مقدمة
يمثّل قطاع الريف محورًا رئيسًا في سياسات التنمية في إيران؛ لأنّ المناطق الريفية شهدت تاريخيًا تركّز كثافة سكانية عالية، ونظرًا إلى أهمية النشاطات الزراعية فيها. وفي العقود الأخيرة، شرعت الحكومة الإيرانية في إنجاز مشاريع تنموية كبرى في هذه المناطق. وفي الحقيقة، تعتبر إيران إحدى الدول النامية القليلة التي مثّلت فيها التنمية الزراعية وحل المشكلات الريفية شرطًا تنمويًا لازمًا، وسياسة واضحة. ولقد ركّزت معظم الأدبيات التي اهتمت بريف إيران على الإصلاحات، بوصفها نتيجة مباشرة من نتائج المبادرات والمشاريع الحكومية. وعمومًا، يُنظر إلى التنمية الريفية في هذه الأدبيات على أنها "أحد أشكال تدخّل الدولة".
تتغير المناطق الريفية، في غالب الأحيان، نتيجة ما تتخذه الحكومة من إجراءات وما تشهده من تطورات على الصعيدين المحلي والعالمي. وضمن هذا السياق الأوسع، تستعرض هذه الورقة الإصلاحات الريفية الكبرى في إيران الحديثة، مركِّزةً على سيرورات التغير والاستمرارية في قطاع الريف في البلاد. وتقدم خلفية تاريخية موجزة تركّز على التغير الريفي والزراعي قبل الثورة، ثمّ تراجع السياسات الريفية التي طُبّقت بعد الثورة. وتناقش الملاحظاتُ الختامية النتائجَ الرئيسة لهذه السياسات والتحديات التنموية التي تواجه القطاع الريفي، مع التركيز على طبيعة السياسات الريفية ونتائج سياسة التنمية الكبرى Macro Development التي لم يجْر التخطيط لها.