وتفاعلاته مع اتفاق العلا. وفي الورقة الأخيرة، رأى روبرت ماسون، وهو زميل غير مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، أن احتمالية تحقيق وقف التصعيد في الخليج في ظل اتفاق المصالحة الخليجية، في خضم المنافسات الخليجية المستمرة والاضطرابات الإقليمية والكراهية الراسخة بين الولايات المتحدة وإيران والتقلبات في الدبلوماسية الأميركية، تبدو ضئيلة جدًا.

في اليوم الثاني من جلسات محور القضايا الخارجية، وفي جلسة خصصت لمناقشة المصالحة الخليجية وتداعياتها على العلاقة مع مصر والقرن الأفريقي، تناول حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، آفاق المصالحة الخليجية وانعكاساتها على علاقة مصر بدول الخليج العربي، سواء كان ذلك على المستوى الثنائي، أو على مستوى العلاقة مع مجلس التعاون لدول الخليج العربية. أما حسن الحاج علي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم، فقد ركز على تأثير المصالحة الخليجية في التنافس الذي كان قائمًا بين دول الخليج حول منطقة القرن الأفريقي. 

في الجلسة الثانية من اليوم الثاني في المحور نفسه، أشار إبراهيم جلال، وهو باحث غير مقيم في برنامج شؤون الخليج واليمن التابع لمعهد الشرق الأوسط MEI، وباحث في مركز السياسة اليمنية، إلى أن قمة العلا على الرغم من أنها أنهت الأزمة بين دول مجلس التعاون فإن الدوافع الداخلية لهذه الأزمة لا تزال بعيدة عن المعالجة. أما فراس إلياس، وهو باحث عراقي، فقد ناقش تداعيات المصالحة الخليجية على العراق ومكانته بالنسبة لدول الخليج، ورأى أن العراق حرص على اعتماد سياسة متوازنة حيالها. 

في الجلسة الأخيرة من هذا المحور، ناقش بولنت آراس، وهو خبير أول في القياس واستطلاعات الرأي، وأستاذ زائر للعلاقات الدولية بجامعة قطر، تداعيات المصالحة على العلاقة مع تركيا، مشيرًا إلى أن استكمال المصالحة الخليجية يستلزم اتخاذ خطوات أوسع مثل الحوار البناء؛ ليس مع تركيا وإيران فقط، بل أيضًا مع أطراف أخرى مثل الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي. أما عماد قدورة، وهو باحث ومدير قسم التحرير في المركز العربي، فقد ركز في ورقته على تحولات سياسة الهند تجاه دول الخليج العربية إزاء الأزمة الخليجية وما بعدها، والعوامل المؤثرة فيها. أخيرًا، أشار محمد الشرقاوي، وهو أستاذ تسوية الصراعات الدولية في جامعة جورج ميسن في واشنطن، إلى تباين تعامل الإدارة الأميركية مع قطر؛ من محاولة الرئيس السابق دونالد ترامب ربط اسم قطر بـ "دعم الإرهاب"، وصولًا إلى وضع حكومة الرئيس بايدن رعاية المصالح الأميركية في أفغانستان في عهدة السفارة القطرية في كابل.