نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات مؤتمره السنوي الأول للعلوم الاجتماعية والإنسانية، وذلك خلال الفترة ما بين 24-26 آذار/ مارس 2012 في الدوحة. تمحور المؤتمر هذا العام حول موضوعين لكل منهما مؤتمر خاص تحت سقف المؤتمر السنوي.

صدرت أعمال المؤتمر في محور "النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في الدول العربية" في كتاب من ثلاثة أجزاء:

غلاف كتاب النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في الدول العربية: الأبعاد الاقتصادية

الجزء الأول: 

الأبعاد الاقتصادية

غلاف كتاب النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في الدول العربية: الأبعاد السياسية والاجتماعية

االجزء الثاني: 

الأبعاد السياسية والاجتماعية

غلاف كتاب النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في الدول العربية: سياسات التنمية وفرص العمل: دراسات قُطرية

الجزء الثالث: 

سياسات التنمية وفرص العمل: دراسات قُطرية

كان الموضوع الأول بعنوان "من النمو المعاق إلى التنمية المستدامة: أي سياسات اقتصادية واجتماعية للأقطار العربية؟"، وقد بحث في وضع أسس لمشروع متكامل يعكس الترابط العضوي بين التغيير الديمقراطي في وعائه العربي، وبين الشروط الاقتصادية والاجتماعية للنجاح في هذا التغيير واستدامة هذا النجاح. وذلك ضمن المحاور التالية:

  • المحور الأول: في مفاهيم التنمية وسياساتها: التحوّل من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج ودور الدولة.
  • المحور الثاني: تكافؤ الجميع في العمل التنموي وجني ثمار التنمية: توزيع الدخل والثروة ومكافحة الفقر والحماية الاجتماعية.
  • المحور الثالث: التنمية البشرية ومجتمع المعرفة ونوعية الحياة.
  • المحور الرابع: دور التكامل العربي في الأداء التنموي.
  • المحور الخامس: مسائل في البيانات المعرفية الكمية لقياس التنمية.

أما الموضوع الثاني فكان بعنوان "الهوية واللغة في الوطن العربي"، وقد تدارس إشكالية التفاعل بين المجتمعات العربية واللغة، ولغة التدريس المتبعة في التعليم والتعليم العالي، ولغة البحث العلمي، والعلاقة التفاعلية بين لغة البحث والتعليم والهوية الثقافية، بالإضافة إلى قضايا الترجمة ومجامع اللغة العربية ودور الإعلام وشبكات الاتصال، وذلك من منظور لغوي وتربوي واجتماعي وفلسفي وسياسي. وذلك ضمن المحاور التالية:

  • المحور الأول: اللغة والهوية.. تجليات التفاعل
  • المحور الثاني: مسألة اللغة العربية في التاريخ العربي
  • المحور الثالث: اللغة والهوية من منظور سياسي\
  • المحور الرابع: لغة التعليم: تشكُّل الهوية وإعادة إنتاجها
  • المحور الخامس: لغة التعليم في الوطن العربي وإشكالية الهوية: تجارب وتحديات
  • المحور السادس: لغة التعليم والهوية : تحديات الواقع ورهانات المستقبل

كما تم فى بداية المؤتمر السنوي توزيع ثماني جوائز على الفائزين فى مسابقة المركز العربي السنوية "الجائزة العربية للعلوم الاجتماعية والإنسانية لتشجيع البحث العلمي" حيث مُنحت أربع جوائز لفئتي الباحثين والباحثين الشباب عن موضوع "سياسات التنمية في البلدان العربية وتأثيرها على فرص العمل" ومثلها لفئتي الباحثين والباحثين الشباب عن موضوع "الهوية ولغة التعليم في البلدان العربية".

محاضرتان تقديميتان لموضوعي المؤتمر

بعد توزيع الجوائز قدّم الدّكتور أنطوان زحلان والدّكتور عبد السّلام المسدّي محاضرتين تقديميّتين للعنوانين الرّئيسين لأعمال المؤتمر السّنوي الأوّل للعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة، فقدّم الدّكتور زحلان محاضرةً بعنوان "أصول الجمود العربي" تناول فيها العلاقة بين العلم والتّنمية" تقديمًا لموضوع "من النموّ المعاق إلى التّنمية المستدامة: أيّ سياسات اقتصاديّة واجتماعيّة للأقطار العربيّة؟" الذي هو أحد مساري المؤتمر، 

فيما طرح الدّكتور المسدّي سؤال: "أيّهما أصحّ: لا لغةَ من دون هويّة؟ أم لا هويّة من دون لغة" في محاضرةٍ بعنوان: "الهويّة واللّغة في الوطن العربيّ: بين أزمة الفكر ومأزق السّياسة" والتي تعدّ تقديمًا للمسار الثّاني للمؤتمر عن "اللّغة والهويّة في الوطن العربيّ".

وقدّم الدّكتور أنطوان زحلان في محاضرته عرضًا تاريخيًّا عن دور العرب في الوصل بين العلم والتّقانة في الحضارة الإنسانيّة، مشيرًا إلى مساهمة أبحاث وإنجازات العلماء العرب في النّهضة الأوروبيّة، ولكن هذا الوضع لم يستمرّ حيث دخل العرب مرحلة التّدهور السّياسي والحضاريّ منذ أواخر العهد العبّاسي وسيطرة المماليك على الدّولة، وما تلاه من حملاتٍ صليبيّة وحملات المغول. وفي المقابل حقّقت أوروبا في المرحلة نفسها التي كان العالم العربيّ يعيش بداية الانحدار والانحطاط نهضتها وتطويرها للعلوم الموروث كثير منها عن العرب. 

وعند وصوله إلى المرحلة المعاصرة في عرضه التّاريخي، أشار الدّكتور زحلان إلى المفارقات العربيّة الصّادمة في العلاقة بين العلم والتّنمية، وانتهى إلى أنّ المشكلة في الوطن العربيّ ليست مشكلة علم ومتعلّمِين حيث يتخرّج الآلاف من الجامعات سنويًّا ويمتلك الوطن العربيّ الملايين من حاملي الشّهادات الجامعيّة، إنّما المشكلة هي عدم الاستفادة من هذا العالم والمتعلّمين واستخدامهم على الوجه الأمثل في أغراض النّهضة والإنتاج والتّنمية.

أمّا الدّكتور عبد السّلام المسدّي، فقد أشار إلى أنّ صانع القرار العربيّ بدأ يستشعر في مرحلةٍ متأخّرة الخطر المهدّد لهويّة العرب وهو ما أشارت إليه القمم العربيّة سنوات 2007 و2008 و2009، وبدأ الحكّام العرب يفهمون معنى تأثير الهويّة في مشروع النّهضة العربيّة. وقدّم المسدّي في هذا الإطار إحصائيّاتٍ عالميّةً مخيفة تجسّد حقيقة التّهديد، فقال إنّ 25 لغةً تنقرض كلّ عام وإنّ القرن الـ21 سيشهد انقراض 3000 لغة. 

وأكّد أنّ اللّغة والهويّة العربيّتين معرّضتان للاضمحلال والتفكّك نتيجة ظواهر من قبيل تغليب الهويّة واللّغة الفرعيّتين على الهويّة واللّغة المركزيّتين الجامعتين، وكذا سيطرة اللّغات الأجنبيّة وخنقها للعربيّة. وأشار المحاضر إلى أنّ الحفاظ على الأمن اللّغوي شرطٌ للحفاظ على الهويّة، وأنّ أمّة من دون سياسة لغويّة هي أمّة بلا هويّة.