العنوان هنا
تقييم حالة 29 أكتوبر ، 2020

حقوق الإنسان في انتخابات الرئاسة الأميركية

دانيال برومبرغ

​زميل أول غير مقيم في المركز العربي بواشنطن، ومدير دراسات الديمقراطية والحكم في جامعة جورجتاون، وزميل أول غير مقيم في مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط.

مقدمة

مع حلول الذكرى الثانية لمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، يجدر بنا التساؤل: هل يمكن أن يحدث تغيير في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط بعد 20 كانون الثاني/ يناير 2021 من جهة تأكيد احترام حقوق الإنسان ووقف دعم الأنظمة القمعية؟ إنّ إعادة انتخاب دونالد ترامب تعني استمرار احتضان الحكام المستبدين في الشرق الأوسط. وعلى النقيض من ذلك – في حال فوز جو بايدن - يُفترض أن يحصل تغيير، على صعيد الخطاب على الأقل، في تمييز سياساته من سياسات سَلفه الذي استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بحفاوة في البيت الأبيض[1].

الواقع أنّ بايدن وعد علنًا بالكف عن مَنْح الحكام العرب المستبدين "شيكًا على بياض". ولكن عند ترجمة الأقوال إلى أفعال، يتعيّن عليه مواجهة العديد من التحديات الملموسة، بما فيها عناد الأنظمة الاستبدادية العربية وخريطة الشرق الأوسط الاستراتيجية التي خلقت تآزرًا أقوى بين الأنظمة العربية. ونظرًا إلى هذه التقييدات، من المحتمل ألَّا تمتلك إدارة بايدن الوسائل، ولا الإرادة، لمواجهة الأنظمة الاستبدادية العربية. لكنْ إذا كان الضغط من أجل الديمقراطية غير مُرجّح، فإنّ بوسعنا سَوق حجج مقنعة لتأكيد أهمية حقوق الإنسان ضِمن أي سياسة أميركية عامة تجاه الشرق الأوسط.

تعطي استطلاعات الرأي الحالية نائب الرئيس السابق جو بايدن أفضليةً ربما لا يستطيع الرئيس ترامب تخطيها. وفي ما يلي مناقشة موجزة متعلقة بالكيفية التي يمكن من خلالها أن تؤثر فترة ثانية لترامب في الشرق الأوسط وآفاق الإصلاح السياسي في العالم العربي من جهة، ومناقشة أخرى متعلقة بالتفكير في ما قد تحققه رئاسة بايدن لقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان في المنطقة من جهة أخرى.

توقُّع دعم ترامب الأنظمة الاستبدادية في ولايته الثانية

بيَّن الرئيس ترامب بوضوح تامٍّ، في موضوع السياسة العالمية، أنّ على البلدان الأخرى - أكانت من خصوم الولايات المتحدة أم من أصدقائها - ألَّا تركز على مصالحها الخاصة فقط، بل أن تفعل ذلك بطريقة تبرز ثقافاتها وتقاليدها الوطنية. وهذه طريقة "مهذبة" لقول إنّ الأفكار التي بني عليها شعاره القومي "لنجعل الولايات المتحدة عظيمة مجددًا" يجب أن تكون نموذجًا للعلاقات الدولية، وهو ما أعلنه صراحةً[2]. وهذه الرؤية ستوجه نهجه في الشرق الأوسط في ولايته الثانية. وسيوفر له الائتلاف المتنامي، بدعم من إدارته جزئيًّا، بين الإمارات العربية المتحدة والسعودية والبحرين، وإسرائيل في الفترة الأخيرة، رصيدًا استراتيجيًّا قويًّا لتقديم نهجه الهجين بين النزعتين الواقعية والقومية المتمركزة أميركيًّا. والواقع أن إدارة ترامب الجديدة ستنظر إلى هذا الائتلاف لتعزيز المصالح الأميركية، بل ربما تحاول توسيع نفوذها وترسيخه عبر تجديد مساعيها الهادفة إلى رَدْمِ الهوة بين قطر وبلدان الجوار الخليجية. وإنّ افتراض ترامب أنّ القادة العرب (إضافةً إلى نظرائهم في إسرائيل) يشاركونه حماسه للمزج بين الواقعية والقومية سيساعد في تمهيد الطريق لأي مقاربة من هذ النوع.

لكن ما لن تفعله إدارة ترامب الثانية هو أنْ تولي قضايا التغيير السياسي أيَّ اهتمام، فضلًا عن الديمقراطية أو حقوق الإنسان. سيتواصل، على الأرجح، تمويل الكونغرس للمنظمات المناصرة للديمقراطية؛ كالمعهد الديمقراطي الوطني، والمعهد الجمهوري الدولي. لكن على المستوى الحاسم للدبلوماسية العالية سيدعم البيت الأبيض بإدارة ترامب المستبدين العرب؛ ليس لأنه سيعتبر هذه السياسة "سياسة حكيمة" من منظور البراغماتية فقط، بل لأنّ مسؤولي إدارته سيعتبرونها، خطأً، متوافقة طبيعيًّا مع "القيم" المفترضة للعالم العربي، أي غير ديمقراطية.

سيتوجه نهجه هذا في المقام الأول نحو إيران. لقد استحوذ عليه هاجس إيران لسبب أساسي هو كراهيته للرئيس السابق باراك أوباما وسياساته، غير أنّ دوافعه الشخصية هذه تتناغم جيدًا مع أولويات فريق السياسة الخارجية برئاسة وزير الخارجية مايك بومبيو الذي عزم على اتباع سياسة تغيير النظام الإيراني، بدلًا من مواجهة المهمة الصعبة المتمثلة في إجراء مفاوضات حقيقية مع إيران.

في هذا السياق، من الصعب توقُّع ما سيكون؛ أتستمر سياسة بومبيو المتشددة في عهد ترامب الجديد في البيت الأبيض، أم أن النهج المتقلب لترامب في السياسة الخارجية سيدفعه إلى السير وراء مبادرة جديدة مع إيران رغم انسحابه من خطة العمل الشاملة المشتركة؟ ربما يدعم أيضًا الضغط لإيجاد حلٍّ في اليمن، حيث لن يلقى مثل هذا التحول أصداءً إيجابية في بعض دول الخليج، وخصوصًا السعودية. لكنْ لدى السعودية وحلفائها الإقليميين كثيرٌ مما يكسبونه من خلال التعاون مع إدارة جديدة لترامب لا يمكن توقُّع تصرفاتها، وهي إدارة يعرف الأمير بن سلمان (الملك المحتمل) جيدًا أنها لن تحترم قضية الديمقراطية أو حقوق الإنسان في العالم العربي.

رؤية بايدن للسياسة الخارجية

لا شك في أن نهج بايدن في قضايا الشرق الأوسط، والساحة العالمية عمومًا، سيكون مختلفًا تمام الاختلاف. فجوهر رؤيته للسياسة الخارجية هي الدعوة إلى استعادة زعامة الولايات المتحدة الأميركية عبر الدبلوماسية والتعددية[3]. لقد شجب بايدن ومستشاروه النزعة القومية المفرطة لشعار "لنجعل الولايات المتحدة عظيمة مجددًا"، ودعوا إلى رَدْمِ الهوة بين الولايات المتحدة وحلفائها، بدءًا بحلف الناتو. وهكذا، فإن تركيزهم الأساسي ينصبُّ في إحياء شبكات العلاقات والالتزامات العالمية التي كانت أساسية لأمن الولايات المتحدة وازدهارها الاقتصادي. وهذه الرؤية تشتمل على الديمقراطية، وتؤكدها في الواقع. ويدافع بايدن عن فكرة أن الولايات المتحدة لا تستطيع الدفاع عن الحرية في الخارج من دون إصلاح المؤسسات والعمليات الديمقراطية البالية في الولايات المتحدة أولًا. إن نظام "المعركة السياسية" هذا - إنْ جاز التعبير - يرد أيضًا ضمن أُطرِ لغةٍ متعددة الجوانب. فمثلًا، يزعم بايدن وفريقه أنه، مع تقدُّم الولايات المتحدة نحو تجديد الديمقراطية في الداخل، سيُنظم بايدن – في حال كونه رئيسًا - قمّةً عالمية من أجل الديمقراطية لِمَدِّ بلدان العالم الحر وأهدافها المشتركة بروح جديدة، وأنه سيجمع معًا، في العام الأول من توليه المنصب، الأنظمةَ الديمقراطية في العالم، لتقوية "مؤسساتنا الديمقراطية"، ولمواجهة صريحة متعلقة بتحدي البلدان المتراجعة في الشأن الديمقراطي، ولصياغة جدول أعمال مشترك؛ من أجل مواجهة التهديدات بشأن "قيمنا المشتركة"[4].

ترتبط دعوة استعادة دور الولايات المتحدة شريكًا وزعيمًا لـ "العالم الحر" ارتباطًا مباشرًا بمواجهة "الارتداد" عن الديمقراطية[5]. ويشير هذا المصطلح إلى مجموعة علل؛ مثل الفساد، وسوء الإدارة، والاستقطاب السياسي، وصعود قادة شعبويين أجهضوا ديمقراطياتهم. لذلك، سيتّجه تركيز بايدن إلى معالجة المشاكل بالنسبة إلى عدد متزايد من الأنظمة الديمقراطية (مثلًا: المجر، وبولندا، والبرازيل، والولايات المتحدة بطبيعة الحال)، وليس إلى تعزيز الديمقراطية في الأنظمة الاستبدادية الموالية للولايات المتحدة[6]. وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، على بايدن وفريقه مواجهة منطقة تشهد نزاعات تهدد المصالح الأمنية الأميركية نفسها، ومصالح حلفائها الإقليميين. وهذا وضعٌ مختلف جدًّا عن الظروف العادية.

الأمن والديمقراطية وواقع الشرق الأوسط

تطرح التحديات الأمنية المتداخلة التي تحدد المعالم الاستراتيجية للشرق الأوسط تحديًا معروفًا متمثّلًا في كيفية الموازنة بين القوة والمبادئ. وفي هذا الصدد، فإن سياسة بايدن الخارجية تُعلي من قيمة الديمقراطية وحقوق الإنسان، مع تأكيد المصالح الأمنية. فمثلًا، يرفض فريقه سياسة ترامب تجاه إيران، ويدعو - بدلًا من ذلك - إلى بذل جهود متعددة الأطراف للعودة إلى الاتفاق النووي، وتوسيع أجندة المفاوضات؛ لمواجهة "دعم الجمهورية الإسلامية للإرهاب"، وبرنامجها للصواريخ الباليستية[7]. وهو في هذا الشأن يقتفي أثر نهج أوباما، وفرضيته الأساسية في ذلك هي إعطاء الأولوية لإشراك نظام خطير، بدلًا من مراهنة ترامب الفاشلة على تقويض نظام "بغيض"، نظامٍ أصبح المتشددون فيه أقوى من أي وقت مضى[8].

لكنّ العالم العربي يطرح أصعب المعضلات أمام بايدن؛ فقد نسجت الولايات المتحدة توجهاتها الجيوستراتيجية بالارتباط مع ائتلاف أنظمة استبدادية بقيادة الإمارات العربية المتحدة والسعودية، مع دور داعمٍ للبحرين ومصر والأردن والمغرب والجزائر وعمان وقطر، وإن تخلل ذلك بعض التعقيد. ورغم هذه الوقائع، يرى بايدن وفريقه أنّ العلاقات مع هذه الدول لا ينبغي أن تحصل على حساب التسامح مع تعسف شركاء الولايات المتحدة الإقليميين. وكما يشير برنامج الحزب الديمقراطي لعام 2020، صحيح أن للولايات المتحدة "مصلحة في مساعدة شركائنا في مواجهة التهديدات الأمنية المشروعة"، لكن "لا توجد أي مصلحة في مواصلة سياسة إدارة ترامب في التوقيع على بياض أو التساهل مع الدوافع الاستبدادية، أو النزاعات الداخلية، أو الحروب الكارثية بالوكالة، أو جهود إجهاض عمليات الانفتاح السياسي في جميع أنحاء المنطقة"[9].

ردَّد بايدن هذه الكلمات في تصريحاته العامة. وجاء أقوى إعلان له في الذكرى السنوية لمقتل خاشقجي؛ فـ "في ظل إدارة بايدن وهاريس"، قال مؤكِّدًا تصريحاته السابقة: "سنعيد تقييم علاقتنا بالمملكة، وننهي الدعم الأميركي لحرب السعودية في اليمن، ونؤكد أن الولايات المتحدة لن تركن قيمها جانبًا مقابل بيع أسلحة أو شراء نفط. وسيكون لالتزام الولايات المتحدة بالقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان أولوية، حتى مع أقرب شركائنا الأمنيين. سأدافع عن حق الناشطين والمعارضين السياسيين والصحافيين في جميع أنحاء العالم في التعبير عن آرائهم بحرية من دون خوف من الاضطهاد والعنف"[10].

ومع أنّ هذا التصريح اقتباس من البرنامج الانتخابي للحزب الديمقراطي، فإنه يعكس بوضوح رؤية بايدن النقدية تجاه السعودية، وهي رؤية تسبق مقتل خاشقجي بنحو 35 عامًا. والواقع أن بايدن أكد رسميًّا، في تموز/ يوليو 1986، أثناء اجتماع لمجلس الشيوخ، أن "سياسات الشرق الأوسط مليئة ببعض السخافات. وإحداها الخرافة القائلة إنّ السعوديين قادرون على أن يكونوا وكلاء للتغيير، حتى لو أرادوا ذلك بالفعل [...] وكلاء لمصالح الولايات المتحدة في منطقة الخليج"[11]. لقد عبر عن هذه "المشاعر" قبل عشرات السنين من إمكانية تخيُّل صُنَّاع القرار في الولايات المتحدة خوض السعودية حربًا في اليمن بأسلحة أميركية تسببت في مقتل آلاف الأبرياء، أو قبل إرسال بن سلمان القتلة لارتكاب جريمة في حقّ المعارض البارز في القنصلية السعودية في إسطنبول؛ ما يؤكد عمق مخاوف بايدن من السعودية[12].

صعوبة الحفاظ على التوازن الدقيق للواقعية الليبرالية

إذا كانت التوقعات أنّ بايدن سيرجح كفَّة "الليبرالية" في معادلة "الواقعية الليبرالية" التي تصوغ رؤيته في السياسة الخارجية، فهناك عدد لا يحصى من العوامل التي تعرقل أيّ رهان على تقدُّم التغيير الديمقراطي في العالم العربي.

أوَّل هذه العوامل تشبث الأنظمة الاستبدادية بالحكم[13]؛ إذ يغذي صعود قادة استبداديين (مثل السيسي وبن سلمان) وجهة نظر خاطئة مفادها أنّ أنظمتهم الاستبدادية تتلخص في استبداد زعيم واحد مدعوم بالقوة الغاشمة للمؤسسات الأمنية. فحتى الحكام المستبدون يجب أن يحافظوا على ائتلاف حاكم يرتبط أعضاؤه بفئات مختلفة. وتوفير الحماية والمحسوبية يُبقي هذه الفئات معتمدة على الأنظمة؛ ما يتيح للقادة اللعب بفئة ضد أخرى. ولذلك، تبرز المفارقة الظاهرة، وهي ظاهرة غير مفاجئة: استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر دعمًا واسعًا للديمقراطية والقيم الديمقراطية[14]. لكنْ ثمّة جماعات؛ مثل الشيعة في الكويت، أو المهنيين العلمانيين وأصحاب المشاريع والزعماء السياسيين في مصر، أو الزعماء العلمانيين والإسلاميين في الأقلية السُّنية في البحرين، غير راغبة - غالبًا – في التخلي عن حُماة أنظمتها[15]. فَعَبْر حمايتهم من المجهول، المتمثل في المنافسة الديمقراطية المفتوحة، تفادى قادةٌ، مثل السيسي وبن سلمان، ضغوطًا محلية ودولية لإجراء انفتاح في أنظمتهم السياسية[16].

لقد أصبح الاندفاع إلى حَرْف هذه الضغوط اليوم أكبر كثيرًا مما كان عليه إبان اندلاع موجة "الربيع العربي" في عام 2011، أو في العقد الذي سبقه. وفي الواقع، حاول حكام الأنظمة الهجينة، "الاستبدادية الليبرالية"، في العقد الأول من القرن الحالي، في المغرب ومصر والأردن والكويت، "ملاقاة" الدعوات الأميركية للإصلاح السياسي بدلًا من تحدِّيها. وقد فعلوا ذلك من خلال تظاهرهم بأنهم يسهلون - أو لا يعارضون - النموذج "المدفوع بالطلب" الذي كان الركيزة الأساسية لبرامج المساعدات الأميركية من أجل الديمقراطية[17]. ويرتكز هذا النموذج على دعم جهود جماعات المجتمع المدني لدفع الأنظمة نحو الانفتاح، لكن من دون أيّ ضغوط موازية من الولايات المتحدة على الحكومات العربية لتطبيق إصلاحات ديمقراطية حقيقية.

واليوم، أصبح تنفيذ هذه الصيغة المريحة دبلوماسيًّا (طلب كبير وعرض قليل) أكثر صعوبةً؛ لأن أنظمة عربية عديدة قلصت مجال نشاط المجتمع المدني أو أغلقته كليًّا[18]. هذا التحول لأشكال أكثر انغلاقًا من الأنظمة الاستبدادية تغذى بـِ "شبح" الحرب الأهلية وانهيار الدولة جزئيًّا، أو كليًّا، في ليبيا واليمن وسورية. فالمستبدون العرب، بعد معاينتهم لما تكشفت عنه هذه الأحداث (أدت أفعال عديدة لهم، عن قصد أو غير قصد، إلى فتح الباب أمام تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وفروعه في المنطقة، أو أمام المذبحة التي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد في سورية)، صاروا يخشون أن تؤدي أدنى خطوة انفتاح سياسي إلى انهيار الدولة، أو إلى نهايتهم سياسيًّا، أو حتى جسديًّا[19]. ولذلك، فهم مصممون على سَحْق أيّ جماعة محلّية تُعتبر مدعومةً من الغرب.

تُبرز هذه الحالة العامل الثاني ضد دعم الولايات المتحدة للإصلاحات الديمقراطية. فالائتلاف الذي ساعدت إدارة ترامب في تشكيله بين الإمارات والسعودية والبحرين وإسرائيل خلق وقائع جيوستراتيجية جديدة ودائمة. صحيحٌ أن سببه المباشر هو الخشية من إيران، لكن حفَّزته أيضًا الرغبة في منع/ تعطيل انتخابات قد تُقوِّي عضد الإسلاميين السُّنة[20]. ستضطر إدارة بايدن إلى العمل مع هذا التحالف، وستفعل ذلك لأنه يوفر إطارًا لتعزيز التنسيق الأمني بين إسرائيل ودول الخليج، ولأن الصين وروسيا تحاولان الاستفادة منه من أجل توسيع نفوذهما[21]. ونظرًا إلى هذه الحقائق، سيتجنب بايدن الصدام المباشر مع قادة الخليج، بمَن فيهم محمد بن سلمان، على أنّ هذا لا يعني أنّ بايدن سيتراجع عن تعهده بإنهاء دعم الولايات المتحدة لحرب اليمن، ولكن يُرجّح أن يفعل ذلك عبر دفع القادة العرب – برفق - إلى إنهائها، بدلًا من مواجهتهم.

العوامل المساعدة على دعم الديمقراطية في إدارة بايدن

تُضيِّق التقييدات المذكورة من قبلُ المجالَ الاستراتيجي والدبلوماسي بالنسبة إلى أيّ إدارة جديدة لبايدن من شأنها تعزيز الديمقراطية في العالم العربي. لكنْ ثمة حَيِّز للتفكير بطريقة خلَّاقة متعلقة باستراتيجيات مجدية، على أن يُظهر بايدن وفريقه دقةَ تحليلٍ أكبر مما تظهره حتى الآن عباراته الحماسية والغامضة في الوقت نفسه. تتطلب الجدوى أمرين: أولًا، إعطاء الفاعلين في الأنظمة – ومؤيديهم - حافزًا يحملهم على تعزيز الإصلاحات السياسية أو السماح بها. ثانيًا، الاستفادة من النفوذ الأميركي لحث الاستبداديين العرب على التقدم. لكنّ بايدن وأعضاء فريقه طرحوا حزمة أهداف ومصطلحات تتضمن معانيَ ودلالات مختلفة. وهذا الخلط يجعل من الصعب تحديد المدة الزمنية التي يمكن أن تدفع الولايات المتحدة خلالها تجاه تغييرات سياسية قابلة للحياة، أو تحديد كيفية إنجاز مثل هذه السياسة.

إنّ الديمقراطية والقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان هي في النهاية مشاريع مترابطة، لكنها متمايزة[22]. فالديمقراطية تقتضي شبكة متقدمة من المؤسسات والقوانين والظروف الاجتماعية، فضلًا عن الإرادة السياسية للتفاوض لدى القادة السياسيين. وليس من قبيل المصادفة أن تكون تونس - الدولة العربية الوحيدة التي تنعم بالعديد من هذه البنود - هي الدولة العربية الوحيدة التي حققت تحولًا ديمقراطيًّا هشًّا[23]. أما "القيم الديمقراطية"، فلا يوجد غالبًا سوى القليل من توافق الآراء بشأن تطبيقها، على الرغم من أنّ معظم مواطني الدول العربية يؤيدون هذه القيم. ولن يُقْدِم قادةُ السعودية والبحرين ومصر والإمارات العربية المتحدة وحلفاؤُهم المحليون على اختبار الوضع لمعرفة أي فئة ستستفيد أكثر من انتخابات تنافسية. وبناءً عليه، فإنّ الاحتفاء بالقيم الديمقراطية ليس أمرًا صعبًا، بل إنّ الصعب هو إيجاد برامج وسياسات تمنح القادة وأتباعهم حوافز مقنعة للانفصال عن آليات الاستبداد التي أصبحت باليةً، ومستمرةً في الآن نفسه. وفي المقابل، يحمل مصطلح "حقوق الإنسان" في طياته – على نحو ما يُظهِره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان - رسالةً عالمية للحرية والكرامة الشخصية لا يمكن اختصارها في ثقافة معيّنة أو دين محدد، أو حتى في نوع معيّن من الحكومات[24]. وتُظهر استطلاعات الرأي العامّ الأخيرة أن حقوق الإنسان تحظى بدعم قوي[25] حين تُعرَّف من ناحية الحريات الأساسية، أو من ناحية الحماية من عنف الدولة غير القانوني. ومثل هذه المشاعر توفر للولايات المتحدة فرصةً لإقناع حلفائها العرب بأنهم يستطيعون – بل يجب عليهم في الواقع – وَقْف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، إنْ كانوا يريدون بعض الشرعية المحلية والعالمية.

نحو استراتيجية أميركية لحقوق الإنسان في العالم العربي

كيف ينبغي التصرف إذًا؟ نظرًا إلى الظروف المحلية والإقليمية والعالمية، من المستبعد أن تتمكن جماعات حقوق الإنسان المحلية من الضغط على الحكومات الاستبدادية لتحسين سجلها في هذا المضمار. فالأمر يتطلب من حكومة الولايات المتحدة جَعْل حقوق الإنسان، مرةً أخرى، جزءًا واضحًا من السياسة الخارجية الأميركية. وإذا رغبت إدارة بايدن خلال عامها الأول في إطلاق دبلوماسية مجدِّدة في الشرق الأوسط والمجتمع الدولي عمومًا، فعليها استضافة قمَّة عالمية لحقوق الإنسان ودعوة ضحايا الاستبداد من مناطق متعددة من العالم للحديث فيها.

ستترك هذه الدعوة صدىً كبيرًا لدى القادة العرب وجماهيرهم المؤيدة، ولدى المعارضات المحاصرة بطبيعة الحال. وسيتردد هذا الصدى لأن انتهاكات حقوق الإنسان قد بلغت ذرىً جديدة؛ ما أدّى إلى تعطيل جوانب عديدة في الحياة اليومية بالنسبة إلى المواطنين والنخب، فضلًا عن خطط الأنظمة العربية[26]. والواقع أنّ القمع في الدول العربية الصديقة للولايات المتحدة لم يكن دافعًا إلى إصلاحات اقتصاد السوق؛ إذ يراهن قادةٌ كثيرون - من أمثال السيسي أو بن سلمان - على أنّ المجتمع الدولي سيتجاهل إساءة استعمالهم للسلطة إذا تمكنوا من إظهار تقدُّم في مثل هذه الإصلاحات. لكنّ مناخ الخوف الذي أوجدته هذه الأنظمة - وعمَّقته أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) عرقل مثل هذه الطموحات[27].

والحقيقة أنّ الحجة القائلة إنّ فوائد الإصلاح الاقتصادي تفوق التكاليف "المؤسفة" لانتهاكات الحقوق هي عذرٌ قبيح للتسامح مع الممارسات غير المقبولة. وتشمل هذه الانتهاكات استخدام قوانين "مكافحة الإرهاب" التعسفية، والمحاكم، والسجون، بوصفها أدوات للقمع[28]. من السهل إدانة إيران على سياسات كهذه، لكنّ مهاجمة حكومات عربية موالية للولايات المتحدة بسبب انتهاكات مماثلة أمرٌ مختلف تمامًا. يوجد في مصر نحو 60 ألف سجين سياسي، وهذا يفوق كثيرًا عدد السجناء في إيران[29]. وفي أوائل تشرين الأول/ أكتوبر 2020 وحده، أُعدم 15 سجينًا سياسيًّا في "سجن العقرب" ذي السمعة السيِّئة في مصر[30]. وفي السياق نفسه، استخدمت السعودية السجون لإمراض منتقديها أو قتلهم[31].

لن تؤدي حملة الحكومات الغربية بقيادة الولايات المتحدة إلى دفع القادة العرب لإنهاء مثل هذه الانتهاكات إلَّا إلى إحداث ثغرات طفيفة في درع الأنظمة الاستبدادية، لكنها ستكون مهمةً من الناحية الإنسانية. كما أنها قد تسمح، على المستوى السياسي، بإسماع أصوات فردية معزولة لسياسيين محنكين، مثل محمد أنور السادات في مصر الذي طُرد من البرلمان في عام 2017 بسبب مهاجمته تجاوزات الحكومة[32]. وبمباركة سياسة حقوقية أميركية جديدة، يمكن أن يتلقى قادةٌ عرب، ممَّن يحافظون على روابط مع الائتلافات الحاكمة ولكنهم مع ذلك يفضلون إصلاحات سياسية، رسالةً قوية مفادها أنّ سياسات الخوف والترهيب والقمع تعمل على تآكل العلاقة بين الأنظمة ومجتمعاتها؛ ما يجعل الدول أقلَّ أمنًا وليس أكثر أمنًا[33].

فوائد نهج الحقوق وحدوده

ثمَّة حدود للاستراتيجية التي ذكرناها آنفًا؛ إذ إنّ روابط الولايات المتحدة مع قادة من العرب تمنحها بعض النفوذ، لكنه نفوذ منضبط ضمن حدود يفرضها تصميم الأنظمة العربية على البقاء. ورغم ذلك، فإنّ مزيجًا من دبلوماسية ثنائية هادئة وعمل متعدد الأطراف صاخب يمكن أن يُحرج منتهكي حقوق الإنسان ويزعجهم أكثر من زيادة حدة التهديدات القاطعة التي ستلاقي الولايات المتحدة صعوبةً في تنفيذ العديد منها. ويمكن أن يتلقَّى البيت الأبيض، أيضًا، برئاسة بايدن مساعدةً من منظمات عربية غير حكومية لحقوق الإنسان مقرها واشنطن. وتقوم الآن منظمات بقيادة ناشطين عانوا هم أو آباؤهم السجنَ أو التعذيب - مثل منظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن (فجر)، ومنظمة مبادرة الحرية - بدفع الكونغرس الأميركي إلى اتباع سياسات مستندة إلى الحقوق[34].

يمكن أن تشكل استراتيجية حقوق الإنسان دعمًا لبايدن في تعهده بإحياء المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية. لكن مثل هذه المبادرة ستتوقف في حال مواصلة حكومة إسرائيلية تتولى المسؤولية في 20 كانون الثاني/ يناير 2021 سياسةَ الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وبيوتهم[35]. فلقد قوضت هذه السياسة، بصرف النظر عن دلالاتها الأخلاقية، جهودَ المسؤولين الفلسطينيين لإثبات أنّ لديهم شركاء سلام جديين في إسرائيل والولايات المتحدة. وسيكون عَرْض هذه القضية على إسرائيل أسهل أيضًا إذا شجعت الولايات المتحدة الحلفاء العرب في الخليج على دعم محادثات سلام جادة وعادلة.

وعلى المستوى العالمي، ستعزز استراتيجية الحقوق جهود الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين محاسبةَ منتهكي الحقوق الرئيسين (الصين مثلًا)، وسترسل إشارة قوية إلى الشعبويين غير الليبراليين (الذين يقودون حكومات "ديمقراطية" ظاهريًّا) مفادها أنهم قد صاروا غير مُرحَّب بهم في البيت الأبيض. لقد أشاد رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، بترامب لمعارضته "الإمبريالية الأخلاقية" للديمقراطيين بحسب تعبير أوربان[36]، لكن ليس من الإمبريالية في شيء مناصرة القيم العالمية ما دامت إدارة بايدن تدافع عن حقوق الإنسان، حتى وهي تسعى وراء مصالح الولايات المتحدة الأمنية والجيوستراتيجية والدبلوماسية.



[1] Michele Kelemen, “Trump Welcomes Egypt's Sissi To Washington in Reboot of Bilateral Ties,” National Public Radio, 3/4/2017, accessed on 29/9/2020, at: https://n.pr/3dW6oDX; John Haltiwanger & Sonam Sheth, “'I Saved His a--': Trump Boasted that he Protected Saudi Crown Prince Mohammed Bin Salman after Jamal Khashoggi's Brutal Murder, Woodward's New Book Says,” Business Insider, 10/9/2020, accessed on 29/9/2020, at: https://bit.ly/3julxOa

[2] “Read Trump’s Speech to the UN General Assembly,” VOX, 28/9/2018, accessed on 29/9/2020, at: https://bit.ly/34q0kR0

[3] “Foreign Policy and American Leadership Plan,” Joe Biden for President: Official Campaign Website, accessed on 29/9/2020, at: https://bit.ly/2J1QOeF

[4] “Remarks as Prepared for Delivery by Vice President Joe Biden,” Democracy in Action, 11/7/2019, accessed on 29/9/2020, at: https://bit.ly/3kwWdse

[5] Nancy Bermeo, “On Democratic Backsliding,” Journal of Democracy, vol. 27, no. 1 (2016), pp. 5-19, accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/3opOsXk

[6] Christopher Ingraham, “The United States Is Backsliding into Autocracy under Trump, Scholars Warn,” The Washington Post, 18/9/2020, accessed on 29/9/2020, at: https://wapo.st/2TmBhYH

[7] Joe Biden, “There’s a Smarter Way to be Tough on Iran,” Cable News Network(CNN), 13/9/2020, accessed on 25/9/2020, at: https://cnn.it/3onlVBz

[8] Daniel Brumberg, “The Uncertain Victory of Iran’s Hardliners,” Responsible Statecraft, 27/2/2020, accessed on 29/9/2020, at: https://bit.ly/35DY3RU

[9] “Renewing American Leadership,” Democratic National Committee, n.d., accessed on 29/9/2020, at: https://bit.ly/3jr2tQU

[10] “Anniversary of Jamal Kashoggi’s Murder - Statement by Vice President Joe Biden,” Joe Biden For President: Official Campaign Website, 2/10/2020, accessed on 10/2/2020, at: https://bit.ly/2J8LKW9

[11] Daniel DePetris, “Joe Biden’s Foreign Policy Perspective Could Impact the Saudi Peace Plan,” The National Interest, 28/9/2020, accessed on 29/9/2020, at: https://bit.ly/34sEtIT;

للاطلاع على النص الأصلي، يُنظر:

“Senate Session: After Morning Business, the Senate Debate and Votes to Override The President’s Veto of the Arms Sales to Saudi Arabia,” C-SPAN, 15/6/1986, accessed on 10/2/2020, at: https://cs.pn/2G1r9BO

[12] Julian Barnes, “C.I.A. Concludes That Saudi Crown Prince Ordered Khashoggi Killed,” The New York Times, 16/11/2018, accessed on 29/9/2020, at: https://nyti.ms/37D15IA

[13] Steven Heydemann, “Arab Autocrats are not Going Back to the Future,” The Washington Post, 4/12/2014, accessed on 29/9/2020, at: https://wapo.st/2HDJm8L

[14] “The 2019-2020 Arab Opinion Index: Main Results in Brief,” The Arab Center for Research and Policy Studies, accessed on 15/10/2020, at: https://bit.ly/3jr3fxi

[15] Madeleine Wells, “Sectarianism and Authoritarianism in Kuwait,” The Washington Post, 13/4/2015, accessed on 29/9/2020, at: https://wapo.st/3jmQ6Fq; Michelle Dunne & Amr Hamzawy, “Egypt’s Secular Political Parties: A Struggle for Identity and Independence,” Carnegie Endowment for International Peace, 13/3/2017, accessed on 10/2/2020, at: https://bit.ly/3koIgMK; Courtney Freer, “Challenges to Sunni Islamism in Bahrain Since 2011,” Carnegie Middle East Center, 6/3/2019, accessed on 25/9/2020, at: https://bit.ly/2IUXawj

[16] Amr Emam, “Why are Egypt’s Salafists Backing Sisi?” The Arab Weekly, 28/1/2018, accessed on 25/9/2020, at: https://bit.ly/31CEMPm; Eric Cunningham, “Egypt’s Salafist Nour Party in Tenuous Political Alliance with President-elect Sissi,” The Washington Post, 1/6/2014, accessed on 10/2/2020, at: https://wapo.st/31D11EH

[17] Daniel Brumberg, “Beyond Liberalization?” The Wilson Quarterly, vol. 28, no. 2 (Spring 2004), accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/37GoiJO

[18] بشأن حدود استراتيجية الدمقرطة التي تركز على المجتمع المدني، يُنظر:

Vickie Langohr, “Too Much Civil Society, Too Little Politics: Egypt and Liberalizing Arab Regimes,” Comparative Politics, vol. 36, no. 2 (2004), pp. 181-204, accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/3opxuYV

[19] Project on Middle East Political Science (POMEPS), Studies 21, Transnational Diffusion and Cooperation in the Middle East (August 24, 2016), accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/3dZLkwC

يُنظر خاصةً:

Maria Josua, “Convergence through Learning,” Ibid.; Oliver Schlumberger “Contagious Crumbling,” Ibid;

بشأن رواية الأسد عن الأحداث في سورية، يُنظر:

 “Syria uprising: Assad says Arab Spring brought chaos,” BBC News, 21/9/2012, accessed on 10/2/2020, at: https://bbc.in/3jpBvZX

[20] Giorgio Cafiero, “The UAE Campaign Against Political Islam: Implications For London,” LobeLog, December 27, 2018, accessed on 10/2/2020, at: https://bit.ly/2HyXMY7; Muhammad Abdalsattar, “The UAE’s War on the Muslim Brotherhood,” Egyptian Institute for Studies, 15/5/2019, accessed on 25/9/2020, at: https://bit.ly/3mlVJWm

[21] Paul Iddon, “Russia and China Vie for Influence in US-dominated Middle East Arms Market,” The New Arab, 24/6/2020, accessed on 25/9/2020, at: https://bit.ly/2G3WmEw; “Growing Demand for Russian Arms in the Middle East: The Syria Effect?” Middle East Strategic Perspectives, 21/6/2018, accessed on 25/9/2020, at: https://bit.ly/2HAOJ8I; Tariq Alfaham, “Mohamed bin Zayed Receives Note from Chinese President,” WAM, 10/10/2020, accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/2HxcTBu; Oren Dorell, “Russia Offers Egypt no-strings-attached Arms Deal,” USA Today, 13/2/2014, accessed on 25/9/2020, at: https://bit.ly/3ks8wpG

[22] بشأن العلاقة المعقدة بين الديمقراطية وحقوق الإنسان، يُنظر:

Lillian Carson, “Human Rights and Democracy: An Incompatible or Complementary Relationship?” E-International Relations, 7/5/2017, accessed on 10/2/2020, at: https://bit.ly/31J5Igp

[23] Daniel Brumberg & Maryam Ben Salem, “Tunisia’s Endless Transition?” Journal of Democracy, vol. 31, no. 2 (2020), pp. 110–124, accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/3dX2yuz

[24] United Nations, UN General Assembly, Universal Declaration of Human Rights (December 10, 1948), accessed on 10/2/2020, at: https://bit.ly/2TpwDti

[25] Richard Wikie & Shannon Schumacher, “Democratic Rights Popular Globally but Commitment to Them Not Always Strong,” Pew Research Center, 27/2/2020, accessed on 25/9/2020, at: https://pewrsr.ch/3mis9Rx

[26] Andrew Gilmour “The Global Backlash Against Human Rights,” United Nations Assistant Secretary-General for Human Rights, University of California, Berkeley and McGeorge School of Law, Sacramento, March 12-13, 2018, accessed on 10/2/2020, at: https://bit.ly/3osOgXp

[27] Selam Gebrekidan, “For Autocrats, and Others, Corona Virus is another Opportunity to grab even more Power,” The New York Times, 14/4/2020, accessed on 25/9/2020, at: https://nyti.ms/2Hp2yYr

[28] “Saudi Arabia's new Anti-Terrorism Law Strengthens Crackdown on Fundamental Freedoms” Al-Karama, 22/112017, accessed on 25/9/2020, at: https://bit.ly/37LT0l3; Anis Osman, “10 years on: Jordan’s Anti-terrorism Law and the Crackdown on Dissent,” Open Democracy, 31/10/2016, accessed on 25/9/2020, at: https://bit.ly/35y45TR; “Egypt's Sisi Approves Anti-terrorism Law Creating Special Courts,” Reuters, 17/8/2015, accessed on 25/9/2020, at: https://reut.rs/2J4FFtI

[29] “‘Save Us:’ The Last Shout of Egypt’s Detainees,” Egypt Watch, 23/3/2020, accessed on 25/9/2020, at: https://bit.ly/3mjU3MW

[30] “Egypt Executes 15 Political Prisoners in New Crackdown,” Tasnim News Agency, 6/10/2020, accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/2FWfCDE

[31] Nick Hopkins, “Leaked Reports Reveal Severe Abuse of Saudi Political Prisoners,” The Guardian, 31/3/2019, accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/3kuOrPw; Abdullah Alaoudh, “Saudi Arabia is Responsible for the Slow Death of the Kingdom’s Nelson,” TheWashington Post, 24/4/2020, accessed on 25/9/2020, at: https://wapo.st/3okMxmV

[32] “Egypt Parliament Expels MP Critical of Human Rights Record,” BBC, 28/2/2017, accessed on 25/9/2020, at: https://bbc.in/37G5DxW; Daniel Brumberg, “Sisi’s Difficult Road to Full Autocracy,” Revue Tunisienne de Science Politique,” vol. 1, no. 1 (September 2019), pp. 103-125, accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/3mittnt

[33] بشأن التوترات الاجتماعية والسياسية التي أثارتها سياسات السيسي، يُنظر:

 “Egypt: Lawyers Say Police Arrested Hundreds over Protests,” Associated Press, 23/12/2019, accessed on 25/9/2020, at: https://bit.ly/35A8jKz; “Egypt: Growing Calls for anti-regime Friday Protests,” Anadolu Agency, 1/10/2020, accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/31GJETQ; “One ‘killed’ in Egypt as Protesters Demand El-Sisi Resign,” Al Jazeera, 26/9/2020, accessed on 10/2/2020, at: https://bit.ly/3kscxug;

بشأن الجزائر، يُنظر:

“Algerians Take to Streets Despite Ban on Protests,” Arab News, 6/10/2020, accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/3ooX0O4;

بشأن الأردن، يُنظر:

Curtis Ryan, “Resurgent Protests Confront New and Old Red Lines in Jordan,” Middle East Research and Information Project (MERIP), 292/3 (Fall/Winter 2019), accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/34qMUnS

[34] Democracy in the Arab World (DAWN), Facebook page, accessed on 26/10/2020, at: https://bit.ly/34tP8mu; The Freedom Initiative: Advocating for Hope Against All Odds, accessed on 26/10/2020, at: https://thefreedomi.org/

[35] “Israel: Discriminatory Land Policies Hem in Palestinians,” Human Rights Watch, 12/5/2020, accessed on 12/10/2020, at: https://bit.ly/3juaZyg

[36] Adam Payne, “Hungarian Prime Minister Viktor Orban Endorses Trump and Denounces the 'moral Imperialism' of the Democrats,” Business Insider, 21/9/2020, accessed on 25/9/2020, at: https://bit.ly/31GvCBg