العنوان هنا
تقارير 11 نوفمبر ، 2012

مؤتمر "الإسلاميّون ونظام الحكم الدّيمقراطي .. تجارب واتّجاهات"

في المرحلة الانتقاليّة للمجتمعات العربيّة التي اندلعت فيها الثّورات وحركات الاحتجاج المرشّحة للاتّساع، وانطلاقًا من سياسة المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السّياسات في ربط عمليّة البحث في ميدان الفكر والعلوم الاجتماعيّة والإنسانيّة وعلم السّياسة، بالمجتمع، وبالقضايا العربيّة الملموسة في هذه المرحلة، عقد المركز خلال الفترة الواقعة بين 6 و8 تشرين الأوّل / أكتوبر 2012، مؤتمرًا علميًّا بعنوان: "الإسلاميّون ونظام الحكم الدّيمقراطيّ .. تجارب واتّجاهات". جاء هذا المؤتمر ذو الأهمية البالغة، في مرحلة انتقالٍ مفصليّةٍ في تاريخ الأقطارِ العربيّة، حيث أخذت مجموعةٌ من أنظمة الحكم العربيّة الاستبداديّة التي استمرّت في الحكم لعقودٍ طويلةٍ، تتهاوى تباعًا، أمام سلسلةٍ من الثّورات الشّعبيّة العارمةِ غير المسبوقة في التاريخ العربيّ، قديمه وحديثه.

جاءت هذه الثّورات في وقتٍ أخذت فيه أهمّ الأنظمة العربيّة الاستبداديّة وأقواها، لمرحلة ما بعد الاستعمار، تحوِّل نفسها من أنظمةٍ ثوريّةٍ تحمل خطاب مواجهة هيمنة الاستعمار الجديد، وخطر المدّ الصّهيونيّ، إلى نظم حكمٍ استبداديّةٍ، خاضعةٍ، إلى حدٍّ كبيرٍ، للأجندة الخارجيّة. ثمّ تحوّلت هذه الأنظمة في نهايات عمرها الافتراضيّ، إلى ما سُمِّيَ بـ "الجمهوريّات الوراثيّة". في هذا المفترق البالغ الحرج، كانت الحركات الإسلاميّة هي البديل المنظّم، الجاهز المطروح فعليًّا على الساحة السياسيّة في كثير من الأقطار العربيّة المفتاحيّة. وبالفعل، أحرزت هذه الحركات الإسلاميّة، في غالبيّة الدوّل التي شهدت ثورات الربيع العربيّ، قدرًا مقدّرًا من المقاعد في البرلمان، ممّا مكّنها من التمسّك بالقرار السياسيّ في هذه الدول عبر عقد بعض التّحالفات والائتلافات. غير أنّ كثيرًا من الشّكوك ظلّ يكتنف حقيقة إيمان هذه الحركات الإسلاميّة بنظام الحكم الديمقراطيّ وبقابليّتها لقبول الآخرين شركاء حقيقيّين في رسم السّياسات.

لم تعد إذًا قضيّة العلاقة بين الإسلاميّين ونظام الحكم الدّيمقراطيّ مسألةً نظريّةً فقط، بل تحوّلت في ظلّ هذه الثّورات التي لا تزال تنداح، وفي ظلّ الوصول الفعليّ للإسلاميّين إلى السلطة، إلى مسألةٍ سياسيّةٍ - اجتماعيّةٍ مباشرة، خاضعةٍ تمامًا للاختبار. فهي قد غدت تطرحُ أسئلةً وقضايا جديدةً مختلفةً عن قضايا الجدل النّظري والسّياسيّ السّابق. ففي ضوء مؤشّرات الممارسة السّياسيّة لهذه المرحلة الانتقاليّة للمجتمعات العربيّة التي اندلعت فيها الثّورات وحركات الاحتجاج، أو في بقيّة المجتمعات العربيّة التي لا تزال مرشّحةً لاندلاع الثورات والمطالبات بالتحوّل الديمقراطيّ، يكتسب هذا المؤتمر، وموضوعه، أهمّيةً خاصّةً. فالإسلاميّون أصبحوا يحصدون أعدادًا مقدّرةً من المقاعد في الانتخابات في البلدان التي نجحت فيها ثورات الرّبيع الديمقراطيّ العربيّ.

إنّ هذا الواقع السياسيّ الجديد يقتضي بحثًا جدّيًّا في فكر الإسلاميّين إزاء قضايا الديمقراطيّة، وفي تجاربهم الحقيقيّة في الحكم، في بلدان كالسودان.