نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الدورة العاشرة لمؤتمر العلوم الاجتماعية والإنسانية، وموضوعها "وسائط التواصل الاجتماعي: جدلية تدفق المعلومات وحرية التعبير والمراقبة والسيطرة" في الفترة 12-15 نيسان/ أبريل 2025.

اليوم الأول

استهلّ المؤتمر أعماله بكلمة افتتاحية قدّمها محمد حمشي، الباحث في المركز العربي ورئيس لجنة المؤتمر، أشار فيها إلى أن المركز اختار "وسائط التواصل الاجتماعي" موضوعًا لهذه الدورة، في سياق الاهتمام الذي يوليه لدراسات هذه الوسائط والفضاء الرقمي، ويسعى من خلالها إلى توفير فضاء لعرض نتائج الأبحاث العربية ذات الصلة وتمحيصها ونقدها، ويأمل أن يجد الباحثون العرب المهتمون بهذا الحقل البحثي في هذه الدورة فرصةً للتبادل المعرفي، وأن يعملوا معًا على التأسيس لمساهمة عربية قيّمة ورصينة فيه. وأوضح حمشي أنّ هذه الدورة تنعقد في سياق الحرب الغاشمة التي يشنّها الكيان الصهيوني على قطاع غزة، منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والتي تحولت منذ أسابيعها الأولى إلى حرب إبادة لا تزال مستعرة إلى حد اللحظة، من دون أفق واضح لوقف رحاها. ومثّلت خلالها وسائط التواصل الاجتماعي فضاءً لتداول مواد مضللة ومفبركة، عبر حسابات وهمية تعزز سردية الاحتلال الإسرائيلي، فضلًا عن تواطؤ الشركات المالكة لهذه الوسائط، للتعتيم على السردية المضادة لسردية الاحتلال، من خلال حظر الحسابات وتقييد وصول المنشورات.

أعقبت الكلمة الافتتاحية جلسةٌ أولى ترأّسها عبد الوهاب الأفندي، رئيس معهد الدوحة للدراسات العليا، وشارك فيها باحثان. عرض كمال حميدو، أستاذ الإعلام في جامعة قطر، ورقة بعنوان "من حقبة البانوبتيك إلى حقبة الريزوم: قراءة ميتا-تحليلية في مسار دراسات المراقبة واتجاهاتها (2002-2024)"، استكشف فيها حقل دراسات المراقبة من خلال تحليل الأبحاث المنشورة باللغة الإنكليزية في دورية "المراقبة والمجتمع" Surveillance & Society خلال الفترة 2002-2024، مبينًا أنّ حقل دراسات المراقبة نشأ استجابةً لضرورة فهم المراقبة الشاملة ضمن سياق طغى فيه المنظور البانوبتي، مع تركيزها على حماية الحق في الخصوصية، وأنّ أغلب الدراسات تبنّت مقاربة نقدية معيارية، وموضحًا أيضًا تأثر الأبحاث واتجاهاتها بعوامل سياقية ظرفية ساهمت في تكريس منظورها النقدي، مع ظهور اتجاهات جديدة باتت تطالب الباحثين في هذا الحقل بالانفتاح على مقاربات جديدة تُخرجهم من الجمود الفكري والمنهجي الذي هيمن على دراسات المراقبة منذ عقود من الزمن.

ثم قدّم حجّاج أبو جبر، أستاذ النظريات النقدية في أكاديمية الفنون المصرية، ورقة عنوانها "المنعطف الثقافي في دراسات المراقبة ووسائط التواصل الاجتماعي"، حاول فيها تتبع المنعطف الثقافي في دراسات المراقبة ووسائط التواصل الاجتماعي، الذي تفاعل مع نظرية "المراقبة السائلة" لعالم الاجتماع زيغمونت باومان، وكذلك تتبع تشكّله في السياق العربي، في سبيل استخلاص إجابات أولية عن ثلاثة تساؤلات بحثية: كيف يؤدي المجاز دورًا مهمًا في فهم المنعطف الثقافي الغربي في دراسات المراقبة ووسائط التواصل الاجتماعي؟ وكيف يتشكل منعطف ثقافي عربي في دراسات المراقبة ووسائط التواصل الاجتماعي؟ وكيف يتقاطع مع المنعطف الثقافي الغربي أو يفترق عنه؟

واستُهلّت الجلسة الثانية، التي ترأّسها وليد السقاف، أستاذ الصحافة في معهد الدوحة للدراسات العليا، بورقة لأستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة مروة فكري، بعنوان "وسائط التواصل الاجتماعي ومفارقة التحرر والتحكم: دراسة في حالات عربية"، دارت حول أثر وسائط التواصل الاجتماعي في الحركات الاجتماعية الشبكية التي تسعى للتعبئة والتغيير في سياق الأنظمة السلطوية الساعية لتوسيع رقابتها وقمع هذه الفواعل، موضحةً أنّ وسائط التواصل تعكس في السياق العربي مزيجًا معقدًا من نماذج المجتمع الشبكي، والأخ الأكبر، والبانوبتيكون. فمن جهة، تعكس هذه الوسائط خصائص المجتمع الشبكي الذي يمكّن الأفراد من تجاوز القيود التقليدية على حرية التعبير والتواصل، ويوفّر للحركات الاجتماعية فرصًا للوصول إلى جمهور أوسع ولتبادل المعلومات وتعبئة الجماهير. ومن جهة أخرى، تتجلى فكرة "الأخ الأكبر" في استخدام الحكومات السلطوية لهذه المنصات بوصفها أدوات للرقابة والتجسس.

وفي الورقة الثانية في هذه الجلسة، بعنوان "الطغيان الرقمي والفضاء العام في بلدان الخليج بعد الربيع العربي"، حاول سعيد سلطان الهاشمي، الباحث الزائر في وحدة دراسات الخليج والجزيرة العربية بالمركز العربي، إعادة تسليط الضوء على العلاقة الجدلية بين الأنظمة الحاكمة والفضاء العام الشبكي/ الرقمي في بلدان الخليج العربية الستة، وتناول تطويع السلطة السريع للمنظومات القانونية والتقنية ومنصاتها الإعلامية الجديدة، لتكريس نفوذها على الفضاء العام الرقمي.

واختتمت الجلسة بورقة عنوانها "أثر البنية والفعل في انكماش الحراك الشبكي العربي: استبداد رقمي أم انضباط ذاتي؟"، قدمتها الباحثة المغربية بشرى زكاغ، انطلقت فيها من افتراض أنّ وسائط التواصل الاجتماعي لا تُعدُّ سوى نسخة لفضاءات معدّلة تكنولوجيًا أو أُعيدَ إنتاجها من أجل تعزيز بنى الدولة السلطوية، ضمن سياق اجتماعي/ سياسي ينحو في اتجاه التركيز على علاقات المراقبة والسلطة والنظام. وتجادل بأنّ أسباب تراجع الحراك الشبكي داخل فضاء الشبكات العربي حاليًا، لا تعود فقط إلى عوامل بنيوية مرتبطة بالنسق العام والقوى الاجتماعية فقط، بل كذلك إلى العوامل الذاتية للأفراد الشبكيين، انطلاقًا من الخيارات الشخصية التي يتخذونها، باعتماد الانضباط الذاتي، نتيجة أشكال المراقبة والتأديب التي خضع لها مستخدمون سابقون.

وفي الجلسة الثالثة التي ترأّسها محمد النواوي، أستاذ الإعلام في معهد الدوحة للدراسات العليا، قدّم يوسف زدام، أستاذ العلوم السياسية في جامعة باتنة 1 (الجزائر)، ورقةً بعنوان "الأخلاق والسياسة ووسائط التواصل الاجتماعي: بحث في نطاق المسؤولية الأخلاقية للتفاعل السياسي وحدودها"، ناقش فيها نطاق المسؤولية الأخلاقية وحدودها في جعل التفاعل السياسي يقوم على الفهم المستنير والقدرة على الاختيار، مفترضًا أن هذين الأمرَين الأخيرين يجعلان الديمقراطية "تعمل"، وموضحًا أنّ استمرارية النقاش حول الدولة والمواطن في زمن وسائط التواصل الاجتماعي تحيلنا إلى كونها وسيلة تتولى الدولة في السياقات التشاورية وضع معايير استغلالها بمسمى الحقوق (الحق في تقرير المصير الإلكتروني، والحق في الخصوصية، والحق في الشفافية، والحق في بيئة مواتية للنقاش العام والتعددي، وغيرها). ويتولى المواطن التمتع بها (الحقوق) في حدود المسؤولية الأخلاقية ومحددات الارتداع التي تتضمنها القوانين.

ثم انتقل صلاح عثمان، أستاذ المنطق وفلسفة العلم في جامعة المنوفية، في ورقته "وسائط التواصل الاجتماعي والرهان السياسي - الأخلاقي في ضوء تحديات الذكاء الاصطناعي"، إلى معالجة الأبعاد السياسية - الأخلاقية لاستخدام وسائط التواصل الاجتماعي في ضوء التطورات المتسارعة والمؤثرة لتقنيات الذكاء الاصطناعي، انطلاقًا من فرضٍ رئيس مفاده أن وسائط التواصل الاجتماعي تبرز أمامنا بوصفها كائنات مفرطة، ميزتها أنها تتسم بكونها ذات أبعاد مكانية - زمانية شاسعة، تتجاوز محليتنا الزمكانية، وتهزم أفكارنا التقليدية بشأن ماهية الشيء، وتواجهنا بمشكلات يبدو أنها لا تتحدى سيطرتنا فحسب، بل تتحدى أيضًا عاداتنا العلمية والفلسفية في التفكير، وتضع أنساقنا السياسية والأخلاقية موضع الاختبار.

واختتم الناصر عمارة، أستاذ الفلسفة في جامعة مستغانم (الجزائر)، الجلسة بورقةٍ عنوانها "المراقبة والسيطرة على وسائط التواصل الاجتماعي: دراسة نقدية"، أوضح فيها أنّه في حين توفّر وسائط التواصل الاجتماعي فضاءً لحرية التعبير من جهة، فإنها تمارس القمع الرقمي من جهة أخرى، مستفيدةً من أشكال المراقبة التي جرى تطبيعُها في المجتمعات، بحيث بتنا نشهد ميلاد التحالف الاستراتيجي بين الدولة الحديثة وشركات التواصل الاجتماعي في استثمار البيانات ومراقبتها من أجل عَولَمة الرأسمالية السياسية وجهازها الاقتصادي المبنيّ على تسليع الحياة الاجتماعية وجميع القيم المرتبطة بها. وفي المقابل، تستسلم المجتمعات طواعيةً لعمليات المراقبة لضمان استمرار تدفُّق الحداثة وحياة الرفاهية فيها.

اليوم الثاني

شهد اليوم الثاني من المؤتمر تقديم تسع أوراق موزعة على ثلاث جلسات. واستُهلّت أعماله بالجلسة الرابعة التي ترأسها مهدي مبروك، وافتُتحت بورقة عنوانها "إسكات الفضاء البديل: نشاط فلسطينيّي الداخل عبر وسائط التواصل الاجتماعي أثناء حرب 7 تشرين الأول/ أكتوبر"، بيّنت فيها هامة أبو كشك أنّ نحو 70 في المئة من المشاركين قد غيّروا سلوكهم في استخدام وسائط التواصل الاجتماعي منذ اندلاع الحرب، لا سيّما من خلال الامتناع عن نشر المحتوى أو التعبير عن الرأي، نتيجة الخوف من التعرض لعقوبات مثل الاعتقال أو الملاحقة القانونية. وفي موضوع مقارب، قدّمت حليمة أبو هنية ورقة عنوانها "تأثير مجموعات الواتساب في النساء الفلسطينيّات في منطقة القدس: قوّة الروابط الضعيفة وتعزيز رأس المال الاجتماعي النسائي"، مجادلةً بأنّ هذه المجموعات تساعد النساء في تكوين شبكات اجتماعية افتراضية تساهم في تمكينهنّ اجتماعيًا وتعزيز قدرتهنّ على دعم عائلاتهنّ اقتصاديًا وحمايتها من المخاطر في منطقة هي الأكثر استهدافًا من قوّات الاحتلال الإسرائيلي في منطقة القدس. واختتمت الجلسة بورقة عنوانها "وسائط التواصل الاجتماعي والرقابة في زمن الأزمات: كيف يتفاعل المستخدمون العرب مع تقييد المحتوى المرتبط بالحرب على غزّة؟ (إجابات من المؤشر العربي 2024-2025)"، قدمتها ليلى عمر، وركّزت فيها على مدى إدراك المستخدمين لممارسات السيطرة على محتوى وسائط التواصل الاجتماعي فيما يتعلق بالحرب على غزة، وتأثير الحرب في كيفية متابعة الأفراد للأحداث السياسية عبر هذه الوسائط، والتغيرات المحتملة في أنماط متابعتهم للمحتوى والمصادر الإخبارية، استنادًا إلى أحدث بيانات المؤشر العربي (2024-2025) الذي ينفذه المركز العربي.

وفي الجلسة الخامسة للمؤتمر، التي ترأسها عبد الرحمن الإبراهيم، عرض أربعة باحثين ثلاث أوراق. قدّم الورقة الأولى فادي زراقط بعنوان "انتخابات البحرين في عام 2018: وسائط التواصل الاجتماعي بوصفها سردية بديلة"، والتي بيّن فيها أهمية وسائط التواصل الاجتماعي لجميع أصحاب المصلحة في السياسة البحرينية، وكذلك الأنماط المختلفة لتدفق المعلومات عبر الشبكات المختلفة. ثم قدّم محمد باسك منار ورقة عنوانها "الحملات الانتخابية الرقمية في المغرب: حالة انتخابات 8 أيلول/ سبتمبر 2021"، أوضح فيها أنّ استعمال الأحزاب السياسية لوسائط التواصل الاجتماعي في حملاتها الانتخابية لم يكن مؤطرًا بقواعد قانونية خاصة، وظل مطبوعًا بسمات سلبية ترتبط بالفاعلين الانتخابيين، وبحملاتهم الانتخابية الرقمية؛ ما جعل تأثيره محدودًا جدًّا في النتائج الانتخابية العامة لأغلب الأحزاب السياسية. وقدّم الورقة الثالثة أيوب عصري وأودية نصيرة بعنوان "ردود الفعل العامة العربية تجاه انضمام مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى منظمة بريكس: تطبيق منهجية التعلم العميق على التغريدات العربية"، والتي أظهرت نتائجها أنّ الرأي العام العربي كان أكثر حيادية تجاه موضوع انضمام ثلاث دول عربية إلى المنظمة (38.91 في المئة) مقارنةً بكونه إيجابيًا (31.72 في المئة) أو سلبيًا (30.09 في المئة).

خُصّصت الجلسة السادسة، التي ترأستها أمل غزال، لموضوع وسائط التواصل الاجتماعي والدين. وقد استهلّتها هندة الغريبي بورقة عنوانها "تأثير وسائط التواصل الاجتماعي في إعادة تشكيل الهويات الدينية في تونس ما بعد الثورة"، أكّدت فيها أن وسائط التواصل الاجتماعي، خاصة فيسبوك، أتاحت للجماعات الأصولية، التي كانت مهمشة داخل المجتمع التونسي، مجالًا للتعبير عن معتقداتها الدينية وخلق هوية على الإنترنت تعكس أيديولوجيتها من أجل إعادة أسلمة المجتمع بأسره. وجادلت ليليان إسطفانوس في ورقتها بعنوان "النشاط الرقمي داخل المجتمع القبطي في أميركا الشمالية: فرص جديدة أم تهديدات ناشئة؟" بأن سلبيات النشاط الرقمي باتت تفوق الفوائد الأولية التي وفّرها، وهو أمر يفرض قيودًا جديدة على التأثير السياسي للشتات القبطي الرقمي. واختُتمت أعمال اليوم الثاني بورقة عنوانها "الاستعمال الديني لوسائط التواصل الاجتماعي وإعادة تعريف السلطة الدينية في المغرب" قدّمتها نادية العالية، خلصت فيها إلى أنّ الاستعمالات الدينية للشبكات الاجتماعية تتعدَّد بتعدُّد متطلبات الأفراد الذين يعون مقاصد هذا الاستعمال وغاياته، بوصفهم فاعلين في إمكانهم تطويع التقنية لتلبية احتياجاتهم.

اليوم الثالث

قدمت خلال جلسات اليوم الثالث للمؤتمر إحدى عشرة ورقة موزعة على أربع جلسات. في الجلسة السابعة التي ترأستها مريم الخاطر، عرضت ورقتان؛ الأولى لمازن حسن وسارة منصور وزياد الكيلاني وأسماء عبد الخالق ومحمد صبري عامر بعنوان "هل يمكن التلقيح ضد الأخبار الزائفة؟ دراسة تجريبية على عيّنة من المستخدمين العرب على منصة إكس"، جادل فيها الباحثون بأنّه يمكن فعلًا "تلقيح" الأفراد بأجسام مضادة ضد الأخبار الزائفة مثلما يجري تلقيح الأفراد ضد الفيروسات باستخدام اللقاحات، وحاجّوا بإمكانية خلق مناعة استباقية ضد الأخبار الزائفة إذا تلقّى الأفراد تدريبًا على ذلك. أما الورقة الثانية المعنونة بـ "منهجية جمع المحتوى العربي وتنضيده عبر وسائط التواصل الاجتماعي باستخدام الهندسة العكسية" لبراء ديب ومحمد فلحة وفادي زراقط، فعرضت المنهاجية التي اتّبعها الباحثون والمحللون في وحدة دراسات المجال الرقمي والاجتماعي العربي في المركز العربي في جمع محتوى وسائط التواصل الاجتماعي المتعلق بالعالم العربي خلال السنتين الأخيرتين وتنضيده باستخدام الهندسة العكسية، وهي منهاجية تُمكّن من تجاوز قيود المنصات الكامنة لتوجيه المحتوى المنتشر عبر طرائق يدوية.

وفي الجلسة الثامنة التي ترأستها نجلاء مكاوي شارك أربعة باحثين. حاول عبد الكريم أمنكاي في ورقة بعنوان "الثقة المجتمعية وتبعاتها السياسية في العالم العربي: أيّ آثار لاستهلاك وسائط التواصل الاجتماعي؟" فحص مدى تأثير استهلاك وسائط التواصل الاجتماعي في الثقة المجتمعية في العالم العربي، وعواقب ذلك على المستوى السياسي، من خلال تحليل بيانات الدورة الثامنة للمؤشر العربي. وفي السياق نفسه، بيّن يعقوب يوسف الكندري في ورقة بعنوان "الاغتراب الاجتماعي لدى الشباب الكويتي: دراسة في تأثير إدمان وسائط التواصل الاجتماعي عبر الهواتف الذكية" وجود علاقة دالة إحصائيًا بين إدمان الهواتف الذكية وأبعاد الاغتراب الاجتماعي المختلفة، ما يؤكد أنّ استخدام التقنيات الحديثة، لا سيّما الهواتف الذكية، يرتبط بتأثير واضح في السلوك الإنساني لدى شريحة الشباب تحديدًا. وفي الورقة الثالثة بعنوان "خوارزميات يوتيوب واستراتيجيات صياغة العناوين لتعزيز التفاعل مع محتوى المهاجرين غير الشرعيين" لمحمد خميس وشرف الدين بن وارث، أكد الباحثان الضعف النسبي لمعامل الارتباط بين عدد الكلمات في العناوين والمشاعر التي تحملها، وذلك على عكس ما تؤكّده الأدبيات السائدة، بسبب خصوصية محتوى الهجرة غير الشرعية واستثنائيته باعتباره سردية لأقلية مهمّشة تتعرض للإقصاء.

خُصصت الجلسة التاسعة من المؤتمر، التي ترأسها محمد حماس المصري، للعلاقة بين القانون والحقوق ووسائط التواصل الاجتماعي، وشاركت فيها ثلاث باحثات. قدّمت سعدية بن دنيا الورقة الأولى بعنوان "مسألة الخصوصية والأمن الرقمي على وسائط التواصل الاجتماعي"، بحثت فيها مدى حماية الخصوصية على وسائط التواصل الاجتماعي، والحفاظ على أمن البيانات الشخصية. في حين سلّطت عزة الحاج سليمان في ورقتها بعنوان "الحق في النسيان الرقمي: جدلية الحق والقانون" الضوء على الحق في النسيان الرقمي بوصفه حق الإنسان في محو بياناته الشخصية التي أوجدها على الشبكة في مرحلة سابقة، بهدف عدم ظهور ماضيه إلى العلن. أمّا مي عامر، فخلصت في ورقتها بعنوان "تأثير خطاب قيم الأسرة المصرية في فتيات التيك توك: دراسة سوسيولوجية تحليلية" إلى أنّ الصياغات القانونية غير الدقيقة تفتح المجال لتفسيرات ذاتية تعتمد على القناعات الشخصية، وهو ما يشكّل خطرًا على الحريات، لا سيّما في المجتمعات الأبوية التي تستخدم الرقابة القانونية أداةً لضبط النساء تحت مسمى الحماية.

خُتمت أعمال اليوم الثالث بالجلسة العاشرة التي ترأسها باسم الطويسي بمشاركة ثلاثة باحثين. حاول أيوب دهقاني في ورقته بعنوان "عالم ما بعد البانوبتيك ومعضلة الانعتاق: من المراقبة نحو مجتمعات الأتمتة" استكشاف تطور دراسات المراقبة، من خلال فرز أدبياتها وعرض مفاهيمها وأطروحاتها المعرفية، بناءً على ثنائية التكنولوجيا والتقدم العلمي. ودعا عيدون الحامدي في ورقته بعنوان "السياسة الحيوية الرقمية لوسائط التواصل الاجتماعي: نحو رؤية متكاملة لسياسات التنظيم والمراقبة والسيطرة الرقمية" إلى استحداث آليات تنظيمية تشاركية وشفافة تحمي الحقوق الفردية وتضمن توازنًا عادلًا بين الابتكار التقني والقيم الإنسانية. وناقش مايكل مدحت في ورقته بعنوان "تكنولوجيا وسائط التواصل الاجتماعي ونقد الأيديولوجيا الجندرية في فلسفة كاثلين ستوك" تحليل ستوك لدور وسائط التواصل الاجتماعي في تحويل الهوية الجندرية إلى أيديولوجيا في ضوء فكرة الانغماس في الخيال، وعلاقة ذلك بمعايير إنتاج المعرفة وحرية التعبير عن الرأي في الحياة الأكاديمية.