العنوان هنا
تقييم حالة 21 مارس ، 2018

خلفيات إقالة تيلرسون وتداعياتها على السياسة الخارجية الأميركية

أسامة أبو ارشيد

يعمل أسامة أبو ارشيد باحثًا غير مقيم مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. وهو حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسيّة والفلسفة من جامعة لفبرة / بريطانيا، ويقيم حاليا في واشنطن في الولايات المتحدة. نشر العشرات من المقالات والدارسات باللغتين العربية والإنكليزية، كما شارك في تأليف كتابين باللغة العربية عن حركة حماس والمعاهدة الأردنية الإسرائيلية. شارك في العديد من المؤتمرات الأكاديمية، وله كتاب باللغة الإنجليزية في مرحلة الإعداد للطباعة عنوانه: "جدلية الديني والسياسي في فكر وممارسة حركة حماس" وسيصدر عن Cambridge Scholars Publishing.

أقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزير الخارجية ريكس تيلرسون، بعد أربعة عشر شهرًا قضاها في منصبه، وذلك بطريقة مهينة عبر "تغريدة" في 13 آذار/ مارس 2018؛ فقد تمَّ استدعاؤه على عجل من جولة أفريقية لم يكملها. وفي التغريدة ذاتها، أعلن ترامب عن تسميته مدير وكالة المخابرات المركزية "سي آي إيه"، مايك بومبيو وزيرًا للخارجية خلفًا لتيلرسون. ولم يكن خافيًا منذ الأيام الأولى لتعيين تيلرسون أن "الكيمياء" المزاجية والسياسية بينه وبين ترامب لم تكن متناغمة ومنسجمة؛ ما قاد إلى خلافات علنية حادة بين الطرفين وتناقضات في المواقف، ترتب عليها تهميش دوره في الإدارة، بل تهميش دور وزارة الخارجية، على نحو لم يسبق له مثيل في تاريخ الإدارات الأميركية السابقة، لصالح هيمنة البيت الأبيض على السياسة الخارجية إلى حد بعيد. ولم تنحصر مشكلات تيلرسون في الخلافات مع ترامب، بل إنه وجد نفسه معزولًا داخل أروقة وزارته نفسها، من جراء مجاراته رغبات ترامب في خفْض ميزانية وزارة الخارجية لصالح وزارة الدفاع والأجهزة الاستخبارية، وعجزه عن أن يشغل كثيرًا من المناصب العليا الحساسة في الخارجية، بسبب الخلاف حولها مع البيت الأبيض.

أثار قرار ترامب إقالة تيلرسون وتسمية بومبيو خلفًا له تساؤلات كثيرة عن إمكان تغيّر السياسة الخارجية الأميركية في الوقت الراهن، وعن إمكان تحقيقها تناغمًا واستقرارًا أكثر مما كانت عليه، خصوصًا أن بومبيو أشدّ توافقًا مع نوازع ترامب وغرائزه، كما أنه لا يتردد في إبداء الولاء الشخصي له؛ وهو الأمر الذي لم يقبله تيلرسون. ويحتاج تثبيت بومبيو في منصبه الجديد إلى موافقة مجلس الشيوخ الأميركي، التي تعدّ ممكنةً في ضوء سيطرة الجمهوريين على مجلسَي الكونغرس (النواب والشيوخ).