مقدمة
فازت كتلة يمين الوسط (أحزاب إخوة إيطاليا، والرابطة، وإيطاليا إلى الأمام) في إيطاليا بأغلبية "مريحة" في الانتخابات التشريعية 2022؛ ما يمكّنها من حكم البلاد، نظريًّا، طوال خمس سنوات مقبلة. فقد توجه الناخبون الإيطاليون، في 25 أيلول/ سبتمبر، إلى مراكز الاقتراع لانتخاب سلطة تشريعية جديدة (مجلس الشيوخ، ومجلس النواب)، وشهدت الانتخابات تراجعًا في إقبال الناخبين مقارنةً بالانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد سابقًا.
يأتي فوز كتلة يمين الوسط، في ظل أزمة اقتصادية تعيشها البلاد منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، وإخفاق الحكومات المتعاقبة في إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية تعالج مسألة الدين العام (بلغت نسبته 155.8 في المئة في الربع الأول من عام 2021)، وتحقيق نمو اقتصادي ينعكس على الحياة المعيشية للمواطن الإيطالي، وفي ظل بيئة جيوسياسية مضطربة ناجمة عن غزو روسيا لأوكرانيا. فقد فرضت إيطاليا ضمن منظومة دول الاتحاد الأوروبي عقوبات قاسية على روسيا، شملت قطاع الطاقة؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعارها على نحو كبير؛ ومن ثم عمّق ذلك أزمة التضخم الاقتصادي في إيطاليا التي لم تتعافَ بعد من آثار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، وقد وصل متوسط نسبة التضخم فيها إلى 6.8 في المئة عام 2020 (ينظر الجدول 3)، وهي أعلى نسبة في العشرين عامًا الأخيرة، فأدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الغذاء والسلع الأساسية والكمالية ارتفاعًا كبيرًا؛ ما يشكّل التحدي الرئيس بالنسبة إلى الحكومة المقبلة.
تحاول هذه الورقة رصد مواقف الأحزاب الإيطالية من القضايا الإقليمية والدولية، خاصة كتلة يمين الوسط التي فازت بالانتخابات، وأهمها طبيعة العلاقة مع روسيا ودعم أوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، ودور إيطاليا في الاتحاد الأوروبي وعلاقتها بالولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى علاقتها بالصين - القطب الدولي الصاعد – التي وقّعت إيطاليا معها مذكرة تفاهم ضمن مبادرة الحزام والطريق، وخاصة أن تلك المواقف والاستجابة لها ستمثّل برنامج عمل الحكومة المقبلة، وسيكون لها تأثير في رسم ملامح السياسة الخارجية الإيطالية خلال السنوات المقبلة.