العنوان هنا
تقييم حالة 01 يونيو ، 2015

فشل الإستراتيجية الأميركية في التصدي لـ"داعش": الأسباب والتداعيات

الكلمات المفتاحية

وحدة الدراسات السياسية

هي الوحدة المكلفة في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بدراسة القضايا الراهنة في المنطقة العربية وتحليلها. تقوم الوحدة بإصدار منشورات تلتزم معايير علميةً رصينةً ضمن ثلاث سلسلات هي؛ تقدير موقف، وتحليل سياسات، وتقييم حالة. تهدف الوحدة إلى إنجاز تحليلات تلبي حاجة القراء من أكاديميين، وصنّاع قرار، ومن الجمهور العامّ في البلاد العربية وغيرها. يساهم في رفد الإنتاج العلمي لهذه الوحدة باحثون متخصصون من داخل المركز العربي وخارجه، وفقًا للقضية المطروحة للنقاش..

مدخل

أدّى سقوط مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار العراقية، في يد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، في 17 أيار / مايو الماضي، إلى إعادة تسليط الأضواء مجددًا على إستراتيجية إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في محاربة تنظيم الدولة. وقد جاء مشهد هروب القوات العراقية النظامية الأكثر عددًا وعتادًا، في الرمادي من أمام بضع مئات من مقاتلي "داعش"، مخلّفةً وراءها أسلحتها الأميركية، ليذكّر بسيناريو سقوط الموصل المشابه قبل عام تقريبًا. وممّا ضاعف صعوبة موقف الإدارة هو سقوط مدينة تدمر السورية بعد ذلك بأيام بيد التنظيم، وذلك بعد أن طردت منها قوات النظام السوري. وقد جاء هذان الإنجازان لـ"داعش"، في العراق وسورية، على الرغم من الضربات الجوية التي تشنّها الولايات المتحدة وعدد من حلفائها على التنظيم منذ قرابة التسعة أشهر، ليثيرا المزيد من الشكوك بخصوص إذا ما كانت إستراتيجية أوباما القائمة على "إضعاف" تنظيم الدولة "ومن ثمّ تدميره"، تعمل فعلًا.

وتكمن المفارقة في أنّ إنجازات "داعش" وإخفاقات الإستراتيجية الأميركية وحليفها العراقي، ممثّلًا بحكومة حيدر العبادي، جاءت بعد تصريحات أميركية وعراقية متفائلة، بأنّ "داعش" يترنّح ويتراجع، عراقيًا على الأقل؛ إذ صرّح الرئيس أوباما في شهر شباط / فبراير الماضي بأنّ "داعش في وضع دفاعي، وأنّه سيُهزم". مضيفًا "لقد رأينا تقارير تشير إلى انهيار المعنويات في صفوف مقاتلي داعش، وكأنّهم يدركون عدم جدوى قضيتهم". أمّا العبادي فقد كان أعلن بعد استعادة القوات العراقية مدينة تكريت في آذار / مارس الماضي، بإسنادٍ من ميليشيات "الحشد الشعبي" التابعة لإيران، أنّ "تحرير تكريت مشجع جدًا". بل إنّ هذا الإفراط في التفاؤل بقي قائمًا حتى ما قبل سقوط الرمادي بأيام. ومن ذلك أنّ الجنرال الأميركي توماس ويدلي، رئيس هيئة أركان قوة المهمات المشتركة في الجيش الأميركي في الحرب على "داعش" في العراق وسورية، كان قال للصحفيين، قبل يومين فقط من سقوط الرمادي: "نحن نعتقد اعتقادًا راسخًا أنّ داعش في موقف دفاعي في جميع أنحاء العراق وسورية ويحاول الحفاظ على الانتصارات السابقة أثناء القيام بهجمات على نطاق صغير وعلى مستوى محلي مع شنّ هجمات معقدة أو كبيرة بين الحين والآخر لتغذية جهازهم الدعائي".

وفي واشنطن، يتركز النقاش الحالي المتعلق بإخفاقات إستراتيجية الإدارة في محاربة "داعش"، حول إذا ما كانت الإستراتيجية تعمل من حيث اعتمادها على ضربات جوية، من دون وجود قوات أميركية فعّالة ومعتبرة على الأرض، وحول إذا ما كان ينبغي تسليح العشائر السنّية مباشرةً، من دون المرور عبر الحكومة المركزية في بغداد التي أثبتت عدم موثوقيتها، فضلًا عن دور ميليشيات "الحشد الشعبي" وراعيها الإيراني. وقد ثارت في وجه الإدارة عاصفة من الانتقادات التي عبّر عنها الديمقراطيون والجمهوريون على السواء تطالبها بمراجعة إستراتيجيتها في محاربة تنظيم الدولة كليًا، وهو ما ترفضه الإدارة إلى الآن.