الدكتور مروان قبلان متحدثا في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر
عبد العزيزي بن ناصر آل خليفة محاضرا عن
جانب من المحاضرة الافتتاحية لأعمال المنتدى
فترة نقاش مع الجمهور بعد المحاضرة الافتتاحية
فترة نقاش مع الجمهور بعد المحاضرة الافتتاحية
خلال الجلسة الافتتاحية
جلسة: سياسات التنويع الاقتصادي والعمل في دول الخليج العربية
الجلسة الأولى في محور أمن الخليج: دول الخليج العربية والمعضلة الأمنية
جلسة: المجتمع المدني وصنع السياسات العامة في الكويت
جلسة: استجابة دول الخليج العربية للمخاطر الأمنية
المتحدثون خلال الجلسة الثانية في محور أمن الخليج في بيئة متغيرة
جانب من الحضور في أعمال المنتدى
حضور كبير ومتنوع للباحثين والأساتذة والمهتمين

عقد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، يومي 7 و8 كانون الأول/ ديسمبر 2019، الدورة السادسة لمنتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، في مقره الرئيس بالدوحة.

تناول المنتدى في محوريه، صنع السياسات العامة في دول الخليج العربية، وأمن الخليج العربي في بيئة متغيرة. وتوزعت جلسات المحور الأول على مواضيع متصلة بسياسات التنويع الاقتصادي والعمل في دول الخليج العربية، وسياسات الطاقة والتغيير المناخي، وسياسات التعليم والتعليم العالي، وتحديات صنع السياسات العامة في دول الخليج العربية، وغيرها. أما المحور الثاني، فركز على أمن منطقة الخليج، واستجابة دول الخليج العربية للتحديات الأمنية، والتوتر الأميركي – الإيراني، وأمن الطاقة وغيرها.

قدمت خلال أعمال المنتدى نحو 40 ورقة موزّعة على 12 جلسة، إضافةً إلى محاضرة عامة ألقاها السيد عبد العزيز بن ناصر آل خليفة، الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية. وشارك في المنتدى مجموعة من الباحثين العرب والأجانب؛ منهم خالد راشد الخاطر، وعبد الله الغيلاني، وكاظم هاشم نعمة، وكريستيان أولريكسن، وعبد الله الشايجي، ويعقوب الكندري، وملك الرشيد، وشريفة عبد الله العدواني، وظافر العجمي، ونوف الدوسري، ومحمد رضوان ترمانيني، ومحمد المسفر، ويوسف بن حمد البلوشي، وآخرون.

افتتح أعمال المنتدى الدكتور مروان قبلان، الباحث في المركز العربي ورئيس لجنة منتدى دراسات الخليج والجزيرة العربية، مؤكدًا في كلمته أن التفكير في المنتدى منذ نسخته الأولى ركز على تناول شؤون منطقة الخليج العربي، تناولًا شاملًا لا يطغى فيه بعد على آخر، وعلى أن يتم تناول كل القضايا بلا استثناء، سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية وإعلامية وغيرها. وأضاف قبلان بأنه لتحقيق هذه الشمولية في الطرح، فقد تقرر أن يتناول المنتدى في كل دورة محورين رئيسين؛ يختص الأول بقضية داخلية تعالج همًّا خليجيًا معيّنًا وتتغير سنويًّا، ويتناول الثاني السياسات الخارجية لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وعلاقاتها الإقليمية والدولية، وهو محور ثابت في فعاليات المنتدى.

دور بنك قطر للتنمية في تحقيق أهداف التنمية الوطنية

بدأت أعمال المنتدى، بمحاضرة عامة، لسعادة السيد عبد العزيز بن ناصر آل خليفة، الرئيس التنفيذي لبنك قطر للتنمية، عنوانها "دور بنك قطر للتنمية في تحقيق أهداف سياسات التنمية الوطنية في دولة قطر"، تناول فيها مساهمة بنك قطر للتنمية وموقعه في استراتيجية التنويع الاقتصادي ونمو القطاع الخاص، مع التركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال.

وأشار المحاضر إلى أن بنك قطر للتنمية يسعى إلى تعزيز ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، ولا سيما لدى الموظفين القطريين، وتعزيز مستويات الإنتاجية، وزيادة حجم ومساهمة صادرات السلع والخدمات غير الهيدروكربونية في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد المحلي، وتقوية مركز قطر كمركز إقليمي للقطاعات ذات الأولوية.

ثم تناول المحاضر التحديات التي تواجه القطاع الخاص القطري ويسعى البنك لتذليلها، ومن بينها تطوير البيئة الاقتصادية والبنية التحتية، وتطوير الأطر الإدارية والتشريعية، وتعزيز فرص الوصول إلى المعلومات والتدريب، وتعزيز فرص الوصول إلى التمويل المناسب. ثم اختتم مداخلته بالحديث عن الأهداف المأمولة للبنك ضمن خطته 2018-2023، بمضاعفة مساهمة البنك في الناتج المحلي الإجمالي لدولة قطر، ودعم جهود الاكتفاء الذاتي وزيادة القيمة المضافة عبر القطاعات ذات الأولوية في قطر.

سياسات التنويع الاقتصادي والعمل في دول الخليج العربية

ناقشت الجلسة الأولى، في محور صنع السياسات العامة في دول الخليج العربية، سياسات التنويع الاقتصادي والعمل في دول الخليج العربية. وقدم فيها خالد الخاطر، الباحث في السياسة النقدية وعلم الاقتصاد السياسي، ورقة تطرق فيها إلى التحديات التي تواجه التكامل الاقتصادي بين دول الخليج العربية؛ فأشار إلى أنه رغم التعديلات التي وردت على الاتفاقية الاقتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون عام 2001 لتعزيز إنشاء اتحاد جمركي وسوق خليجية مشتركة واتحاد نقدي، فإن هذه الدول ظلت عاجزة عن تحقيق تكامل اقتصادي حقيقي فيما بينها خلال أكثر من ثلاثة عقود. وقد ظهرت هذه التحديات تحديدًا، وعلى نحوٍ واضح، خلال أزمة حصار قطر التي بدأت في حزيران/ يونيو 2017.

في السياق ذاته، قدم محمد رضوان ترمانيني، الباحث والخبير الاقتصادي الدولي، بحثًا عن التحديات التي تواجه سوق العمل في دولة قطر، مؤكدًا أن رؤية قطر الوطنية 2030 تتطلب من صانع السياسة العامة التركيز على وضع استراتيجيات تركز على التنمية الوطنية بأوجهها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية والبيئية، بدلًا من التركيز على تحقيق مؤشرات "النمو" العددية، التي تعتمد على الادخار والاستثمار كقوة دافعة للنمو. واختتمت الجلسة بورقة قدمها أحمد عارف، الباحث بمعهد الدوحة الدولي للأسرة، تناول فيها سياسات الاندماج والاستبعاد الاجتماعي، مع التركيز على سياسات العمل للوافدين إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وذلك خلال السنوات الخمس الماضية.

المجتمع المدني وصنع السياسات العامة في الكويت

في الجلسة الثانية، قدم الباحث إبراهيم الهدبان، نيابة عن يعقوب الكندري، أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في جامعة الكويت، ورقةً موضوعها التحديات التي تواجه المجتمع المدني في الكويت، مع التركيز على التناقض بين الأهداف المأمولة والواقع عند التنفيذ، والتفاوت في الأداء وتحقيق الأهداف، وصعوبة الحصول على التمويل، ومشكلات الإدارة، وضعف مشاركة المرأة الكويتية.

على مستوى مواز، قدمت ملك الرشيد، أستاذة العمل الاجتماعي في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت، ورقة جادلت فيها بأنه على الرغم من تطور قضية حقوق المرأة في الكويت، فإنه لا يمكن إنكار وجود الكثير من المعوقات والتحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتشريعية، التي ما زالت تساهم في تحجيم دور المرأة الكويتية في الحياة العامة وتقيد حريتها. وأكدت الرشيد ضرورة تفعيل العمل المشترك بين السلطات العامة في الدولة ومنظمات المجتمع المدني، لمأسسة التعاون وتعزيزه في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

واختتِمت الجلسة بورقة قدمتها شريفة عبد الله العدواني، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالكويت، تناولت فيها بالبحث الدور الذي تؤديه المرأة في عملية صنع السياسات العامة في دول الخليج العربية، مع التركيز على جمعية الشباب الكويتية.

الطاقة والتغير المناخي في دول الخليج العربية

افتتحت الجلسة الثالثة بورقة لرشيد البزيم، الباحث في جامعة ابن زهر في المغرب، عن مساهمات دول الخليج العربية ومدى تكاملها وتداخلها مع خططها التنموية البعيدة المدى، وارتباط الالتزامات المناخية بجهود الحد من التغيرات المناخية. وأوصى البزيم بضرورة أن تستفيد دول الخليج أكثر من إدماج سياساتها التنموية الوطنية في عملية الحد من التغيرات المناخية؛ وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تخطيط تنفيذ برامج أكثر فاعلية وتقييمها.

كما قدم لاورنت لامبرت، أستاذ السياسة العامة في معهد الدوحة للدراسات العليا، وكريستينا داليساندرو، الباحثة في مركز الحوكمة بجامعة أوتاوا بكندا، ورقة مشتركة عن التحديات التي تواجه صناع السياسات العامة في دول الخليج العربية في مجال الطاقة، ولا سيما أنه من المتوقع أن يؤثر التغير المناخي العالمي وارتفاع مستوى سطح البحر مباشرة في المستويات المعيشية للملايين من سكان المدن الساحلية في الخليج العربي في العقود المقبلة.

واختتمت الجلسة بورقة لآمال ينون، أستاذة الاقتصاد بجامعة محمد الصديق بن يحيى بالجزائر، عن السياسة المائية المعتمدة في دول الخليج العربية منذ بداية الألفية الثالثة، ودورها في تحقيق استدامة الموارد المائية وتجاوز عقبة الجغرافيا الطبيعية. وأشارت ينون إلى أن السياسة المائية المعتمدة في دول الخليج العربية، ولا سيما المستعملة من أجل زيادة الإمدادات المائية بالتركيز على تحلية مياه البحر، لم تكن ناجعة، بل حمّلت هذه الدول تكاليف مالية باهظة جدًا.

المعضلة الأمنية لدول الخليج العربية

في الجلسة الأولى، من محور أمن الخليج العربي في بيئة متغيرة، تتبع كاظم هاشم نعمة، الباحث في الشؤون الاستراتيجية والعلوم السياسية، سياسةَ دول الخليج العربية الإقليمية، فرأى أنها تعتمد على ديناميكية المثلثات. وأشار نعمة إلى أن جذور ظاهرة العلاقات الثلاثية في منطقة الخليج العربية تقوم على افتراض أمني جيوستراتيجي أكثر منه أيديولوجي، وفحواه تأمين أمن منطقة الخليج العربية.

في الورقة الثانية، قدم عبد الله الشايجي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الكويت، ورقة عن المعضلة الأمنية التي تواجهها دول الخليج العربية. وأشار إلى أنها بدأت مع وصول الرئيس الأميركي باراك أوباما، واستمرت وتفاقمت في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وأضاف بأن السياسة الأميركية تجاه منطقة الخليج العربية تغذي المعضلة الأمنية في المنطقة، ولا سيما أنها تقوم على ممارسة "أقسى أنواع الضغط"، بهدف تغيير سلوك دول المنطقة.

في المداخلة الثالثة، أشار عبد الله الغيلاني، الباحث العماني في الشؤون الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربية، إلى ثلاثة جوانب أسهمت في المعضلة الأمنية لدول الخليج العربية. أولها هيكل السلطة السياسية؛ حيث عززت هذه الظواهر شرعية الحكم من خلال الوراثة. وثانيها الظاهرة الريعية؛ حيث اتكأت الدولة على مداخيل النفط التي مثلت المصدر الرئيس للموارد المالية، وأخفقت في المقابل في استحداث مصادر أخرى لاستثمار التدفقات النقدية التي جلبتها الموارد النفطية. وثالثها الجانب السياسي الإقليمي والدولي وموازين القوى.

واختتمت الجلسة بورقة لكريستيان أولريكسن، الباحث في معهد بيكر للسياسة العامة بالولايات المتحدة، طرح فيها عاملين من العوامل الحاسمة التي حددت التوازن في السياسة الخليجية لنحو ثلاثين عامًا.

استجابة دول الخليج للمخاطر الأمنية

استعرضت الجلسة الثانية، من محور أمن الخليج العربي في بيئة متغيرة، الكيفية التي استجابت بها دول الخليج للمخاطر الأمنية. وفي هذا الإطار شدد ظافر العجمي، المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج، على أن منطقة الخليج العربية، منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015، تنبَّهت إلى أهمية القوة البحرية في فرض الأمن في منطقة الخليج العربية. وأشار العجمي إلى ضرورة قيام دول الخليج العربية بتعزيز قوتها البحرية، وذلك لحفظ أمن مياهها الإقليمية.

أكد تايلر باركر، باحث الدكتوراه في العلاقات الدولية في كلية بوسطن بولاية ماساتشوستس الأميركية، أن سعي المملكة العربية السعودية لفرض الهيمنة على دول مجلس التعاون أدى إلى دفع البحرين والإمارات العربية المتحدة وقطر إلى تحقيق التوازن الاستراتيجي في سياساتها مع السعودية. في مقابل ذلك، اختارت سلطنة عُمان والكويت اتباع سياسة التحوّط، وذلك باعتماد استراتيجية جيوسياسية تتفاعلان فيها مع السعودية على نحو انتقائي، مع مواجهتها بالتدابير العسكرية والسياسية والاقتصادية.

وقد شددت نوف الدوسري، باحثة الدكتوراه في جامعة إسكس بالممكلة المتحدة، على أن سلطنة عمان لها سياسة فريدة؛ إذ ترسم علاقة جيدة مع إيران من جهة، ومع دول الخليج العربية من جهة أخرى. وأضافت الدوسري أن عُمان لديها وجهة نظر أخرى تتميز بها عن دول الخليج العربية؛ فهي ترفض فكرة وجود إيران بوصفها تهديدًا.

التوتر الأميركي – الإيراني وانعكاساته على أمن الخليج

في الجلسة الثالثة، في محور أمن الخليج في بيئة متغيرة، ناقش مهران كامرافا، مدير مركز الدراسات الدولية والإقليمية في جامعة جورجتاون بقطر، التوترات بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، خاصة بعد انسحاب إدارة ترامب من جانب واحد من الاتفاق النووي لعام 2015. وقد أشار كامرافا إلى أنه على الرغم من خطر الحرب الوشيكة بين الولايات المتحدة وإيران، فإنه يرى أنه من غير المرجح أن يشن أي من الطرفين عمدًا هجومًا عسكريًا على الطرف الآخر ويشن حربًا مفتوحة. وأكد أنه من غير المحتمل أن تترجم الولايات المتحدة، التي اتخذت موقفًا عدائيًا وعدوانيًا خاصة تجاه إيران خلال إدارة ترامب، عمدًا تلك العملية العسكرية إلى عمل عسكري ضد عدوها القديم.

أما محجوب الزويري، مدير مركز دراسات الخليج وأستاذ تاريخ الشرق الأوسط المعاصر المشارك في جامعة قطر، فقد أشار في ورقته المشتركة مع ميسر سليمان، باحثة الدكتوراه في برنامج دراسات الخليج، إلى أن الأزمة في العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران تشكلت واصطبغت بهذا اللون العدائي الشديد؛ بسبب حضور لاعبَين خليجيَين، هما السعودية والإمارات اللتان اعتبرتا التوافق مع ترامب على عداء إيران جسرًا مهمًا لتقوية علاقاتهما، وتشكيل جبهة قوية بحضور إسرائيل لإضعاف النظام السياسي في إيران خطوةً تمهّد لتغييره.

كما شدد علي فتح الله نجاد، الباحث في مركز بروكنجز في الدوحة، في ورقته على أن انسحاب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أيار/ مايو 2018 من جانب واحد من الاتفاق النووي الإيراني يبشر بسياسة "أقصى ضغط" تجاه إيران، مع إعادة فرضها على نحو فعّال العقوبات التي تتجاوز الحدود الإقليمية، والأهم من ذلك استهداف النظام المالي الإيراني وصادرات النفط.

سياسات التعليم واللغة في دول الخليج العربية

في الجلسة الرابعة من محور صنع السياسات العامة في دول الخليج العربية، شدد علي وطفة، أستاذ علم الاجتماع التربوي بجامعة الكويت، على أن الثورة التكنولوجية في التعليم، التي فرضها التسارع التكنولوجي، أجبرت صناع السياسات العامة على إجراء تغيير جوهري في برامج ووظائف واستراتيجيات التعليم؛ الأمر الذي ألزمهم إعادةَ النظر، على نحو جذري، في العديد من الأنظمة التربوية والتعليمية المعمول بها في عُمان.

أما سيف المعمري، الأكاديمي في كلية التربية بجامعة السلطان قابوس، فقد أشار في ورقته المشتركة مع جليلة البلوشي وهلال السالمي إلى أنه على الرغم من التطورات التي شهدها قطاع التعليم بشقّيه المدرسي والعالي خلال العقود الخمسة الماضية، فإن السياسات التعليمية العُمانية في حاجة إلى مراجعة من الداخل، من أجل تبيّن جوانب الضعف والقوة بداخلها، وذلك من أجل المساعدة في صنع سياسات تعليمية تدرك التعقيدات المختلفة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، التي تؤثر في التعليم في عُمان.

في السياق ذاته، عرّج عبد الله التوبي، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الشرقية بسلطنة عُمان، في ورقته المشتركة مع أحمد الفواعير، أستاذ التربية الخاصة في جامعة نزوى بسلطنة عُمان، على مسألة المواطنة في سياسات التعليم في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مع التركيز على الحقوق والواجبات. وأوصى الباحثان بضرورة جعل قيم المواطنة ركيزة أساسية في تطوير المنظومة التعليمية في دول المجلس، وبغرس مفاهيم المواطنة الفاعلة لدى الطلبة الجامعيين وأعضاء هيئة التدريس.

الحوكمة والمجالس التمثيلية في دول الخليج العربية

تناولت الجلسة الخامسة، من محور صنع السياسات العامة، التحديات التي تواجه صناع السياسة في دول الخليج العربية. وجاء في ورقة أحمد بدران، أستاذ السياسات العامة في جامعة قطر، أنه على الرغم من التحولات التي شهدتها ساحة صنع السياسات العامة وتنفيذها مؤخرًا، ولا سيما تنامي دور الفاعلين غير الحكوميين في هذه المنظومة، فإن هذا لا يعني تراجع الدور الحكومي أو فقدان الجهات الحكومية السيطرة الكاملة على هاتين العمليتين في دول الخليج العربية؛ إذ لا تزال الجهات الحكومية تمتلك جلّ الصلاحيات في هذ المجال.

في ورقته، ركز الباحث العماني، يوسف بن حمد البلوشي، على أن دراسة السياسات العامة في دول الخليج العربية تستوجب فهم واستيعاب الروابط والتشابكات (التقاطعات) التي تحكم العلاقة بين المتغيرات: من يُؤثر؟ ومن يتَأثر؟ قبل الشروع في تحليل صنع السياسات ووضع حلول للاختلالات الواضحة التي يرزح تحت وطأتها الاقتصاد المحلي، والتي تمس كل عوامل الإنتاج. وأشار إلى أنّ دول الخليج تمتلك كل المقوّمات والموارد والممكنات الضرورية للانطلاق إلى آفاق تنموية أرحب، إلا أنّ ما ينقصها، كغيرها من الدول الناميَة، هو مزيج السياسات العامة الضرورية لتحقيق النموّ المستدام والتعامل مع التحديات المحلية الهيكلية.

واختُتِمت الجلسة بورقة لهلال الحبسي، الباحث بمجلس الشورى العماني، سلّط فيها الضوء على التحديات التي تواجه المجالس التمثيلية في تطبيقها للممارسة الديمقراطية الفعلية بدول الخليج العربية، مع التركيز على مقارنة صلاحيات مجالس الشورى بين دول الخليج العربية من جهة، وحضورها الفعلي في العمل التنموي من خلال أدائها التشريعي، والعمل الرقابي على السلطات التنفيذية، والمشاركة في إعداد الخطط التنموية ومراجعتها، وإقرار الموازنات المالية، وما يترتب على ذلك من متابعة ومراقبة لتنفيذ العمل بالخطط والموازنات من جهة أخرى.

حقوق الإنسان واستطلاعات الرأي والإصلاح السياسي

في الجلسة السادسة والأخيرة، من محور صنع السياسات العامة، قدّمت إليني بوليمينوبولو، أستاذة القانون والسياسة العامة بجامعة حمد بن خليفة بقطر، ورقة تناولت حضور قضايا حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون في أجندة صنّاع السياسات. وشددت بوليمينوبولو على ضرورة قيام دول الخليج العربية بتعزيز حقوق الإنسان في دول المجلس، من خلال إدخال تغييرات تشريعية وتعزيز التحولات السياسية في قطاعات الأعمال والثقافة والتعليم، بما في ذلك تلك الدول التي يكون سِجلّ حقوق الإنسان فيها منخفضًا على نحو خاص أو متدهورًا.

وعن دور استطلاعات الرأي العام في صنع السياسة، ركزت خولة مرتضوي، باحثَة الدكتوراه في جامعة ماليزيا للتكنولوجيا، على دور استطلاعات الرأي العام في دولة قطر، وأهميتها في رسم المشهد السياسي للدولة، ومدى استفادة صنّاع القرار والمخططين الاستراتيجيين في الدولة من نتائج هذه الاستطلاعات في رسم السياسات العامة. وأوصت مرتضوي بضرورة الاهتمام بنتائج مراكز استطلاعات الرأي العام وتوصياتها، ونقلها من دورها في مرحلة وصف اتجاهات الرأي العام وتحليلها إلى مرحلة الإسهام الحقيقي في رسم السياسات العامة وصنعها.

واختُتِمت الجلسة بورقة للباحث نبيل حسين بيّن فيها أن القطاع الهيدروكربوني قطاع غير متجدد وآيل إلى النفاد. وعليه، ينبغي تخفيض نسبة مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي مقابل زيادة مشاركة القطاع غير الهيدروكربوني؛ وذلك من أجل ضمان التنويع الاقتصادي الشامل الذي يهدف إلى تأسيس بنى تحتية جيدة توفر مناخًا ملائمًا للاستثمار ودافعًا إلى إنشاء مشاريع صغيرة أو متوسطة؛ لتحفيز القطاع الخاص وزيادة مشاركة المواطنين القطريين فيه حتى يكونوا موجّهين لعملية التنمية الاقتصادية وأنواع التنمية الأخرى في إطار مفهوم التنمية المستدامة.

أمن الطاقة في الخليج العربي

في الجلسة الرابعة، من محور أمن الخليج في بيئة متغيرة، شدّدت العنود آل خليفة، باحثة الدكتوراه في جامعة قطر، على ضرورة أن تبذل بلدان الخليج العربية جهودًا أكبر لضمان أمن الطاقة، من خلال تنويعها بعيدًا عن اعتمادها على النفط والغاز، والسعي لتحقيق تنمية مستدامة تعالج المتطلبات البيئية وتزيد من معدلات النمو الاقتصادي.

كما أشار نيكولاي كوزانوف، الباحث في مركز دراسات الخليج بجامعة قطر، إلى الحاجة الضرورية لتكوين بنية دولية جديدة تساهم في تشكيلها دول الخليج العربية، تشبه "أوبك"، تكون قادرة على مراقبة الوضع في سوق النفط وقادرة، عند الضرورة، على اتخاذ خطوات عملية لتنظيم حجم إنتاج النفط من جانب أعضائها؛ من أجل ضمان التوازن بين العرض والطلب.

أمن الخليج العربي في ضوء النزاعات الإقليمية

في الجلسة الخامسة، من محور أمن الخليج في بيئة متغيرة، قدّم محمد المسفر، الذي عمل أستاذًا للعلوم السياسية في جامعة قطر، ورقة عن الدور المفقود لمجلس التعاون، وأشار إلى أن هذا المجلس، الذي مرّ على تأسيسه نحو 38 عامًا، لم يقُم بالدور المطلوب منه لمواجهة التحديات التي تواجهها دول الخليج العربية، ولا سيما أنّ الظروف التي أدت إلى تأسيس المجلس هي الظروف ذاتها، بل إنها اشتدت أكثر مما كان الحال عليه عند النشأة، وخاصةً خلال الأزمة الخليجية التي بدأت في منتصف عام 2017.

أما لقاء مكي، الباحث في مركز الجزيرة للدراسات، فقدّم ورقة تناولت تأثير المتغيرات السياسية في العراق في أمن منطقة الخليج العربية. وأشار إلى أن التعاون الخليجي - العراقي خلال الحرب العراقية – الإيرانية كان مؤشرًا دالًّا على طبيعة الدور العراقي في موازين القوى في المشرق العربي، وهو ما فهمته دول مجلس التعاون حينما وضعت ثقلها خلفه في مواجهة إيران.

اختُتِمت الجلسة بورقة للباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، علي الذهب، بيّن فيها أثر الحرب اليمنية في أمن دول الخليج العربية. وأشار الباحث إلى أن التحالف العربي، بقيادة السعودية والإمارات، في الساحل الغربي على البحر الأحمر، حفز الحوثيين على تغيير معطيات الحرب، وخلط أوراقها، اعتمادًا على الدعم الإيراني. وقد دلّ على ذلك المئات من هجمات الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيّرة، على المنشآت الاستراتيجية السعودية، في العاصمة الرياض، والمنطقة الشرقية، وخلف خطوط القوات السعودية في المدن الحدودية الجنوبية؛ ما فتح المجال لتهديد أمن دول الخليج العربية مجتمعةً.

أمن الخليج العربي من منظور إقليمي ودولي

في الجلسة الختامية لمحور أمن الخليج العربي في بيئة متغيرة، قدّم مدير شركة واشنطن آناليتيكا للاستشارات السياسية، محمد المنشاوي، ورقة درس فيها كيفية تعامل الدول الخليجية مع مؤسسة الكونغرس، خلال عهد دونالد ترامب، مشيرًا إلى أنّ الخليج العربي وقضاياه لم يكونا بعيدين عن دائرة الخلاف بين الكونغرس وإدارة ترامب. فقد دفعت عدة قضايا، مثل حصار قطر، إضافة إلى قضايا أخرى تتعلق باستمرار الدعم الأميركي لحرب التحالف العربي في اليمن، وقضايا المعتقلين السياسيين في السعودية، وأخيرًا قضية نقل التكنولوجيا النووية إلى المملكة العربية السعودية، الكونغرس إلى الضغط ليؤدي دورًا أكبر خلال الأعوام الثلاثة الأولى من حكم ترامب.

كما أوضح إلياس بانتكاس، أستاذ القانون الدولي والتحكيم في جامعة حمد بن خليفة بقطر، في ورقته أنّ دولة قطر وضعت، منذ اندلاع أزمة حصار قطر في منتصف عام 2017، استراتيجية لمواجهة الحصار من شقيّن؛ تمثّل الأول في استراتيجية عمل دبلوماسي يقوم على لقاءات مكثفة مع العديد من الدول، وتمثّل الثاني في استفادة قطر من القوانين الدولية وآليات العمل المعمول بها في مؤسسات منظمة الأمم المتحدة القضائية منها والسياسية. وبهذه الطريقة، أظهرت قطر التزامًا راسخًا بسيادة القانون والحكم السليم.

في المداخلة الثالثة، قدّم عماد قدورة، مدير قسم التحرير في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ورقة بيّن فيها أنه على الرغم من أن العلاقات الاستراتيجية التركية تعززت مع بعض دول الخليج العربية خلال الأعوام القليلة الماضية، مثل قطر والكويت، فإنها شهدت تراجعًا، على الصعيد السياسي على الأقل، مع دول أخرى مثل السعودية والإمارات والبحرين. وأضاف قدورة أنّ ثمة عاملين رئيسين يؤديان دورًا مهمًا في تصور الخليج كمصلحة استراتيجية؛ أولهما مفهوم "العمق الاستراتيجي"، وثانيهما العامل الاقتصادي الذي يُعدّ أمرًا أساسيًا في تصور حزب العدالة والتنمية لمنطقة الخليج؛ نظرًا إلى أن هذه المنطقة تُعتبر "فرصة واعدة" بالنسبة إلى النمو الاقتصادي التركي.

اختتمت الجلسة بمداخلة قدّمتها باحثة الدكتوراه في دراسات الخليج بجامعة قطر، بتول دوجان، سعت من خلالها لتقديم فهم موضوعي للسياسة الخارجية والاستراتيجية العسكرية التركية في منطقة الخليج العربية، وقد ركّزت على نحوٍ خاص على إقامة علاقات عسكرية مع قطر والكويت في الفترة الأخيرة، من خلال عدسات النظرية الواقعية. وأشارت دوجان إلى أن انخراط تركيا في منطقة الخليج العربية تحوّل إلى مزيج من العلاقات العسكرية والسياسية، المدفوعة بحوافز من العلاقات ذات التوجه الاقتصادي التي تعود بالمنفعة على تركيا ودورها السياسي والاستراتيجي في منطقة الخليج العربية