مقدمة
تتسم العلاقات الأوروبية – الروسية بالتداخل والتشابك؛ ذلك أنّ روسيا تعدّ أحد الشركاء الأساسيين في القضايا الأمنية الأوروبية، ولا يمكن الحديث عن الأمن الأوروبي من دون التطرق إلى الدور والتأثير الروسيَّين في المنظومة الأمنية الأوروبية، وهي أيضًا أكبر مورّد للطاقة وشريك تجاري كبير للاتحاد الأوروبي الذي يعدّ أكبر مستهلك للطاقة الروسية، وتربط دوله بروسيا علاقات تجارية مهمة. وعلى خلفية الحرب التي شنتها روسيا على أوكرانيا، في 24 شباط/ فبراير 2022، تمرّ هذه العلاقات بحالة من التوتر والاضطراب؛ ذلك أن روسيا حددت هدفها في بداية هذه الحرب بنزع سلاح أوكرانيا وإطاحة حكومة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي يهدد أمن روسيا القومي عبر سياساته التي تهدف إلى ربط كييف بمنظومة الاتحاد الأوروبي اقتصاديًا، وحلف شمال الأطلسي "الناتو" أمنيًا، قبل أن تحدد أهدافًا أكثر واقعية بعد فشلها في السيطرة على كييف.
تحاول ورقة تحليل السياسات هذه دراسة تأثير الحرب الأوكرانية في سياسات الطاقة الأوروبية، وخاصة أنها جاءت عقب جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) التي لم تؤدّ إلى انكماشٍ في النمو الاقتصادي وارتفاعٍ في أسعار الطاقة في الاتحاد الأوروبي فحسب، بل في أغلب دول العالم؛ ما دفع الاتحاد إلى إعادة بناء استراتيجية جماعية جديدة للطاقة، ولا سيما بعد استخدام موسكو ورقة الطاقة سلاحًا اقتصاديًا وسياسيًا في حربها في مواجهة سلاح العقوبات الأميركية والغربية؛ ما قد يؤدي إلى تغيير عميق في طبيعة العلاقات الدولية وإحداث تغييرات في الجغرافيا السياسية للطاقة على المستوى الدولي.