/ACRPSAlbumAssetList/2023-daily-images/potential-foreign-intervention-in-tunisia.jpg
تقييم حالة 15 مايو ، 2023

حصاد الإجراءات الاستثنائية: هل تتجه الأزمة التونسية إلى التدويل؟

زهير معلم

​أستاذ مساعد في القانون العام بجامعة جندوبة بتونس. حاصل على الدكتوراه في القانون العام من جامعة ليل الفرنسية ومن جامعة سوسة التونسية. تتركز أبحاثه في مجال السياسات العمومية والدراسات الدستورية والانتقال الديمقراطي. مهتم بتجارب التحولات السياسية في منطقة المغرب العربي.

مقدمة

باتت الأزمة السياسية والاقتصادية المتفاقمة في تونس محل اهتمام متزايد من جانب القوى الإقليمية والدولية، خاصة تلك القوى التي تربطها بتونس عوامل قرب جغرافي، مثل إيطاليا والجزائر، أو تلك التي تربطها بها مصالح مشتركة، مثل فرنسا والولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأفريقي.

ويبرز في هذا السياق التصريحات وردود الأفعال المتعلقة بالأزمة في تونس منذ التصديق بالإجماع على لائحة برلمان الاتحاد الأوروبي في 16 آذار/ مارس 2023، المتعلقة بإدانة واسعة لـ "الاعتداءات الأخيرة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والاعتداءات على النقابات العمالية في تونس، ولا سيما قضية الصحافي نور الدين بوطار". وقد قاد ذلك إلى نقاش مفتوح بشأن التحديات التي تفرضها الحالة التونسية، المهددة بالانهيار المالي والاقتصادي، على أمن دول حوض البحر الأبيض المتوسط والمنطقة برمتها. وبرز في هذا السياق، خصوصًا، تصريحات ثلاثة من كبار المسؤولين الغربيين، هم:

  • جوزيب بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، الذي حذّر، في 20 آذار/ مارس 2023، بمناسبة انعقاد اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي ببروكسيل، من تدهور الوضع الاقتصادي والسياسي في تونس؛ إذ يمكن أن يؤدي إلى زيادة تدفقات الهجرة، وهو أمرٌ سيكون له تأثير سلبي في الأمن والاستقرار بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وضفتَي البحر الأبيض المتوسط.
  • أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، الذي صرّح، في 22 آذار/ مارس 2023، بأن الانهيار الاقتصادي يهدد تونس في حال إخفاقها في التوصل إلى اتفاق متعلق بقرض مع صندوق النقد الدولي.
  • ينس ستولتنبرغ الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي حذر، في 22 آذار/ مارس 2023، في مقابلة مع جريدة الصباح الإيطالية من احتمال إعلان إفلاس تونس في الأشهر القادمة، في حال عدم توصلها إلى إبرام اتفاق للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي. وقال إن الناتو مستعد للتحرّك من أجل منع تدفق المهاجرين إلى أوروبا انطلاقًا من السواحل التونسية.

وقد تلاقت هذه المواقف مع دعوات إلى تسريع تقديم الإعانة المالية لتونس من أجل تفادي انهيارها المالي، ومن ذلك ما صرحت به رئيسة الحكومة الإيطالية ورئيس الجمهورية الفرنسية.

ذلك كلّه يعني أن الأزمة التونسية بدأت تسترعي اهتمامًا دوليًّا مع مراعاة الاختلافات الواضحة في المواقف بين من يدعو إلى دعم المالية التونسية بعيدًا عن الاشتراطات السياسية (فرنسا وإيطاليا والجزائر) من جهة، ومن يربط بين الدعم المالي المباشر والشروط السياسية (خاصة الولايات المتحدة، ورئاسة الاتحاد الأوروبي) من جهة أخرى. وبصرف النظر عن هذا الاختلاف، فإن الأحداث المتسارعة منذ آذار/ مارس 2023، تبيّن أن الحالة التونسية ربما تغادر المستوى الوطني إلى المستوى الدولي.

يُعد الغموض الذي يكتنف الوضع القانوني للإجراءات الاستثنائية المعلنة في 25 تموز/ يوليو 2021 عائقًا كبيرًا بالنسبة إلى تدويل الحالة التونسية، غير أن اعتبارات اقتصادية وجيوسياسية تغذي احتمال التدويل.