العنوان هنا
ملفات
10،مارس 2019

قراءات في كتاب الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة لعزمي بشارة

كلمات مفتاحية

ضم العدد السابع والعشرون من دورية عمران للعلوم الاجتماعية قراءات أربعة باحثين في كتاب الدكتور عزمي بشارة الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة (الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات 2018، 927 صفحة من القطع الكبير).

يضع حيدر سعيد في قراءة بعنوان "دراسات الطائفية ما بعد كتاب ’الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة‘: الآفاق الممكنة" كتاب الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة ضمن التراكم المعرفي للأدبيات التي تتناول موضوع الطائفة والطائفية مبرزًا فرادته في هذا الإطار، بدءًا بعودته إلى الخطوة التأسيسية: تعريف الطائفة والطائفية، وتحديد مجالها وموضوعها. ويبرز أن بشارة كان أوضح من غيره في الحديث عن دور العوامل الجيوستراتيجية في صناعة الطائفية والطوائف. ومن هذا المنطلق، يرى حيدر سعيد أن الكتاب يفتح الباب لتشغل دراسات الطائفية حقل دراسات فوق الوطنية الذي هو تعبير إشكالي خارج الفضاء الغربي، فتصبح دراسات الطائفة والطائفية التعريب المكافئ لحقل دراسات فوق الوطنية، تفيد من مفاهيمه ونظرياته، كما تفيد من مفاهيم ونظريات أخرى، ولكنها بالتأكيد بناء معرفي نابع من هذه المنطقة، من احتياجاتها ومشاغلها.

في قراءة بعنوان "مفهوم الطائفية في الطائفة، الطائفية، الطوائف المتخيلة لعزمي بشارة: من إعادة التعريف إلى الابتكار، قراءة في الحقل الدلالي وتحولاته"، يناقش مهدي مبروك الكتاب ضمن نطاقه المنهجي، مشددًا على أنه يقوم على عماد منهجي مركزي، أساسه أن الكتابة العلمية تقتضي التزام صرامة المفاهيم، ولكن من دون أن يكف المؤلف عن إثراء التفكير في مفهوم الطائفية بمصادر تُجدِّد النظر فيه، من خلال المنافذ التي فتحها المؤلف على اللغة والتاريخ والأدب وغيرها. ويتناول مبروك منزلة المفاهيم في هذا العمل، مركزًا، لأسباب علمية وأخرى بيداغوجية، على مفهوم الطائفية الذي منحه المؤلف شرف العنوان تقريبًا.

يعود حسام أبو حامد في القراءة التي وضع لها عنوان "قراءة في عزمي بشارة: الطائفة في سياق تاريخي" إلى فكرة مركزية في الكتاب حول كيفية تشكيل الطائفية طوائف دينية معاصرة، هي في الحقيقة كيانات متخيّلة. ويبرز استعانة بشارة بالجمع بين علم الاجتماع التطبيقي والتاريخ، وعرضه لحالات تاريخية، محلّلًا إيّاها في ضوء أدواته المفهومية. ويطبّق منهجيته في البحث عن نماذج تاريخية في مجتمعات مختلفة، ولا سيما المجتمعات العربية الإسلامية، في مراحل تاريخية متعددة. بذلك يضمن بشارة أن تخرج المساهمة النظرية الرئيسة، وما تقتضيه من تطوير للمفاهيم، من التجربة الخاصة في تلك المجتمعات، مع المحافظة على التفاعل مع المفاهيم النظرية التي طُوِّرت أوروبيًا على صعيدي البحث والواقع، والتي كانت الأدوات المفهومية الضرورية لدراسة تطور الجماعات الدينية في سياقها الغربي، مبيّنًا صلاحيتها التنميطية من عدمها، في السياق العربي الإسلامي. ويوضح أبو حامد أن الطائفة تبدو في سياقها التاريخي العربي عند بشارة، وقد شهدت صيرورة، انتقلت بموجبها من حالة اجتماعية (جماعة محلية)، إلى حالة دينية (طائفة دينية متخيّلة تقوم على الانتماء)، إلى حالة سياسية مؤدلجة (طائفية سياسية). وهكذا يسقط وهْم الطائفية باعتبارها ظاهرة أصيلة في المجتمعات العربية، وأنها تبقى ملازمة لها.

يتحدث جمال باروت في قراءة بعنوان "في إعادة إنتاج الطائفية للطائفة: النظري والسوسيو-سياسي والتاريخي" عن القطيعة التي يحدثها كتاب الدكتور عزمي بشارة مع نظرية "المجتمع الفسيفسائي" (التي ارتبطت بلورتها بالدراسات الاستشراقية) وشيفراتها المعرفية الإدراكية، وتفكيكها المعرفي السوسيولوجي التاريخي المركّب منهجيًا. وهي القطيعة التي يجب فهمها ضمن ما يطرحه الكتاب من مفاهيم في إطار التمييز الرهيف والدقيق جدًا الذي نجده في معظم أعمال بشارة الفكرية بين التاريخية والتاريخانية. ويوجه باروت قراءته في الكتاب نحو كونه يمثّل جهدًا في صوغ نظرية للطائفية في المشرق العربي. ويقدم تحليلًا لفهم تموضع كتاب عزمي بشارة في السلسلة البحثية النظرية العربية التي ينتمي إليها، أي سلسلة النقد النظري للطائفية في مرحلة الدولة العربية الحديثة منذ اكتشاف الفكر العربي نُذرها مع ناصيف نصار، وصولًا إلى انفجارها في السبعينيات، أي مرحلة إنتاج ياسين الحافظ وبرهان غليون ومهدي عامل وأحمد بيضون، وغيرهم.


* هذه المراجعات منشورة في العدد 27 (ربيع 2018) من مجلة "عمران" (الصفحات 153-224) وهي مجلة فصلية محكمة متخصّصة في العلوم الاجتماعيّة، يصدرها المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات.

** تجدون في موقع دورية "عمران"  جميع محتويات الأعداد مفتوحة ومتاحة للتنزيل.